بقلم – رحو شرقي:
في غَسَقِ المَسَاءِ المُنْكَسِرِ…
وَأُرْجُوحَة لَيْلَة بَارِدَةٌ ، مِنْ أَفْوَاه الكُهُوفِ الجَلِيدِيَّةِ…
ألام وَأُمَالُ…..
حِينَ يَنْكَسِرُ الحُزْنُ مِنْ الأَعْمَاقِ !…
ويَنبعثُ الأَلَم مِنْ الأحداق !.. ترْقــدُ الأَجْنِحَةُ عَلَى البَلُّورِ.
بَعْدَ الْيَأس المُتْخمِ بِنَزْوَةِ المَاضِي ، المَوْشُومَةِ عَلَى الفلذات…. يَلْتَقِي ذَاكَ الشَّيْخُ الهَادِئُ ، بِالفَتَى المَهْزُومِ والمتحسر?!….
وَكَانَتْ نَظْرَاتُه تَسبِّقُ النَّظْرَات!!…..
وَتَنْحُرُ الأَحْزَانَ فِي أعقاره وصيصاء المبيد المحطم !!….
عَلَى وشوشة المَارَّةُ وَالهَمْزَاتُ….
قَالَ أَحَدُهُمْ: …..إِنَّهُ ذَاكَ الشَّابُّ اِبْنُ فلانة بِلِسَانٍ لَاذِعٍ….
وَآخَرُ يَتَكَلَّمُ بِسُخْرِيَّةٍ دَنِيئَةً دُونَ اِسْتِحْيَاءٍ….
هاهاهاها: ذَلِكَ العَجُوزُ يُرِيدُ تَغْيِيرٌ المُسْتَحِيلُ?!…..
وَبَعْضُهُمْ نَظْرَاتُهُ تَخْرُجُ مِنْ أغمادها والمُتَعَطِّشَةُ لِذَلِكَ الجُرْحِ النَّازِفُ فَتَزيُّدُه ألَامًا ?!…..
وَأَنَا بِالقُرْبِ مِنِّ شَيْخِنَا، حَيْثُ يَضَعُ يَدَهُ اللَّطِيفَةَ المتوضئة بِمَاءِ الفَجْرِ عَلَى كَتْفِ ذَلِكَ الشَّابِّ.
كَانَ اللِّقَاءُ بِالقُرْبِ مِنِّ المَسْجِدِ المُطِلِّ عَلَى بَاحَةِ البَسَاتِينِ وَالطَّاغِيَةُ عَلَى أَلْوَانهَا أَشْجَارُ الزَّيْتُونْ?!….
ثُمَّ قَالَ لَهُ بِصَوْتِهِ المموج :
مَا بِكَ يَا بنِّي?!….
قَالَ الفَتَى بقنوط الأَنْفَاس وشهقة الحرف :…………….
يَا سَيِّدِي وَلِدْتُ بِدُونِ نَسَب ؟….
وَلَيْسَ لِي اِسْم مِنْ حُرُوف يُـكْـتَـب ؟!….
حُرِمْتُ مِن الحَــــنَان ….والحب؟! …
وَفِي اليـــَوْمِ أُذْبَّـــحُ مَــرَّة …. وَمَـرَاتْ…؟!…
أنا أَتَعَذَّب ؟!… أَتَعَذَّب ؟!…
آهْ مِنْ مُجْتَمِعٍ لَا يَرْحَم …..
يَا سَيِّدِي …
أنا مُتْعَب…… مُتْعَب….
وقال الشيخ الفاضل : ……..
يَا بُنِي …
لما أنت على هذا الحال ؟!….
أَنْتَ حَلَقَةُ فِي سِلْسِلَةِ النَّسَبْ….
فَا جــعْلَهَا مِنْ ذَهَب….
وَإِذَا قِيلَ لَكَ : …..
مَا هُوَ أَصْلُك ؟….
فَقُلْ لَهُ : ….
وَمَا هُوَ دِينُك ؟….
فَإِذَا قِيلَ لَكَ الإِسْلَام ….
فَقَدْ تَسَاوَيْتُما….
يَا بُنِي …
أَنْتَ تَعِيشُ فِي ظُلْمَةٍ عَلَى الشَّاطِئِ الآخَرِ….
فَحَاوَل أَنْ تَعْــبُّـــــــــر….
نَحْنُ لَا يَهُــمُّـنَا المُـعْــبِـــر…
وَلَكِـــــنّ يَهُـمّـُنَا العَابِـــــر….
يَا بُنِي ….
نَحْنُ ندعـــوا للفَضِــيلَــة….
وَلا َنَحْـكُم عَلَى المُــذْنِـبِـيـن ….
فَــدَعْ الخَلْــــقَ لِلخَـــــــالِق ….
وَحِيــنهَا وَأَنَا أَسْمَعُ لِحِوَارٍ نُورَانِيٍّ ، كَأَنَّهُ زَعَانِفُ مهـج موهجة ، عَلَى أَفْــلَاك النَّجَـــاةِ…..
بَعْــدَهَا عَانَقَ الفَتَى شَيْخــنَا بِحَــرَارَةٍ وَفَيْضٌ، وَالدَّمْــعُ عَلَى خَدَّيْهِ مُنْهَمِرٌ.
قَائـــِلًا:…..
“الحَمْدُ لله إِنَّي مِنْ أُمَةِ مُحَمَّدٌ” صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .