مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

العالم اليوم هل سيبقى يتفرج على لعبة كرة الطاولة بين إيران ـــ إسرائيل ..؟ 

بقلم – المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات 

 

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : مدرسة جبر الخواطر

أنور آبو الخير يكتب: بين طيات الحزن

 أن القيادة الإيرانية مدركة الآن أكثر من ذي قبل لدقة المرحلة ألتى تعيشها بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة، وأن التوظيف في إمكان التوصل إلى فرض معادلة واضحة تقوم على التخلي عن حقها في الرد مقابل التوصل إلى إتفاق لوقف طلاق النار في لبنان وغزة ضمن الشروط ألتي لا تسمح بإلحاق الهزيمة بحليفيها حزب الله في لبنان وحماس في غزة، يشكل مخرجاً منصفاً لكلا الطرفين للأبتعاد من التصعيد والمواجهة المفتوحة ألتي قد تتحول إلى ما يشبه لعبة كرة الطاولة بينهما حتى الإنهاك، بأنتظار من ستكون له الضربة الأخيرة، إلا أن طهران تدرك أن الفشل في التوصل إلى هذه المعادلة يعني أنها ستكون مجبرة على الذهاب إلى خيار الرد من أجل إستعادة قدرة الردع والدفاع عن سيادتها، بخاصة إذا تزامن فشل الجهود السياسية للحل مع عدم إقرار مجلس الأمن قراراً يدين الإعتداء الإسرائيلي عليها تحت البند السابع، وما يعنيه من إمكان فرض عقوبات على تل أبيب، وإذا لم يكتب لمسار السلم الذي ترغب فيه طهران أن يتحقق فإن خيار التصعيد سيكون الوحيد المتاح أمامها، وعندها ستكون الأمور واضحة بصورة كبيرة لدى القيادة الإيرانية وأن الهدف من الإستمرار في الحرب ومحاولة تل أبيب جرها إلى مواجهة مفتوحة يهدف إلى الحاق الهزيمة بها وإضعافها، وسحب جميع أوراق القوة الإقليمية من يدها من بوابة توجيه ضربة قاسية وقاسمة لحليفه الأول ورأس حربتها في لبنان، وبالتالي إجبارها على العودة لداخل حدودها والتخلي عن كل طموحاتها الإقليمية والإستراتيجية لتكون لاعباً فاعلاً في معادلات المنطقة، والذهاب الإيراني إلى خيار التصعيد قد يكون محفوفاً بأخطار كثيرة في مقدمها إنكشاف الساحة الداخلية أمام الهجمات الإسرائيلية، بخاصة إذا صدقت مقولة المتحدث بأسم الجيش الإسرائيلي “دانيال هاغاري” بعد الهجوم الفاشل على إيران بأن أجواء طهران باتت مكشوفة أمام سلاح الجو الإسرائيلي، وذلك بعد ضرب أجهزة الردارات ألتى تشغل منظومة الدفاع الجوي، وأن أي هجوم إسرائيلي واسع، والذي لن يكون من دون دعم أميركي وغربي علني أو سري، سيضع إيران أمام أخطار كبيرة لا تقف عند حدود خسارتها لحلفائها الذين سيواجهون حرباً مفتوحة لأقتلاعهم، في ظل أنشغال إيران بما يعد لها في الداخل ومن الخارج، وسيكون مصير النظام الإيراني على المحك ومهدداً بشكل جدي، مما قد يدخل المنطقة في مرحلة شديدة التعقيد ومفتوحة على جميع الأحتمالات، ما لم تتوسع لتتحول إلى حرب شاملة، وقد لا تكون طهران غير قادرة على الحد من التداعيات السلبية عليها إذا ما ذهبت إلى الخيار التصعيدي، لكنها في الوقت نفسه أمام تحد من نوع آخر يرتبط بجدوى الدبلوماسية الإقليمية بقيادة عميد الدبلوماسية الإيرانية الدكتور عباس عراقجي ألتي مارستها خلال الأسابيع الاخيرة بإتجاه دول المنطقة ومنها الأردن، وألتى قد لا تكون كافية لضمان بقائها على طاولة الحلول المقبلة، وقد تؤدي إلى خسارة شراكتها في صنع وصياغة الحلول في المسألتين اللبنانية والفلسطينية، ما لم تبادر إلى إطلاق مبادرة سياسية تتضمن رؤية جديدة ومختلفة عما سبق أن أعلنته لهذه الحلول، إذ تضمن لها أو تساعدها في البقاء شريكاً وفاعلاً في صنع المعادلات المقبلة، وكان الهجوم الجوي الإسرائيلي المركب الذي تعرضت له الأراضي الإيرانية، بخاصة العاصمة طهران ومحافظتي خوزستان وإيلام، قد أعاد خلط الأوراق أمام النظام الإيراني الذي أعتبر بأنه استطاع إستعادة قوة الردع في الهجوم الصاروخي الذي قام به مستخدماً نحو 200 صاروخ باليستي فرط صوتي، بعدما تعرضت منظومة ردعه لصدمة جراء عملية إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الشهيد إسماعيل هنية، وخسارته رأس النفوذ الإقليمي بأغتيال الأمين العام لـ حزب الله، ومما لا شك فيه فأن الهجوم الإسرائيلي أعاد وضع إيران ونظامها مرة جديدة أمام واحد من خيارين، إما الحرب وإما السلم، إما استعادة السيطرة وإما السكوت والرضوخ للضغوط الدولية والإقليمية بعدم الرد وجر المنطقة والعالم ووضعهما أمام إمكان دخول حرب مفتوحة على جميع الأحتمالات، ويبقى من الطبيعي أن القيادة الإيرانية أو الجهات المعنية بالقرار الإستراتيجي داخل النظام الإيراني، وفي مقدمهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة وصاحب القرار الإستراتيجي، كانت وضعت في أعتباراتها أن القيادة الإسرائيلية في تل أبيب لن تسكت عن الهجوم الصاروخي الذي قامت به طهران ضد أهداف عسكرية في مطلع شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، وأنها ستكون لاحقاً أمام إختبار الرد على الرد الإسرائيلي من أجل تثبيت قدرتها على الردع واستعدادها للدفاع عن سيادتها القومية والإستراتيجية أمام أي تهديد أو اعتداء، إلا أن ما تواجهه غرفة القرار الإيرانية في ما يتعلق بآلية الرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير تبدو أكثر تعقيداً وتشابكاً عما سبق وواجهته في ضربة أكتوبر الماضي، أو تلك ألتى قامت بها أواسط أبريل الماضي، لأن أي قرار سواء كان بإتجاه التصعيد أم التهدئة، سيكون مصيرياً لمستقبل النظام وأستقراره وموقعه ودوره في الداخل والإقليم وعلى المستوى الدولي، وأن آثار أي قرار في هذا الشأن ستكون له تداعيات طويلة الأمد ولن تقتصر على المدى الزمني المنظور أو القصير، ومن هنا يمكن فهم الموقف الأولي الصادر عن أكثر من جهة إيرانية، وعلى رأسها المرشد الأعلى للثورة السيد خامنئي الذي حاول وضع الحدث في نصابه المنطقي عندما دعا إلى عدم التقليل من شأن الهجوم الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه دعا أيضاً إلى عدم تضخيمه وتقديم خدمة مجانية للعدو، وفي سياق يتصل وينسجم مع الإستراتيجية ألتي سبق أن رسمها المرشد الأعلى لمسار التصعيد بين بلاده وإسرائيل، عندما تحدث عن أن إيران والنظام لن يترددا في الرد على أي اعتداء، وفي الوقت نفسه لن يتسرعا في هذا الرد، يكمن فهم الموقف الذي صدر عن المؤسستين العسكرية والسياسية في المنظومة الإيرانية، والقائل بالإحتفاظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، كمراقب ومتابع للشأن الإيراني أن إيران لا يمكن أن تتسامح مع أي أنتهاك لسيادتها وخطوطها الحمراء، وفي الوقت الذي يؤكد النظام الإيراني بمفاصله كافة أنه يتمسك بحق الرد، فإن المعطيات السياسية والحراك الدبلوماسي الذي تقوم به الحكومة الإيرانية تحت إشراف غرفة القرار الإستراتيجي تشير إلى وجود توجه داخل هذه الإدارة بإعطاء فرصة جدية لإمكان التوصل إلى حل سياسي، وإعلان وقف لإطلاق النار المتزامن على جبهتي لبنان وغزة، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية جدية تشمل مستقبل الصراع والأزمة القائمة وتداعياتها، كما أنه أيضا ومما لا تعلنه إيران ويفضحه الموقف الحازم المتمسك بحق الرد، أن النظام الإيراني لن يسمح للإدارة الأميركية ألتى يعتبرها شريكة في الهجوم الإسرائيلي الأخير، بخاصة بعد أن منحت سلاح الجو الإسرائيلي حرية العمل واستخدام الأجواء العراقية للوصول إلى أهدافه نتيجة تحكمها وخضوع الأجواء العراقية لسيطرتها وسيطرة قوات الـ ناتو، لن يسمح لها بممارسة الخديعة نفسها ألتي تعرض لها بعد إغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أراضيه، بخاصة عندما أعطى هذه الإدارة فرصة شهرين لتنفيذ وعودها بممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي للقبول بمبادرة الثاني من أيلول / سبتمبر الماضي لوقف إطلاق النار والتسوية في قطاع غزة، ثم تفاجأ بالتصعيد الإسرائيلي ضد لبنان وسلسلة عمليات ذات مستويات عدة ومعقدة، إنتهت بضربة قاسية ومجزرة البيجر أو أجهزة التواصل، وإغتيال قيادات الصف الأول في حزب الله وعلى رأسهم أمينه العام الشهيد حسن نصرالله الذي يعتبر قيمة إستراتيجية في المحور الذي تقوده طهران في الإقليم ومنطقة غرب آسيا، كما قلت قد تكون القيادة الإيرانية مدركة دقة المرحلة ألتى تعيشها بعد الضربة الإسرائيلية، وأن التوظيف في إمكان التوصل إلى فرض معادلة واضحة تقوم على التخلي عن حقها في الرد مقابل التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة، ضمن الشروط ألتي لا تسمح بالحاق الهزيمة بحليفيها حزب الله وحماس، يشكل مخرجاً منصفاً لكلا الطرفين للأبتعاد من التصعيد والمواجهة المفتوحة ألتى قد تتحول إلى ما يشبه لعبة كرة الطاولة بينهما حتى الإنهاك، بأنتظار من ستكون له الضربة الأخيرة، كما سيكون أيضا قرار طهران في شأن الرد بالتصعيد أو التهدئة سيكون مصيرياً لمستقبل النظام وأستقراره إقليمياً ودولياً.

 

التعليقات مغلقة.