مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الضحيتان

بقلم – محمد المنصور الحازمى:

قد يهمك ايضاً:

“صوت الأردن” عمر العبداللات نجم “مهرجان…

نغم صالح تحتفل بإطلاق ألبومها الجديد بعرض مسرحي ميوزيكال

تعايشت مع وحدتها، فيما نخَّاسُها –والدُها – يستمتع بمهرها مع زوجته الجديدة ، بمهرها، الذي انقض عليه، بعد أن زفّها لابن أخيه ، لم تمض اسابيع على ولوجها عالمها الجديد، خرت صريعة المرض ، مكسورة النفس ، تغالب ليالي الوحدة في ملحقٍ بقصر عمِّها المنيف، أبناؤه وبناه كل في فلك يسبحون ، لا تجمعهم مائدة، وكل له عالمه ،فرقتهم ملاءة الجيب ، واختلاف الأذواق والتوجهات.
جُلَّ ما تكرم به شريكها ؛أن أودعها في أتون مشفىً ، وسار حيث ملذاته وعشيقاته ، لم يزرها حتى عمُها أو زوجاته وأبنائه وبناته، بل لم يكن ليعلم أحدُهم مرض الآخر، فيما هي تصارع آلام مرض وأسى وِحْدة ، سُدَّت شهيتُها ، لفظت أطعمة المشفى، وحُرِمت لذة النوم.
وصلت اصداء شقائها لمسامع من أحبَّها بصدق؛ جازف أن يلبي تأوهاتها ، بالرغم من أن والدَها قد رفضه لاختلاف النسب ، أذعن إلى توسلات قلبه وليخَفَّف من وطأة ظلم حاق بها .
لحظة أن شاهدها طريحة الفراش، اندملت ما بقيت من جراح ، ليجسر اتصالها محيطًا من ظلم نالهما, انداحت خواطره؛ أشقاه أنينُها ظل ساهمًا كأنما دخل في غيبوبة سُكّر ؛فرت دمعةٌ من عينيه ؛أيقظت عبراته؛ افاق على صوتها الطفولي تُرّدِّدُ اسمَه؛ ازدرد أسىً تخللته نوبات توجُعها ؛ سبح نحو طيف أنينها، محلقًا فوق هام جبينها؛ تحسَّسه بباطن كفٍ مرتعش، استقبل شهيقُهُ زفراتِ تأوهاتها، وتساقطت قطراتٍ فرَّت من مآقيَ مشفْقٍ حنون ، رسّت بين شفتيها، فكانت فاتحةُ كسر صيامِها داوم على عيادتها لأيام .
وذات يوم ،مع اقترابه من بوابة المشفى سمع جلبةً، رمق طبيبها ، اقترب منه مستفسرًا فكان الخبر صاعقًا ؛أن أقارب زوجها يشرعون في نقلها بسيارتهم لتدفن حسب وصيتها بجوار أمَّها… فيما إدارة المشفى كانت ترفض تسليمها إلا لزوجها ، وعند إبراز والده سجل العائلة ،وأن زوجها في سفر؛ وعودته لم تحن بعد. اغرورقت عيناه ، ترحَّم عليها ،ركب سيارته وظل يراقب مشهد نقلها عن بُعْدٍ ، وانطلق صوب قريتها ، شارك في الصلاة عليها ، ودفنها ،لمحه والدُها فيما كان يتقبل تعازي المشعين ، رمقه يمسك بأنبوب ماء بلاستيكي ؛يرش بالماء على قبرها ويجهش باكيًا ..