العسل العُماني قيمة غذائية ومكانة عالمية ومهنة يمارسها العمانيون منذ القدم
كتب – سمير عبد الشكور:
يحظى العسل العُماني الطبيعي بشهرة عالمية واسعة وقيمة غذائية بين المستهلكين مما جعل سوقه يشهد إقبالاً كبيرا من مختلف شرائح المجتمع الذين يتهافتون على شرائه متى ما توفر في السوق، وذلك لأغراض علاجية او لاستخدامه ضمن الأطعمة.
وتجميع العسل مهنة كان يمارسها العُمانيون منذ القدم قبل أن تعرف كحرفة تهتم بها المؤسسات الحكومية المعنية بالزراعة ويتم بعدها دعم المهتمين بتجميع العسل من مزارعين ومربي ماشية ونحالين بأدوات خاصة ويتم تأهيلهم وتدريبهم عمليا على النحالة بهدف إنتاج العسل لأغراض تجارية.
وتشتهر سلطنة عُمان بإنتاج عدة أنواع من العسل أشهرها عسل (البرم) وهو من أجود الأصناف وكذلك عسل (السدر) ويتم جني أو تجميع العسل طوال العام إلا أن أجود أصنافه تلك التي يتم انتاجها خلال الفترة من شهر مارس وحتى نهاية شهر مايو، حيث يقوم النحل بامتصاص رحيق الاشجار والاعشاب البرية لا سيما اشجار “السمر” التي تزهر خلال هذه الفترة، ويكون لون العسل عادة أقرب للسواد بخلاف عسل السدر الذي يكون لونه بنيا فاتحا.
كما توجد أنواع عدة من (نحل العسل) فهناك المحلي المعروف بأبي طوق او طويق (الرستاقي) وهو الصغير حجماً، وهناك نوع آخر يعرف محليا بـ”الفارسي” وهو الأكبر حجماً مقارنة بالنوع الأول وتوفر خلية نوع النحل الفارسي كميات عسل أوفر مقارنة بخلية “أبو طويق”.
تتم عملية البحث عن العسل عن طريق مراقبة النحل الذي يرد الى الماء وخاصة في الصباح الباكر، حيث يقوم العسال او العسالة (النحالون) بمراقبة ذباب النحل حتى يصدر (يؤوب) الى النكفة أو النفتة (خلية النحل) اما بالعين المجردة او من خلال الاستعانة بالمنظار ثم يحاول بعد ذلك تحديد الاتجاه الذي يطير نحوه ذباب النحل لتبدأ مرحلة البحث عنه سواء في المرتفعات الجبلية كالكهوف او في بعض الاشجار الجبلية او في المزارع وبساتين النخل والأشجار الاخرى المختلفة.
وبعد أن يتم العثور على خلية النحل يقدر العسال (النحال) بخبرته كمية العسل الموجود في الخلية على ضوء حجمها، حيث يقوم بتجميعه إذا كانت الخلية كبيرة، اما إذا كانت الخلية صغيرة فانه ينتظر لوقت معين حتى تكون فيه كمية العسل مناسبة وبالتالي يقوم بجني العسل.
ويقوم النحالون في البحث عن العسل اما في مجموعات او كل على حده، وقد يتنقل البعض من مكان لآخر، فيما لا يتعدى البعض حدود منطقة سكناه بما فيها الاودية والسيوح والجبال او المناطق المجاورة لها.
وتتم عملية تجميع او جني العسل عندما يقوم العسال (النحال) بهدوء بإزالة (ذباب النحل) عن الجزء العلوي من الخلية حيث مخزون العسل، ولوقاية نفسه من لسع النحل يقوم بارتداء ملابس تخفي جسده بما فيها الوجه الذي يغدو ملثما فيما يتم تغطية الاجزاء المكشوفة كاليدين بغطاء بلاستيكي او قفاز.
ويحرص العمانيون على تواجد العسل في موائد الطعام، خاصة في أيام الاعياد التي يتناولون فيها اللحم بالعسل، أو في الوجبة المعروفة محليًا (بالجولة) التي يعد العسل من مكوناتها الرئيسية وكذلك يستخدم العسل العماني كعلاج ، حيث يساعد على تسريع الشفاء، خاصة استخدام العسل الحولي (الذي مر عليه حول كامل) لأنه الانفع علاجيًا، ويسهم في تحسن البنية الجسمية الضعيفة للأشخاص وتقويتها.