الصمت العربى بين هجرة القومية العربية ومأساة القرن ( الحصاد المر )
بقلم : طلحه البرى
الصمت العربى يعنى منح بريطانيا تبريكات غير مباشرة للإحتفالية المئوية لبلفور :
حالة الصمت العربي لا تعنى سوى تشجيع فكرة بريطانيا ( وعد بلفور ) على هجرة اليهود الأوروبيين إلى فلسطين لإقامة دولة إسرائيل منذ نوفمبر 1917م
بمعنى وطن به مواطنين تغيب عنهم المواطنة ، ومواطنين بوطن يبحث عنهم بداخله ، هل هناك إختيارات أخرى تصف الهجرة القومية بالأنا سواء على صعيد التعددية الحزبية ككيان أو كفرد سوى الهجرة القومية ؟
هل تعتبر بريطانيا أول من دعت إلى إقامة دولة لليهود بفلسطين العرب تحت مسمى إسرائيل ؟
سبقهم نابليون بونابرت حينما إحتل مصر سنة 1798 م فكان فى حاجة الى تمويل من اليهود ومساندته ، فخططوا ورتبوا إلى تجهيز وإعداد فلسطين كموطأ قدم لهم ، وبث نابليون إليهم فكرة أن اليهود ورثة أرض إسرائيل الشرعيين ” ، إذا يعتبر نابليون أول سياسى وضع حجر الاساس نحو بناء دولة يهودية على أرض فلسطين بعد عودته إلى فرنسا منهزما فى مصر .
جهود بريطانيا نحو احتلال الأراضي الفلسطينية :
حماة الكيان الصهيونى لا يمكن أن يكونوا ابدا حماة للسلام فى المنطقة العربية :
-عزل فلسطين عن عالمها العربى بوضع حواجز بشرية مختلفة فى الدين والإنتماء وبدات بجلب عمالة يهودية استوطنت فيما بعد ببناء مستوطنات لهم على الارض الفلسطينية .
-تدريب كوادر عسكرية يهودية فى الجيش البريطانية بالمستعمرات الهندية
-الإتفاق مع بعض القادة العرب العطف على اليهود
-تسليح التجمعات اليهودية بسلاح ثقيل لحماية الممتلكات اليهودية
-كسب تأييد بعض الدول الكبرى بالضغط عليها أو بالتنازل عن بعض ممتلكاتها كمستعمرات
الأبعاد التاريخية التي دفعت بريطانيا لوعد بلفور :
ماهى الأبعاد التاريخية التى دفعت بريطانيا لوعد بلفور الذي أدى إلى قضية القرن بحرمان فلسطين من حق إقامة دولة مستقلة عن الكيان الصهيوني ؟
تطبيق معتقد ديني متطرف لدى الصهاينة المسيحين بأن عودة المسيح مقرون بعودة اليهود إلى أرض فلسطين (نزعة صهيونية ) ثم دخول اليهود المسيحية ثم نهاية العالم .. ، إذا كان هذا معتقد منذ 2 نوفمبر 1917 فلماذا تصدر لنا الشؤم قوميا ولم يتحقق معتقدهم نحو دخول اليهود المسيحية ؟
التنافس الإمبريالي ( السعى نحو السيطرة العسكرية والإستعمار وبسط النفوذ فى بلد ما بغرض التفوق بالسيادة على مصالح إستراتيجية للغير .
موقع فلسطين الإستراتيجي كنقطة التقاء بين قارتي اّسيا وأفريقيا ومعظم البحار والمحيطات مثل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي .
سعى بريطانيا للحصول على دعم اليهود الأمريكيين للضغط على واشنطن الدخول معها الحرب العالمية الأولى .
ربط المستعمرات بعضها ببعض
المركز المالى الذى يتمتع به اليهود فى العالم مما له الأثر على كسب الحروب
تنفيذ الوعد الذي قطعته بريطانيا لحاييم وايزمان أول رئيس للكيان الصهيونى بإنشاء وطن قومى لليهود .
الصمت العربى يمنح القوى العظمى مساندة الباطل :
وعد بلفور عفريت صنعته بريطانيا وعليها أن تصرفه ( اللى حضر العفريت يصرفه ) بل يجب الاعتذار للعالم على ما أصدرته بريطانيا من حروب وقتل وتفكك دولى
ماذا يعني أن نعيش على الحضارة القديمة ولانمتلك الحداثة أو التحديث ؟ لانملك سوى رثاء ( كلمات حزينة عن رحيل وعد بلفور ) ، تعطلت كل مفاهيم المواطنة عند الرضا بالأمر الواقع .. عند خطوط الطول والعرض لمصريتنا وعروبتنا المشتتة بين التمني وبين المصالحة مع المصلحة الشخصية .
مائة عام على رحيل وعد بلفور ( آرثر جيمس بلفور ) وزير الخارجية البريطاني 1917 م ، والذى وعد الشرق الأدنى لا الأوسط حينها بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين ، حتى بات حلم بريطانيا واليهود حقيقة صريحة حولت الوعد إلى تصريح ، حولت القومية إلى دويلات قزمية تعيش تحت لواء الحرية بمفهوم الإمبراطورية .
سلام على السلام المغلف بالصراع وكأنه صناعة بريطانيا ومخلفات الغرب واليهود تجاه طموحاتهم على حساب القومية العربية المعطلة بالأنا تحت مسمى الهجرة إلى أحلام الطوب المعطوب ( الأحلام الشخصية الواهية ) ..
هل هناك درس مستفاد من وعد بلفور سوى التضحيات والإيمان بالأمر الواقع بأن الوعد أصبح تصريح لايقبل التفاوض بقوة المجادلات الضعيفة إعلاميا وإفتراضيا .
فهل فى ظل التظاهر بالحداثة والتكنولوجيا نعيش التخلف السالف ؟ هل نستطيع مواجهة الإستيطان بقوة السلاح أو بوهم الأشعار والكلمات المبعثرة على مواقع التواصل الإجتماعى والمقالات الغير مقروءة ؟ ( أمة لا تقرأ ) ..
أهدافنا توقفت عند الدبلوماسية السياسية التى لاتحقق سوى خيبة الإنتصارات العسكرية ، فلنتذكر جميعا أن إسرائيل والعالم وعلى رأسهم أمريكا لم يستطيعوا منع الفلسطينيين من إنتفاضاتهم الأولى والثانية وفشلوا في قمعهم .
ويبقى السؤال الأقوى :
هل فلسطين حقيقة أم إسرائيل أم الإثنين معا ؟ هل القضية تشبه بروباجاندا تيران وصنافير حتى أصبح المسجد الأقصى والمشاعر الدينية وحائط المبكى ملكا للاستيطان ينازعون قوميتنا بحق الإعتراض حتى فى الصلاة ؟
العالم يزهو ويزدهر وقضية فلسطين بين المبكى وأقلام الكتاب بلا تحريرسوى القسمة والنصيب :
العالم يزهو ويزدهر وقضية فلسطين بين المبكى واقلام الكتاب بلا تحريرسوى القسمة والنصيب ، العالم يزهو ويزدهر باللمعان والعرب وفلسطين يخسرون المكان بموت السادات بفقدان المواجهة بين العرب واليهود .
تراجيديا البكاء على أطلال بلفور لايمكن أن تكون سببا فى إطلالة مستقبل مبادرة للسلام العربى . من يمتلك مفتاح الإنطلاقة نحو ترتيب الأوضاع قوميا ؟
كانوا أقلية وأصبحوا قوة بالصمت العربى ولن تستطيع صاحبة الجلالة ( الصحافة ) إقامة وطن للفلسطينيين دون مبادرة للسلام العربى تدعو إلى الوحدة العربية .
وعد بلفور منحة بريطانية مجانية لليهود :
مأساة القرن ذكرى وعد بلفور ، ولا يحق لرئيسة وزراء بريطانيا الإحتفال بمرور 100 عام على هذا العدو تحت مسمى الوعد والذى اصبح حقيقة تدعو الإيمان بها فى ظل غياب الوحدة العربية ، وهذا ما أسماه محمود مازن الرئيس الفلسطينى بالخطأ الفادح الذي سبب لبريطانيا الشعور بالفخر لإحتلالها قلب العرب بالصمت العربي بدلا من اعتذارها .. فسلاما لموسكو تعاطفا مع القضية الفلسطينية وسلاما للفنان البريطانى بانكسى الذى نظم فعالية بفلسطين – بيت لحم للإعتذار عن هذا الوعد بقوله ليس من الملائم إحتفال بريطانيا بوعد بلفور معتبرا أن هذا الوعد جلب الكثير من المعاناة وسلاما لإدوين مونتاجو أحد أبرز المعارضين البريطانيين لوعد بلفور – وهو يهودى عضو برلمان ووزير شئون الهند فى الإمبراطورية البريطانية ، وسلاما للشعب البريطانى فى 1917 م الذى رفض 12 مسودة لهذا الوعد الذى سمى وعد بلفور حتى قبلت المسودة التي تحدثت عن إقامة وطن قومي للشعب اليهودى فى أرض فلسطين حتى تم توقيعها عام 1948 م أى بعد 31 عام من الرسالة الواعدة .
هل يعنى الصمت العربى الموافقة على تهويد فلسطين كحل نهائى للقضية ؟ بعد طردهم من مصر محاولين بنى إسرائيل أن يستوطنوا بفلسطين كمجتمع يرتقى إلى إقامة دولة عوضا عن الترحال الناتج من الاستبداد والاستعمار والطمع بخيرات وثروات الاّخرين .
وعد بلفور بين القانون الدولي والصمت العربي :
أجمع رجال القانون فى العالم على عدم شرعية هذا الوعد للأسباب التالية :
أن التصريح الذي صرح به أرثر جيمس بلفور ( رئيس وزراء بريطانيا 1902 م ) لروتشيلد ( تاجر عملة يهودى ثرى منتشر فى جميع الدول ) ليس معاهدة ولكنها مكتوب ليس له أى قيمة قانونية من حيث عدم إمتلاك بريطانيا حق الوعد فيما لاتملك من أراضى فلسطين فكيف توعد اليهود من خلال التاجر روتشيلد ؟ لذا يعتبر هذا الوعد باطلا من وجهة نظر القانون .
طرفى الوعد أو التعاقد الوهمى ليسا طرفان أصيلان لحق الإنتفاع كى يحدث تعاقد لإنعدام الأهلية القانونية ، حيث طرفى التعاقد شخصان لايتمتعا بصفة التعاقد دوليا أو سياديا لذا يعد هذا التعاقد باطلا شكلا وموضوعا ولا يعتد به لانعدام أهليته .
من أسس التعاقد الدولي مشروعية موضوع التعاقد و تقره القوانين وتبيحه الأخلاقيات وأى تعاقد يتعارض مع القانون والأخلاقيات فهو باطل من حيث المضمون بطرد شعب فلسطين واحتلال أراضيه ومنحها للغرباء .
يرفض القانون الدولى إنتهاك حق الشعوب فى الحياة والإقامة وتهجير شعوبها .