العلاقات العامة وصناعة القرار
بقلم -الدكتور: أحمد عبد الفتاح عيسى
إن للقرار أهمية فى حياتنا جميعا ،،نحن من نعيش على وجه هذه البسيطة ،،،وتعود أهمية القرار فى كونه اللبنة الأولى فى تشكيل مستقبل الأفراد والأمم والحضارات .
والعلاقات العامة فى المؤسسات والدول هى الجهاز المنوط به دراسة إتجاهات الرأى العام وتغييره وتشكيله ،ومن منطلق كونى رجل علاقات عامة وأقوم بتدريس هذه الصنعة ،فقد من الله عليا بعد بحث طويل بإبتكار معادلة لصناعة القرار وترويضه ،أهديها لكم فى نهاية مقالى هذا .
ولكن هل تفكرنا يوما فى كيفية إتخاذ قرار ناجح وصائب !!
إن إتخاذ القرار لا يتوقف فقط على القدرة فى إتخاذه أو إنفاذه ، وإنما يكمن أيضا فى دراسة أربعة متغيرات لابد للجميع وللقادة السياسيين على وجه الخصوص أن يضعوها نصب أعينهم على مائدة إتخاذ القرار .
هذه المتغيرات الأربعة على النحو التالى :
١- الأزمنة : إن متغيرات الزمن تجعل من الواجب على متخذ القرار أن يضع فى حسبانه أن للقرار إرتباط وثيق بعامل الزمن ،،فما يصلح بالأمس ليس شرطا أن يصلح اليوم ، وما يصلح اليوم ليس شرطا أن يصلح فى الغد .
٢- الأمكنة : إن للمكان أيضا دوره المهم فى بلورة نجاح أى قرار متخذ ،،فما يصلح فى مكان ليس شرطا أن ينجح فى مكان أخر ،فعلى سبيل المثال ،،ليس شرطا نجاح مشروع طواحين الهواء التى يستمد منها الكهرباء فى مكان ،،أن يقوم أشخاص فى مكان أخر يتمتع مثلا بظروف مناخية مغايرة ،بتصميم مشروع طواحين الهواء .
٣- الجمهور : إن التركيبة والتنوع الديموغرافى لجمهور ما تؤثر حتما ،سلبا وإيجابا فيما يتخذ معه من قرارات ويطبق عليه من سياسات ،فمن أغفل هذا المتغير وأسقطه من حساباته ،فلا شك أن قراره قد يكون سببا فى سقوطه من فوق منصة صنع القرار .
٤- العوائد : المتغير الأخير فى صناعة القرار هو ما سيعود على متخذ القرار من تطبيقه وتنفيذه لهذا القرار ،إذ ليس من الحكمة أن يقوم مثلا إنسان عطشان معه قدر ضيئل من الماء ويسير فى الصحراء لمسافة طويلة ،بشرب كل الماء الذى معه مرة واحدة ليروى عطشة ويلطف عن نفسه من حرارة هذا الجو القاسى ،،لأنه بذلك لا شك لن يستطيع مواصلة السير فى مثل هذا الجو وقد يموت عطشا .
وجاء الأن دور المعادلة التى أبتكرتها لصناعة القرار وترويضه وسأقوم بكتابتها أولا ثم شرحها :
معادلة ترويض القرار
P+N+P+S+I=5
الإيجابيات + السلبيات + الإمكانيات + الملائمة + المرغوبية = 5 .
إن أى قرار سليم لابد أن يحصل على مجموع خمس درجات فى هذه المعادلة أو أربعة درجات أو ثلاثة ،،،وما لم يحصل أى قرار على درجة من هذه الدرجات ،،فهو قرار لا ينصح بإتخاذه أو إنفاذه ،إذ أنه سيكون قرار عديم الجدوى أو إن شئت فقل درب من العبث .
ودعونا نقترب أكثر من هذه المعادلة .
إن أى قرار سليم لابد أن تكون له إيجابيات ،،ومتى توفرت هذه الإيجابيات ،فيجب التعويض عنها ب 1 .
وإذا كانت هناك سلبيات للقرار قمنا بالتعويض عن السلبيات ب -1 .
أما إذا كانت السلبيات غير متوفرة فى القرار ،،فنقوم بالتعويض عنها ب +1 .
إذا كانت هناك إمكانية وتوفرت الأدوات اللازمة لتطبيق القرار ،،قمنا بالتعويض عنها ب +1 ، أما إذا غابت فنقوم بالتعويض عنها ب -2 .
الملائمة : إذا كان القرار ملائم للتطبيق قمنا بالتعويض عنها ب +1 ، أما إذا عملنا أن القرار غير ملائم وذلك بناءا على المتغيرات الأربعة التى شرحتها قبل شرحى للمعادلة ،،فنقوم بالتعويض عنها ب -2 .
المرغوبية : إذا كان القرار مرغوبا فيه من الجهات المتأثرة بصناعته ،فإننا نقوم بالتعويض عنها ب +1 ، أما إذا كان غير مرغوبا فيه من الجهات المتأثرة بصناعته أو الجمهور المحيط فإننا نقوم بالتعويض ب -2 .
ودعونا ندرس سد النهضة نموذجا وتوجيه ضربة جوية مصرية له قبل إتمامه !!
الإيجابيات : توجد إيجابيات ملموسة وأولها إنقاذ مصر من الخطر المحدق بها ،،فلذلك يحصل على +1 .
السلبيات : توجد سلبيات وهى توتر الأوضاع فى المنطقة وإحتمالية حرب دولية ، لذلك يأخذ هذا المتغير -1 .
الإمكانية : متوفرة لدى مصر ،،ويمكنها توجيه ضربة بسهولة ،،لذلك نقوم بالتعويض عنها ب +1 .
الملائمة : طبعا لظروف الإقتصاد المصرى فإن هذا القرار غير ملائم تماما ،وبذلك يحصل هذا المتغير على -2 .
المرغوبية : توجد مرغوبية من الجمهور المصرى فى الإقدام على هذه الخطوة ،لذلك نقوم بالتعويض عن هذا المتغير ب +1 .
وبجمع أطراف المعادلة يتضح لنا أن قرار ضرب سد النهضة من قبل مصر يحصل على مجموع صفر ،،وبذلك فإن الحل العسكرى لا يمكن أن يكون الحل النموذجي لهذه القضية …..