مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

العنف في المدارس : قرارات صارمة ولكن ماذا عن دور المدرسة نفسها؟

بقلم الكاتبة -زينب مدكور عبد العزيز: 

 

شهدت الأيام الماضية موجة من العنف داخل المدارس، جعلت وزارة التربية والتعليم تتخذ قرارات حاسمة لردع الظاهرة، مثل إلغاء امتحانات الطلاب المتورطين في العنف، والفصل النهائي لمن يعتدي على زملائه أو معلميه، حتى لو كان ولي أمر الطالب هو الجاني .

 هذه القرارات بلا شك ضرورية وعادلة، 

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه : 

هل المدرسة نفسها بريئة من هذه الظاهرة؟

 

المدرسة ليست مجرد مبنى .. بل مصنع للعدالة والمساواة

 

المدرسة ليست مجرد مكان يتلقى فيه الطلاب العلوم، بل هي مؤسسة تربوية تُشكّل فكرهم وسلوكهم. ولكن ماذا يحدث عندما تكون المدرسة نفسها جزءًا من المشكلة؟ عندما يشعر الطالب بأن هناك ظلمًا يقع عليه، سواء بسبب المحاباة، أو التمييز، أو الفساد الإداري، فإن ذلك يخلق بيئة خصبة للعنف والتمرد.

 

1- غياب العدالة يولد الغضب

عندما يجد طالب أن مجهوده لا يُقدَّر، بينما زميله الذي لديه “واسطة” يحصل على الامتيازات، يشعر بالقهر. عندما يُعاقب طالب على خطأ بسيط، بينما آخر يرتكب أخطاء جسيمة ويُترك دون محاسبة لأنه “ابن فلان”، فإن ذلك يغذي مشاعر الغضب والتمرد لدى الطلاب وأولياء الأمور.

 

قد يهمك ايضاً:

جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض الكتاب يناقش “الإفتاء…

وكلاء الذكاء الاصطناعي – مستقبل التعلم

2- المعاملة القاسية تخلق العنف

بعض المدارس تتعامل مع الطلاب بطريقة عقابية قاسية، تُهينهم بدلًا من تهذيبهم. مدرسون يستخدمون أساليب الإذلال بدلًا من التربية، وإدارات تعليمية لا تستمع لشكاوى الطلاب وأولياء الأمور، بل تتعامل معهم وكأنهم “أعداء”. هذه البيئة العدائية تدفع بعض الطلاب إلى العنف كرد فعل على الظلم.

 

3- غياب الدعم النفسي والاجتماعي

الطالب الذي يمارس العنف ليس دائمًا “بلطجي” بالفطرة، بل ربما يكون ضحية. ربما يتعرض للتنمر، أو يواجه مشاكل نفسية، أو يعيش ظروفًا صعبة في المنزل دون أن يجد في المدرسة من يساعده. غياب الأخصائيين الاجتماعيين، وتجاهل المدارس لدورها التربوي، يحوّل الطلاب إلى قنابل موقوتة.

 

المشكلة لا تبدأ من الشارع.. بل من داخل أسوار المدارس

 

عندما يشتكي ولي أمر من ظلم وقع على ابنه، ولا يجد من يسمعه، ربما يلجأ إلى أساليب غير سليمة للدفاع عنه. عندما يرى الطالب أن الغش هو الطريق الأسهل للنجاح، بينما الاجتهاد لا قيمة له، يشعر بالإحباط. عندما تُمارس المدارس سياسة “الكيل بمكيالين”، يصبح رد الفعل الطبيعي هو الغضب، والذي قد يتحول إلى عنف.

 

القرارات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم ضرورية، لكن لا بد من أن تعيد الوزارة النظر في أداء بعض المدارس، وأن تُحاسب الإدارات التي تُسهم في خلق بيئة غير عادلة. العقوبات وحدها ليست حلًّا، لا بد من إصلاح النظام التعليمي نفسه، وغرس القيم الحقيقية للعدالة والاحترام داخل المدارس قبل أن نطلب من الطلاب احترامها خارجها.

 

رسالة أخيرة

 

نعم، هناك طلاب يحتاجون إلى الحزم، وأولياء أمور يشجعون أبناءهم على البلطجة، ولكن هناك أيضًا مدارس تُخطئ، وإدارات تزرع الظلم، ومعلمين يحتاجون إلى التأهيل. قبل أن نحاسب الطلاب وأولياء الأمور، علينا أن نتأكد أن المدرسة نفسها تستحق أن تكون نموذجًا للعدل والانضباط. لأن الطالب الذي يشعر بالعدالة لن يحتاج إلى العنف ليأخذ حقه.