بقلم: محمد حسن حمادة
في قريتي طنان هناك جيل كامل شارك في حرب أكتوبر 1973 حاربوا وهم في ريعان شبابهم منهم من قضى نحبه واستشهد في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن عزة الوطن ومنهم من ينتظر، اشتركوا في أعظم وأهم وأنبل وأشرف وآخر معارك مصر الحربية قاتلوا وانتصروا ثم انصرفوا لحال سبيلهم وكأنهم لم يصنعوا شيئا! ودون أن يطلبوا شيئا! وهذا إن دل فيدل على معدنهم الأصيل فهل تذهب بطولاتهم سدى؟ علمونا أن النصر ينسب لشخص واحد يليه القادة الكبار ونسوا الجندي المصري البطل الأول لهذا النصر الذي لم يبحث عن منصب أو مغنم أو جاه! من هذا المنطلق قررت أن أروي قصص أبطال قريتي طنان حتى لا تتوارى بطولاتهم وتصبح في طي النسيان محاولا الاحتفاء بأبطال قريتي طنان، القرية المنسية التي صنع أبطالها تاريخا مشرفا في حرب أكتوبر 1973. يكتب بحروف من نور، حيث قدمت قرية طنان مجموعة من المقاتلين بين ضابط وجندي وشهيد في حرب أكتوبر المجيدة، شاركوا جميعا في صناعة النصر، كما روى بعضهم أرض الفيروز بدمائهم الزكية الطاهرة، وسالت دماء طنانية شريفة اختلطت برمال سيناء لتطهر الأرض المقدسة من جحافل المحتل الصهيوني فدفعت طنان ضريبة الدم.
لذا أحاول أن أوثق لملحمة أكتوبر، لكن بعدسة أبطال قريتي طنان الذين شاركوا في هذه المعركة الحاسمة وجادوا بالنفس والنفيس من أجل استرداد الأرض والعرض، وسنفتح دفتر النصر لنقص ونروي أوراقا لم تنشر بعد لمجموعة من أبطال طنان الذين وهبوا أرواحهم للوطن وعبروا القناة واقتحموا خط بارليف الحصين وكانوا في مواجهة مباشرة مع جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والبسالة والإقدام وقهروا الجيش الذي لا يقهر مع بقية أقرانهم من أبطال الجيش المصري.
في طليعة هؤلاء الأبطال اللواء عزمي أحمد عدوي هاني”. رحمه الله بطل الظل الذي عاش في صمت ورحل في شموخ، بطلنا من الجيل النادر الذي عاصر خمسة حروب، فعندما كان شبلا صغيرا تفتحت عيناه على العدوان الثلاثي عام 1956، عقب التحاقه بمدرسة الملاحة الجوية العليا بثلاث سنوات في عام 1953 وعندما اشتد عوده شارك في حرب اليمن أو حملة اليمن أو العملية 9000 كما كان يطلق عليها كاسم حركي والتي بدأت في شهر سبتمبر 1962 وكانت أحد الأسباب القوية التي أسفر عنها نكسة يونيو 1967 كنتيجة حتمية، ومن رحم النكسة ولدت حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر 1973.
اشتهر اللواء عزمي عدوي هاني بين أبناء جيله بأنه واحد من أصحاب مدرسة الفكر العسكري المستنير فقد كان مؤمنا أن: الانتصار يبدأ بالعلم والإيمان، والكفاءة قبل الولاء ساعتها سنعبر من حالة الانكسار إلى الانتصار”. لذلك اختارته القيادة ليكون أحد الكوادر التي يتم تجهيزها للمستقبل.
كان بطلنا في مقدمة الصفوف في حرب أكتوبر 1973 في غرفة العمليات الرئيسية التي خطط فيها القادة لهذا الانتصار العظيم، جنبا إلى جنب مع الرئيس السادات وقادة جيش أكتوبر العظام كتفا بكتف مع وزير الحربية أحمد إسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان واللواء عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات، ثم رئيسا للأركان خلفا للفريق سعد الدين الشاذلي، في ديسمبر 1973. والمشير علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي وغيرهم من القادة والأبطال في غرفة القيادة الرئيسية التي كانت تدار منها الحرب في أشهر صورة لنصر أكتوبر هي الأكثر تعبيرا عن هذه المناسبة، جمعته بكل هؤلاء الأبطال تداولتها الصحافة وطيرتها وسائل الإعلام المختلفة، كان ابن طنان هناك في قلب هذا الحدث العظيم كأحد صناعه، كقائد فذ فريد يتابع الموقف الملاحي للطائرات المصرية المقاتله ومدى تنفيذها للطلعات الجوية المقررة التي حققت نسبة نجاح فاقت كل التوقعات، لم يتاجر بهذه الصورة لم يملأ الدنيا ضجيجا، وهذا حقه وفخره، لم يطالب بالثمن كغيره، كان يؤدي واجبه بوطنية، يلبي نداء وطنه بتفان منقطع النظير، كديدن الأبطال الشجعان الذين يتحرقون شوقا لخلاص الأوطان، من رجس بني صهيون.
ورغم أنه كان صديقا شخصيا للرئيس الراحل محمد حسني مبارك لكنه لم يسع أو يطالب بتكريم، وعندما رشح لانتخابات مجلس الشعب في دورتي 1995 وعام 2000 عُرض عليه التنازل مقابل رئاسة مجلس مركز ومدينة قليوب أو المنصب الذي يختاره لكنه رفض بكل إباء وشمم، كيف لبطل مغوار من أبطال أكتوبر أن ينسحب من المعركة؟ كيف لبطل من أبطال أكتوبر أن يبيع أهله أو يساوم عليهم من أجل الظفر بمكاسب شخصية؟ لم يقل أنا ومن بعدي الطوفان، فالفارس الشهم النبيل لا يمكن أن يترجل عن فرسه إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها ويظفر بالنصر أو الشهادة ولا يتنازل عن مبادئه، بل يخسر كل شيء إلا نفسه وضميره، في هذه المواقف تظهر معادن وأخلاق الرجال.
ظل في الخدمة حتى عام 1993 وبعد خروجه من الخدمه عمل كمحاضر بمعهد مصر للطيران ومديرا للعمليات فقد كانت تستعين به وزارة الطيران المدني في كثير من الأحيان لتقديم الاستشارات الفنية نظرا لأنه كان يعتبر أهم خبير في مصر في مجال الملاحة الجوية والطيران.
ولكن ماهي خبراته حتى تستعين به وزارة الطيران المدني ويصنف كأهم خبير في مصر في مجال الملاحة الجوية والطيران؟
درس العلوم الملاحية والطيران الملاحي،
درس التمييز الجوي، الطيران الملاحي على الخطوط الداخلية والخارجية والطيران على القاذفات النفاثة، خبرة في مجال الأعمال الإدارية والتنظيمية، تخطيط وتصميم وتحليل النظم، ممارسة العقود الشرائية وعمل دراسات الجودة الاقتصادية، برمجة الحاسبات الإليكترونية وإعداد وتنفيذ وتخطيط البرامج على الحاسبات الآلية الشخصية والمركزية بملفات مختلفة، وممارسة بحوث العمليات وتدريس علوم الحاسبات الآلية وممارسة أعمال البرامج الملاحية والتوجيه للطائرة azc
وممارسة أعمال الطيران وترحيل الطيران.
اللواء عزمي أحمد عدوي هاني في سطور.
مواليد 20/4/1939.
التحق بمدرسة الملاحة الجوية العليا 6/11/53.
شهادة الملاحة الجوية بعد الثانوية العامة.
بكالوريوس تجارة وإدارة الأعمال.
دبلوم الدراسات العليا في بحوث العمليات.
ماجستير في الاقتصاد.
دبلوم في اللغة الإنجليزية.
مبرمج معمل الطائرة azc
شهادة مٌرحل طائرات.
شهادة ملاح جوي.
كما حصل على عدة فرق أهمها:
فرقة تدريس العلوم الملاحية والطيران الملاحي.
فرقة تحويل على القاذفات ال28.
فرقة تدريس تمييز جوي.
البعثات والمأموريات.
بعثة برمجة الحاسبات الآلية ومبرمج معمل الطائرة azc من الولايات المتحدة الأمريكية.
رحم الله سيادة اللواء عزمي له في رقبتي دين لن أستطيع سداده ماحييت، على أمثال هؤلاء نبكي ونعزي أنفسنا فهؤلاء خير من أنجبت طنان وشرفوها في كل مكان، هؤلاء هم نخبتها وصفوتها وأعلامها، علما وخلقا وأدبا، ونبوغا، وتواضعا، رحم الله ابن طنان البار المشرف اللواء عزمي عدوي هاني أحد أبطال أكتوبر العظام وأحد أبرز قادتها فاللهم اجعل قبره طريقا ممهدا، مفروشا بالنعيم والدعوات تصل به إلى باب الفردوس الأعلى، اللهم أنزل على قبره ملائكة الرحمة، واجعلهُ في نعيم ممدود ورحمة ونور لا ينقطعان إلى يوم يبعثون.
التعليقات مغلقة.