مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

القدس … مدينة السلام…حلقة ( 4 )

3

بقلم دكتور – هشام فخر الدين :

لا شك أن التتبع التاريخى لمدينة القدس يؤكد ما حظيت به وما زالت، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وما تميزت بخصوصية الزمان والمكان. واستكمالاً لحلقاتها في التاريخ المعاصر نجد أنه بالرغم من أن قضية القدس سياسية بجلاء، حيث ينعكس ذلك فى الصراع السياسي وما نجم عنه، حيث من المفترض عدم تأثر وضعها الديني بوضعها السياسي، إلا أنها ظلت قضية دينية وجدانية تحرك السياسة والصراع .

ويلخص هرتزل ما يهدفون إليه في كلمات أنه إذا استولوا يوماً على القدس، وكان لا يزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف يقوم بإزالة كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود، وسوف يحرق الآثار التي مرت عليها قرون.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

فبهذه الكلمات القصيرة لخص هرتزل زعيم الصهيونية السياسات الإسرائيلية المنظمة تجاه القدس منذ احتلالها عام 1948، والتي تكرست أثناء احتلال القدس الشرقية وضمها عام 1967على أيدي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وتهدف هذه العملية إلى فرض وقائع مادية على الأرض تؤكد سيادة إسرائيل على القدس، واعتبارها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.

حيث اتبعت إسرائيل أساليب شتى لتحقيق هدفها المعلن من عمليات تهويد القدس، لعل أبرزها كان الإستيطان الذي ساهم في إنجاح الهدف الإسرائيلي إلى حد كبير، ومع ذلك لم يكن الأداة الوحيدة التي لجأ الإحتلال إليها، فإلى جانب زرع الأحياء الإستيطانية الإلتفافية حول مدينة القدس بهدف تطويقها وعزلها وزيادة عدد المستوطنين اليهود، تقوم إسرائيل بالتضييق على البناء العربي، وتعمل على تقليص عدد المواطنين الفلسطينيين بشتى السبل.

فقضية القدس من أهم وأبرز القضايا التي أرجىء تناولها والتصدى لها، وفقاً لإتفاقيات أوسلو وما سمي بـــــــ مفاوضات الحل النهائي، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بسياساتها الرامية إلى تهويد القدس سعت بكل ما تملك إلى استباق تلك المفاوضات، لحسم الموقف لصالحها من جانب واحد، وبذلك كانت قضية القدس هي المعضلة الأساسية في عملية التفاوض في كامب ديفيد الثانية حول الوضع النهائي.

وفي ظل الظروف التي أوجدتها بريطانيا من أجل إتاحة كافة الفرص لليهود، لتثبيت أقدامهم على الأراضي الفلسطينية، أعلنت بريطانيا اعتزامها الإنسحاب من فلسطين بتاريخ 14 مايو 1948. مما أدى إلى أن أخذت الحركات الصهيونية في تصعيد حرب الإبادة المنظمة، وأعمال العنف باستخدام كافة الأساليب لبث الذعر في نفوس عرب فلسطين لإجبارهم على ترك منازلهم والهروب منها خوفاً من العدو الصهيونى، مما يمكنها من أخذ الأراضي خالية من السكان، وقاموا بأعمال قتل ومجازر بشعة ضد المدنيين، ومنها المذبحة التي نفذتها العصابات الصهيونية في قرية دير ياسين، بالقرب من القدس في 9 نيسان 1948، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من ثلاثمائة شخص بينهم نساء وأطفال وشيوخ، حيث تم إيقافهم بجانب الجدران وإطلاق النار عليهم بشكل عشوائي، والتاريخ الفلسطيني حافل بالكثير من المذابح والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل منذ نشأتها بحق الشعب الفلسطيني.
وبحلول14 مايو 1948 موعد إنهاء الإنسحاب البريطاني من فلسطين تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية، الأمر الذي أعقبه دخول وحدات من الجيوش العربية للقتال إلى جانب سكان فلسطين، حيث أسفرت الحرب عن وقوع القدس الغربية، ومناطق أخرى تقارب أربعة أخماس فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، والتي تجاوز بكثير الأراضي التي نص عليها قرار التقسيم.

التعليقات مغلقة.