مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

“القاسمي” يفجر مفاجأة عن سيناء.. أربعة روافد للإرهاب في أرض الفيروز “الشوقيون”، و”القطبيون” “وجماعة خالد مساعد” والسلفية الجهادية في غزة بامتداها في الأردن

كتب – محمد عيد:

كشف الدكتور صبرة القاسمي، المنسق العام للجبهة الوسطية والخبير في الحركات الإسلامية، عن كيفية انتشار الفكر التكفيري في سيناء وبدايته التاريخية.

وقال “القاسمي” في مقال بعنوان “سيناء الجهادية” بمجلة أكتوبر، إن طبيعة سيناء تساهم في انتشار فكرين، الفكر الصوفي، والفكر السلفي الوهاب، والأخير صادر في بيئة صحراوية شبيهة ببيئة سيناء، في صحراء نجد بشبه الجزيرة العربية.

وفجر “القاسمي” مفاجأة تاريخية في مقاله، مفادها أن بداية الفكر التكفير لم تكن مع جماعة التوحيد والجهاد الذي أسسها طبيب الأسنان السيناوي خالد مساعد، بل سبقت بسنوات، حاصرًا انتشار الفكر الجهادي والتكفيري في سيناء إلى روافد أربعة:

الرافد الأول يتمثل في خلية من الشوقيين، هربت من ملاحقة أجهزة الأمن في الفترة من النصف الأخير من ثمانينات القرن الماضي، والنصف الأول من تسعيناته، سكنت في مزرعة على تخوم العريش، وحاولت نشر أفكار شوقي الشيخ في المجتمع السيناوي، إضافة لعدد من قيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية، الذين توجهوا لسيناء، إلا أن تأثيرهم لا يذكر بالنسبة إلى تأثير أفكار جماعة شوقي الشيخ.

والرافد الثاني، رافد قطبي، متمثل في جماعة “دعوة أهل السنة والجماعة” الممتدة من الشيخ عبد المجيد الشاذلي الرجل الثالث في نشر الفكر القطبي بعد سيد قطب نفسه وأخيه محمد قطب، وتمثلت تلك الجماعة في الشيخ أسعد البيك في العريش، والشيخ حمدين أبو فيصل في الشيخ زويد التي أسست لقضاء جديد في سيناء هو القضاء الشرعي، ليكون بديلا عن قضاء سيناء التقليدي وهو القضاء الرسمي والقضاء العرفي.

والرافد الثالث حسب “القاسمي”، كان في جماعة التوحيد والجهاد، التي أسسها طبيب الأسنان خالد مساعد الذي التقى أعضاء وقيادات الإخوان في كلية الطب جامعة الزقازيق التي انهى دراسته بها، لا سيما وأن الإخوان كانوا منتشرين في تلك الفترة في جميع كليات القمة، إضافة للقائه بعض قيادات وأعضاء الإخوان داخل السجون، ليؤسس بعدها جماعته التوحيد والجهاد.

والرافد الرابع الذي سبب انتشار الفكر التكفيري في سيناء، السلفية  الجهادية في غزة وامتدادها عند منظرها، عصام طاهر البرقاوي، المعروف بأبي محمد عاصم المقدسي، الأردني من أصل فلسطيني، زميل وشيخ أبو مصعب الزرقاوي الأب الروحي  لتنظيم داعش ومؤسس جماعة التوحيد والجهاد في العراق التي تحولت لتنظيم داعش فيما بعد، إضافة لتأثير عمر محمود عثمان المعروف بأبي عمر أو “أبي قتادة الفلسطيني، موضحا أن “المقدسي” كان له الأثر الأكبر حتى أن كتابه “ملة إبراهيم” من أكثر الكتب الجهادية انتشارًا في سيناء.

وأضاف “القاسمي” كما أن بداية الإرهاب في سيناء كان أصله الشوقييين، فإن نهايته كذلك كانت الشوقيين، لا سيما بعد مبايعة تنظيم أنصار بيت المقدس لتنظيم داعش، الذي كان يتحكم في تنظيم داعش وشغل منصب الشرعي الأول به، وهو شاكر نعم الله واسمه الحقيقي حلمي هاشم، أحد أهم قيادات الشوقيين:

وأشاد “القاسمي” بالدور الذي تمارسه القوات المسلحة والأجهزة الشرطية في حربها ضد الإرهاب في سيناء وخارجها، بشكل جفف الإرهاب ومصادره أو كاد، مطالبًا باقي مؤسسات الدولة والأفراد بالعمل بالتوازي مع القوات المسلحة والأجهزة الشرطية للقضاء على الإرهاب عمر أمرين: الأول حصر مقولات الإرهاب وروافده تاريخيًا وفقهيًا، لشن حرب موازية للحرب التي تشنها القوات المسلحة والشرطة، لمواجهة تلك الأفكار المتطرفة وروافدها، ونقل المواجهة على الأرض إلى الناس أنفسهم، والأمر الثاني، الاستعانة بالتجربة المصرية وخبرائها، الذين حاربوا الإرهاب على مدار ثلاثني عامًا كاملة حتى رفعت جميع التنظيمات الإرهابية الراية البيضاء للدولة المصرية.

 

وإلى نص المقال:

 

سيناء الجهادية

راوفد أربعة كانت سببا في انتشار الفكر الجهادي في سيناء، منفصلة ومتشابكة، مختلفة زمنية ومتلاحقة فكريًا، تتقارب حقبها وتتلاحق سريعا لتنشر الفكر الجهادي، الذي يتجاوز الجهاد إلى التطرف والتكفير.

قد يهمك ايضاً:

لسيناء مكانة خاصة لدى مصر والمصريون، توارثها المصريون قبل التاريخ المكتوب، المصريون في عهد دولتهم الأقدم في التاريخ أعطوا لسيناء أهمية كبرى، يعود تاريخ سيناء إلى ما قبل ذلك بكثير، لكن أول ما وصل إلينا مكتوبا كان في عهد الملك سمرخت سابع ملوك الأسرة الأولى، في عام 3200 قبل الميلاد، قاد حملة عسكرية لتأمين مناجم الفيروز بالقرب من أبو زنيمة جنوب سيناء، ونقش أخبار حملته على قطعة من الصخر، ما زالت موجودة واضحة رؤي العين، وتوالت آثار الفراعنة واهتمامتهم بسيناء ليتوالي التاريخ المكتوب بعد ذلك عن سيناء.

طبيعة سيناء منذ الأزل وحتى الآن، أثرت في طبائعها سكانها وزوارها، فالبيئة تؤثر بشكل الإنسان خارجيا وداخليا، طبيعة صحراوية، تتشابك فيها الجبال بعضها إلى جوار بعض، مع جمال لا مثيل له في أراضٍ أخرى سواء جمال الجبال والوديان أو جمال الشواطئ والبحار.

فرضت تلك الطبيعة صفات ما زال أهالي سيناء يتصفون بها، البساطة، والعمق، والشهامة والنجدة والمرؤة، والأرتباط بالقبلية والعائلة، وغلاف من الغلظة باطنه رقة يتصف به جميع سكان الصحراء في كل العالم.

تلك الصفات تجعل من سيناء مرتعًا لانتشار فكرين لا ثالث لهما، الفكر الصوفي.. الذي انتشر وما زال منتشرًا بشدة بين أبناء سيناء، والفكر السلفي الوهابي الصادر من صحراء مماثلة في صحراء نجد بشبه الجزيرة العربية.. ذلك الفكر الذي ظهر لمحاربة الفكر الفكر الصوفي ومذهب الأشعرية ومتكلمة أهل السنة.

الفكر الجهادي والتكفيري.. بدايته في سيناء على عكس تأريخ المؤرخين، سابق على جماعة خالد مساعد “جماعة التوحيد والجهاد” التي تأسست في سيناء عام 2000م.

روافد أربعة لانتشار الفكر التكفيري في سيناء جماعة أشد عنفًا وتكفيرًا سواء في الأفعال أو في الأفكار.. جماعة كانت تكفر حتى أعضاء الجماعات الأخرى.

نتيجة للضربات الآمنية المتلاحقة والمتكررة والمتابعتة المستمرة لنشاط جماعة شوقي الشيخ “الشوقيون”.. قررت خلية من خلايا الشوقيين التي ضاقت ذرعًا بملاحقة أجهزة الأمن لها، والقبض المستمر على أعضائها، الهروب والهجرة إلى أراضٍ جديدة، يمكنهم الاختبار بها، وفي الفترة ما بين النصف الأخير من ثمانينيات القرن الماضي والنصف الأول من تسعيناته، انتقلت الخلية إلى مدينة العريش بشمال سيناء، سكنت في مزرعة على تخوم العريش، في تلك الفترة، اجتهد أعضاء خلية الشوقيين الهاربة إلى سيناء إلى نشر فكرهم أو على الأقل مقولاتهم الجهادية الغريبة على أهل سيناء مثل تكفير الحاكم وتكفير من لم يكفر الحاكم، وتكفير المجتمع بكامله، واستحلاله.

استدراكًا للأمر لم يكن الشوقيون وحدهم أول من غزوا سيناء بذلك الفكر، تجاوز الأمر إلى بعض قيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية التي انتقلت مؤقتا إلى سيناء –وبعضهم حي يرزق- إلا أن تأثيرها لا يكاد يذكر.

الغريب في الأمر أن تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء الذي بايع داعش، واعتبر ممثله في مصر.. بدايته الأولى أو على الأقل بذرة أفكاره كانت مع خلية الشوقيين، وتوجيهاته الأخيرة كانت من أحد قيادات جماعة الشوقيين الذين انضموا إلى داعش شاكر نعم الله واسمه الحقيقي حلمي هاشم.. أحد قيادات الشوقيين.. وأحد منظري تنظيم داعش وأهم شرعييها من الشوقيين نبدأ وبها ننتهي.

الرافد الثاني كان الفكر القطبي.. متمثلًا في جماعة “دعوة أهل السنة والجماعة” الممتدة من الشيخ عبد المجيد الشاذلي، الرجل الثالث في الفكر القطبي بعد سيد قطب وأخيه محمد قطب.. تلك الجماعة التي تمثل قطباها في سيناء في الشيخين أسعد البيك في العريش.. والشيخ حمدين أبو فيصل في الشيخ زويد، وكان من انتشارهما أنهما كانا بديلًا عن القضائين الرسمي والعرفي المتشر به أهل القبائل والمعتد به رسميا.. ليؤسسا ما عرف في سيناء بالقضاء الشرعي.. وإحقاقًا للحق لم يعرف للرجلين ودعوتهما نشاط جهادي إلا نشر أفكار مثل الواء والبراء والحاكمية، وجاهلية المجتمع، ومحاولة تغيير المجتمع والقضاء على جاهليته وفقا لآراء سيد قطب.

الرافد الثالث، كان خالد مساعد، طبيب الأسنان الذي تخرج من كلية الطب جامعة الزقازيق، والتقى الإخوان هناك، الذين انتشروا وبشدة في جامعات مصر، لا سيما كليات القمة، والتقى بعضهم في داخل السجون، وأسس جماعة التوحيد والجهاد متأثرا بالرافدين السابقين، إضافة لتأثره بفكر الإخوان وحركيته وتنظيمه، ما جعله يؤسس أول جماعة تنظيمية في سيناء لها هيكل تنظيمي وأجنحة عسكرية وفقهية، تلك التي تطورت حتى أصبحت أنصار بيت المقدس التي بايعت تنظيم داعش المتشرنق حاليًا.. يعد العُدة لظهور جديد.

الرافد الرابع، السلفية الجهادية في غزة وامتدادها في الأردن حتى المنظر الأهم لها عصام طاهر البرقاوي المعروف بأبي محمد عاصم المقدسي..الأردني من أصل فلسطيني زميل وشيخ الأب الروحي لتنظيم داعش ومؤسس جماعة التوحيد والجهاد في العراق أول أطوار تنظيم داعش في العراق “أبو مصعب السوري” والطرف الآخر لذلك الرافد فلسطيني آخر هو عمر محمود عثمان، المعروف بأبي عمر و”أبي قتادة الفلسطيني” إلا أن الأخير لم يكن له نفس أثر أبو محمد المقدسي، حتى أن مؤلفه “ملة إبراهيم” كان المؤلف الأكثر انتشارًا في سيناء.

في حربها ضد الإرهاب.. تمارس القوات المسلحة دور بطولي مشرف، ليس فقط في سيناء، بل في ربوع مصر كلها.. وضعت يدها مع يد الأجهزة الشرطية، ليرسما معا تاريخا ملحميًا في مواجهة الإرهاب ضحوا بالغالي والنفيس من أجل القضاء عليه.. وجاد خيرة شباب الوطن من أبنائنا في القوات المسلحة والشرطة بأرواحهم للقضاء على الإرهاب.. حتى جف أو كاد.

الجدليات تسبق الآليات.. و المواجهات الأمنية دائمًا ضد أشخاص وليس ضد أفكار، ضد حملة الأفكار وتجسيدها وليس ضد الأفكار نفسها وإذا انتهى الأشخاص فإن الأفكار تستمر لذا وجب إلى جوار الحرب الأمنية لا سيما في سيناء، كما تمارس قواتنا المسلحة والشرطة دورها ببسالة فإن على المؤسسات الأخرى والأفراد أن يقوموا بدور في حرب فكرية يقودها كل من له قدرة في ذلك في المؤسسات أو بين الأفراد، ومن ضمن تلك الحرب الفكرية ضرورات منها: تحديد الروافد الأربعة التي نشرت الإرهاب في سيناء تاريخيا وفكريا والرد على تلك المقولات والأفكار بعد حصرها تاريخيًا وفقهيًا، ونقل أفكار المواجهة إلى الأرض في سيناء وخارجها، والاستعانة بالتجربة المصرية الفريدة وخبرائها في القضاء على الإرهاب الذي ضرب مصر أكثر من ثلاثين عامًا تكللت برايات بيضاء رفعتها التنظيمات الإرهابية.. دون ذلك فإن سيناء تظل “جهادية”.

 

اترك رد