مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الصحراء المغربية: من التحديات إلى فضاء للتنمية والازدهار

المغرب -بدر شاشا:
على مدى عقود، تحوّلت الصحراء المغربية من منطقة حدودية فقيرة إلى فضاء تنموي مزدهر يشهد استثمارات كبيرة، بنى تحتية متطورة، وانتعاشًا في عدد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية للتنمية في المغرب.
تنمية مستمرة تحت رعاية رؤية استراتيجية
منذ تنظيم المسيرة الخضراء في 1975، التي شهدت مشاركة شعبية واسعة لاسترجاع الأقاليم الجنوبية، اتخذ المغرب قرارًا بإدماج هذه المنطقة في مشاريع تنموية شاملة، جعلتها قطبًا للاستثمار والتقدم. مجلة إسبانية متخصصة أشادت بالتقدم الذي عرفته الصحراء المغربية على مدى 49 عامًا الماضية ضمن جهود التنمية، مشيرة إلى بناء بنى تحتية حديثة مثل الطرق والموانئ والمطارات، وتحويلها إلى وجهة للاستثمار والعيش.
استثمارات ضخمة في البنى التحتية
شهدت المدن الرئيسية في الصحراء مثل العيون وبُوجدور وداخلة نموًا ملحوظًا في البنية التحتية. فقد تجاوزت الاستثمارات في البنى التحتية والتهيئة الحضرية في الأقاليم الجنوبية أكثر من 85 مليار درهم، شملت مشاريع سكنية، طرق مرصوفة، مرافق عامة ومشاريع صناعية وتجارية، في إطار استراتيجيات تهدف إلى دمج المنطقة اقتصاديًا في منظومة التنمية الوطنية.
تحول اقتصادي نحو موانئ ولوجستيك
أحد أبرز المشاريع المستقبلية هو بناء ميناء عميق في الداخلة قيد التنفيذ، والذي يُعد من أكبر المشاريع في المنطقة، ويُفترض أن يدعم دورها كـ منصة لوجستية وتجارية تربط المغرب بدول إفريقيا جنوب الصحراء. من المتوقع أن يبدأ تشغيل هذا الميناء في 2028، مما يضع المنطقة في موقع استراتيجي للتجارة البحرية الدولية.
صناعة الفوسفات والوظائف للسكان المحليين
شركة فوسبوكراع (Phosboucraa)، التابعة لمجموعة OCP، لعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز الاقتصاد المحلي. فقد ارتفع نسبة تشغيل السكان المحليين في الشركة إلى حوالي 79٪، مقارنة بنسبة متدنية قبل عقود، ما يعكس تحسن فرص الشغل وتكامل السكان الأصليين في نشاط اقتصادي مهم.
التعليم والصحة والبناء الاجتماعي
التنمية في الصحراء ليست محصورة فقط في الطرق والموانئ، بل تشمل خدمات اجتماعية أساسية. فهناك برامج لتحسين جودة التعليم وتوسيع التغطية الصحية في الجهات الجنوبية، بما في ذلك تحديث وتوسعة المدارس والمراكز الصحية لتلبية الطلب المتزايد للسكان.
جذب الاستثمار وتحفيز النمو
في السنوات الأخيرة، ساعد تأييد المجتمع الدولي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الذي دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، في تعزيز الثقة وجذب المستثمرين نحو المشاريع الكبرى في المنطقة. وبحسب محللين، فإن هذا القرار يعزز توقعات الاستثمار والازدهار الاقتصادي بربط الصحراء بسلاسل الإنتاج والتجارة الدولية.
كما أشارت تقارير صحفية حديثة إلى أن المغرب يستثمر أكثر من 8 مليار يورو في البنى التحتية في الأقاليم الجنوبية لجعلها جسرًا اقتصاديًا مع إفريقيا، بدعم من شركاء دوليين مثل فرنسا والولايات المتحدة.
ابتكارات تكنولوجية ومشاريع مستقبلية
يتجه المغرب أيضًا نحو تنمية اقتصادات متقدمة في الصحراء، مثل مشروع إنشاء مركز بيانات ضخم (AI center) في الداخلة يهدف إلى دعم البنية التحتية الرقمية والطاقة المتجددة. هذه المبادرة تمثل خطوة نحو دمج الصحراء في الاقتصاد الرقمي العالمي، وهو ما يعكس الطموح في الانتقال إلى اقتصاد معرفي ومستدام.
أبعاد اجتماعية وسياسية للتنمية
إلى جانب الأبعاد الاقتصادية، هناك أبعاد اجتماعية وسياسية مهمة، حيث يرى المغرب أن التنمية المتكاملة في الصحراء تُعد ركيزة لتعزيز الاستقرار والاندماج الوطني، وتقديم نموذج تنموي قادر على تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص للشباب والأسر في المنطقة.
الصحراء مستقبل اقتصادي متجدد
الصحراء المغربية تشكل اليوم أكثر من مجرد مجال جغرافي؛ إنها محور تنموي يعبر عن رؤية وطنية طويلة المدى. الاستثمار في البنية التحتية، تعزيز دور الموانئ، تنمية الموارد البشرية، تحسين الخدمات العامة، وتشجيع الابتكار يجعل من المنطقة جزءًا فعّالاً في الاقتصاد الوطني، بل وجسرًا نحو إفريقيا. هذه التحولات تُظهر أن الصحراء تتجه نحو ازدهار اقتصادي واجتماعي مستدام، رغم التحديات السياسية والقانونية المحيطة بوضعها الدولي.