مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الكاتب الكبير عبد الرحمن البنفلاح يكتب عن عناصر القوة في قلب المؤمن

عناصر القوة في قلب المؤمن

بقلم/ عبد الرحمن علي البنفلاح

عناصر القوة في المؤمن أربعة وهي كما وردت في الحديث الصحيح: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قَدَّر الله وما شاء فعل، فإنّ لو تفتح عمل الشيطان» متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.

إذاً، من عناصر القوة في المؤمن أنه إذا أصابه شيء فعليه أن يقول: قَدَّر الله وما شاء فعل، وذلك حين يستقر في وعيه وفي يقينه أن ما أصابه هو قَدَرٌ قَدَّره الله تعالى عليه، ولولا أنه كذلك ما وقع له، حين يستنهض المؤمن عزيمته، ويستعيد وعيه بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بما كتبه الله تعالى له، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بما كتبه الله تعالى عليه، وأنه رفعت الأقلام وجفت الصحف، وأنه لن يحدث للعبد، وعلى العبد إلا ما يشاء الله تعالى.

حين يتحصن المؤمن في هذا الحصن «قَدَّرَّ الله وما شاء فعل» فإن سهام الشيطان ورماحه وسيوفه لن تبلغ من المؤمن مرادها، ولن تحقق أهدافها.

قد يهمك ايضاً:

وكيل وزارة الأوقاف بالغربية يجتمع بمديري الإدارات

دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع…

هذا الحديث الذي صَدَّرنا به هذه الخاطرة أمضى سلاح يتسلح به المؤمن في مواجهة الخطوب، وما يلقاه من محن، وعليه ألا يُضعف مقاومته لمثل هذه المحن، وتلك الخطوب بقوله: «لو فعلت كان كذا وكذا» لأن «لو من أسلحة الشيطان» التي يحاول بها إضعاف إرادة المؤمن، وأن يفل بها عزيمته، وهو لا يملك سلطان حجة ولا سلطان قهر، وإنما هي الوسوسة، وهذه الوسوسة لا تحقق للشيطان ما يريد ويشتهي لولا معونة النفس الأمَّارة بالسوء، والنفس الفاجرة، وسوف يعترف الشيطان يوم القيامة بأنه لم يجبر أحداً من العصاة على طاعته، وإنما هو دعاهم فاستجابوا له مختارين، وإليكم هذا الاعتراف الموثق في أصح كتاب، وهو القرآن الكريم الذي تكفل الحق سبحانه وتعالى بحفظه، وحمايته من اعتداء البشر عليه، قال تعالى: «وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم» إبراهيم/22.

هذا الاعتراف قد استوفى جميع الشروط، وتضمن حقائق يجب ألا تغيب عن وعي المؤمن، وهذه الحقائق يدلي بها الشيطان نفسه، وهي ليست منقولة عنه بحيث قد يغير فيها الناقل ويبدل، وإعلان هذه الحقائق والاعتراف بها جاء في وقت محال أن تكذب الخلائق فيه، إنه يوم العرض الأكبر، وهو يوم يستحيل فيه الكذب أو النفاق أو التزوير، إنه يوم يعترف فيه كل إنسان بما جنته جوارحه، يوم يختم الله تعالى على أفواه الخلق وتتكلم جوارحهم، ويقرأ كل إنسان كتابه بنفسه ويقول العصاة الذين أسرفوا على أنفسهم: «ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً» الكهف/49.

إذاً، فعلى المؤمن أن يصحو من غفلته، ويستيقظ من نومه، ويتنبه لما يحيكه الشيطان له من دسائس ومكائد، وألا يقع في شراكه، وعلى المؤمن منذ البداية أن يواجه وسوسة الشيطان بما أرشدنا القرآن إليه، قال تعالى: «وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم» فصلت/36.

حتى وأنت تصلي إذا حاول الشيطان أن يصدك عن ذكر الله، ويصرفك عما أنت فيه من عبادة ربك، فتوقف واستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ثم عُدْ إلى ما كنت فيه من صلاة، فيعلم الشيطان أنك في حصن الله تعالى، ومتسلح بسلاح الإيمان، وواع لمؤمراته ودسائسه، فلا يصرفك عما أنت بصدده من الخير والطاعة.

إذاً، فليكن شعارك أيها المؤمن القوي هو قولك: «قَدَّر الله وما شاء فعل»، وتحقيقاً لهذا الشعار، ودعماً له عليك أن تحرص على ما ينفعك، وأن تستعين بالله تعالى، وألا تعجز أمام أي بلاء، وكن على ثقة ويقين بأن الله تعالى معك، ومن كان الله تعالى معه فلا يخشى أحدا من خلقه، وعليك أيها المؤمن أن تتأسى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين اجتمع الكفار على الخلاص منه صلى الله عليه وسلم، وقال له صاحبه أبوبكر الصِدِّيق (رضي الله عنه) حين رأى أقدام الكفار عند الغار: لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا، قال له صلى الله عليه وسلم: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.. لا تحزن إن الله معنا، ويقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في إحدى خواطره القرآنية في فهم قوله تعالى: «لا تحزن إن الله معنا» قال: إن الله لا تدركه الأبصار وهو يدركها، ومن كان في معية الله تعالى لا تدركه الأبصار كذلك!!، وصدق الله العظيم: «إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم» التوبة/40.

اترك رد