كتب: عبد الرحمن هاشم
تتزايد معدلات زيادة الوزن والبدانة بين البالغين والشباب والأطفال في بلدان شرق البحر المتوسط والشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وفي العديد من البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع، تعاني نصف النساء البالغات (50.1٪) وأكثر من اثنين من بين كل خمسة رجال (43.8٪) من زيادة الوزن أو البدانة. وفي بعض البلدان، يعاني أكثر من 15٪ من الأطفال وأكثر من نصف المراهقين من زيادة الوزن أو البدانة.
وفي ورشة عمل مشتركة حول “الاستفادة من النظم الغذائية لمكافحة البدانة في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا”، اختتمت اليوم، دعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية الحكومات إلى إجراء تحول في النظم الغذائية لتمكين المجتمعات والأفراد على اتخاذ خيارات صحية وتناول طعام صحي.
وأسباب البدانة واضحة للغاية، وتتراوح ما بين عدم توفر التغذية المثالية للجنين، وممارسات التغذية غير الطبيعية للرضع والأطفال، وتوافر الأطعمة غير الصحية والترويج لها بشكل متزايد، وقلة الوعي والتعليم والخمول البدني. ورغم أن جزءً من الحل يكمن في التثقيف التغذوي الأفضل، إلا أنه يعتمد أيضاً على توفر طعام متنوع وعالي الجودة ومتنوع، بما في ذلك المنتجات الطازجة. ويتطلب هذا وجود صلة أوثق بين منتجي الأغذية والمستهلكين لفائدة الطرفين.
وينظر نهج “النظم الغذائية” في التعامل مع البدانة إلى السلسلة الغذائية بأكملها، من المزرعة إلى الطبق، ويسعى إلى تشجيع التغييرات في طريقة إنتاج الأغذية ومعالجتها وتوزيعها واستهلاكها. ويشمل خفض استهلاك الأغذية المصنّعة للغاية وتقريب المنتجين من المستهلكين.
وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية: “تعتبر النظم الغذائية غير الصحية أحد الأسباب الرئيسية التي تسهم في عبء الأمراض غير السارية في إقليم شرق المتوسط، كما أن معدلات الرضاعة الطبيعية التي تحمي من البدانة والأمراض غير السارية في مراحل لاحقة من الحياة، منخفضة جدا”.
وأضاف: “رغم ذلك يمكن معالجة البدانة والأمراض غير السارية من خلال نظم غذائية بتركيز أكبر على تشجيع الرضاعة الطبيعية وزيادة استهلاك الفواكه والخضروات وتطبيق استراتيجيات لخفض كميات الملح والدهون والسكر”.
وقال عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للفاو في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا “من الأرجح أن يتخذ الأشخاص خيارات صحية أكثر عندما يكون الطعام المغذي متاحاً بسهولة ومألوفاً وبأسعار معقولة”. وأكد أن “إتاحة أنظمة غذائية بأسعار معقولة وصحية أمر ممكن إذا أقرت الحكومات سياسات وقوانين عامة تهدف إلى التأثير على البيئات الغذائية بهدف توفير وجبات غذائية صحية”.
كما أكد ولد أحمد في كلمته على أن اعتماد المنطقة على واردات الأغذية آخذ في الازدياد، وقال إن ذلك “يمكن أن يسهم في زيادة الوزن والبدانة. كما أن أسواق الغذاء العالمية زادت من إمكانية الوصول إلى الأغذية فائقة التجهيز التي تعتبر رخيصة للغاية، ولكن مليئة بالطاقة وفقيرة بالمغذيات وترتفع فيها نسبة الدهون والسكر والملح”، ولذلك فإنه “يتعين على الحكومات أن تفكر في الطريقة التي يتم بها إنتاج الغذاء، وكذلك كيفية معالجته وتخزينه وتوزيعه وتسويقه واستهلاكه”.
تعزيز نظام غذائي صحي
تعتبر النظم الغذائية غير الصحية أحد عوامل الخطر الرئيسية المسببة لمجموعة من الأمراض غير السارية، بما في ذلك النوبات القلبية، والسكتة الدماغية، والسرطان، والسكري وغيرها من الحالات المرتبطة بالبدانة. وتشمل التوصيات المحددة لنظام غذائي صحي: تناول المزيد من الفاكهة والخضروات والبقوليات والمكسرات والحبوب، وخفض الملح والسكر والدهون. ومن المستحسن أيضاً اختيار الدهون غير المشبعة بدلاً من الدهون المشبعة.
التغلب على زيادة الوزن والبدانة والأمراض غير السارية
وقال الدكتور أحمد المنظري: “إن تحسين العادات الغذائية مشكلة اجتماعية وليست مجرد مشكلة فردية، وهي جزء لا يتجزأ من الهدف الثاني للتنمية المستدامة، وبالتالي، فإنه يتطلب نهجاً قائماً على السكان ومتعدد القطاعات والتخصصات، كما يجب أن يكون نهجاً يلائم ثقافة السكان”.
وأكد السيد عبد السلام ولد أحمد أن “حصول الجميع على الأنظمة الغذائية الصحية أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ويجب على الأنظمة الغذائية في المستقبل تقديم أغذية صحية وعالية الجودة للجميع مع الحفاظ على البيئة”.
- يمكن للحكومات تحويل النظم الغذائية لتحسين الوصول إلى وجبات صحية بأسعار معقولة، وكذلك وضع وتنفيذ سياسات تعزز/ تطبعّ الأكل والمعيشة الصحيين.
- يمكن لمجموعات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، العمل مع الأفراد والمجتمعات لتثقيف ونشر الرسائل الرئيسية حول الآثار الفعالة لزيادة الوزن والبدانة على الصحة أثناء الطفولة والبلوغ، وكذلك أهمية تبني سلوكيات صحية مثل الممارسات الغذائية الجيدة والحياة النشطة.
- يمكن أن يساعد القطاع الخاص في تقريب المستهلكين من المنتجين، وتعزيز النظم الغذائية الأكثر صحة واستدامة.
- يمكن للأفراد والأسر تبني سلوكيات صحية، وتبادل الخبرات، وكذلك طلب الدعم ودعم الآخرين.