الصحة النفسية والاكتئاب … حلقة 7
بقلم دكتور – هشام فخر الدين:
لا تفزع عزيزى القارىء إذا قلت لك أن جميع البشر مرضى نفسيين، وليس معنى ذلك الجنون كما يفسر من هو بعيد تماماً عن علوم النفس، ولكن بتمهل وهدوء المرض النفسى يبدأ من أبسط أنواع التوتر والقلق وفقاً للتحليل النفسى، والذى يتفاوت في درجاته. وعند ارتفاع نسبته لابد من الذهاب إلى الطبيب النفسى دون تراجع، وكسر العادات والتقاليد التي تمنع الذهاب إلى الطبيب النفسى لاعتبار ذلك كارثة ومرفوض، حيث يوصم من يقوم بذلك بالجنون.
فـــــــــ الإكتئاب من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، فهو يصيب 3.8% من الأشخاص في العالم، 5.0% منهم من البالغين، و5.7% من البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة. ويعاني من الاكتئاب نحو 280 مليون شخص في العالم. ويختلف الاكتئاب عن تقلبات المزاج المعتادة والإنفعالات العابرة إزاء تحديات الحياة اليومية.
وقد يتحول الاكتئاب إلى حالة صحية خطيرة، لا سيما إذا تكرر حدوثه بحدة متوسطة أو شديدة. ويمكن أن يؤدي عند من يصاب به إلى المعاناة الشديدة وتأثر الأداء في العمل والمدرسة والأسرة. ويمكن أن يؤدي الاكتئاب في أسوأ حالاته إلى الإنتحار. وينتحر كل عام أكثر من 700,000 شخص. والإنتحار هو رابع سبب رئيسي للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.
فــــــــــــــــــــــ خلال نوبة الاكتئاب يعاني الفرد المصاب من تكدر المزاج، أو فقدان المتعة أو الاهتمام بالأنشطة، في معظم الأوقات، كل يوم تقريباً لمدة أسبوعين على الأقل. وقد تظهر عليه أيضاً أعراض أخرى عديدة منها ضعف التركيز، أو الإفراط في الشعور بالذنب أو ضعف تقدير الذات، أو اليأس من المستقبل، أو التفكير في الموت أو الانتحار، أو اضطراب النوم، أو تقلبات الشهية أو الوزن، أو الشعور بالتعب أو فتور الطاقة.
وفي بعض السياقات الثقافية قد يظهر تغير المزاج عند بعض الأشخاص بسهولة أكبر في شكل أعراض جسدية مثل الألم والإرهاق والوهن. غير أن هذه الأعراض الجسدية لا تعزى إلى مرض آخر. وخلال نوبة الاكتئاب يواجه الشخص صعوبة كبيرة في العلاقات الشخصية والأسرية والاجتماعية والتعليمية والمهنية. ويمكن تصنيف نوبة الاكتئاب بأنها خفيفة أو متوسطة أو شديدة حسب عدد الأعراض وحدتها وتأثيرها على أداء الفرد.
وعلى الرغم من وجود علاجات فعالة معروفة للاضطرابات النفسية، فإن أكثر من 75% من الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا يتلقون أياً من هذه العلاجات. وتشمل المعيقات التي تحول دون الحصول على الرعاية الفعالة نقص الموارد، والنقص في أعداد مقدمي الرعاية الصحية المدربين، والوصم الاجتماعي المرتبط بالاضطرابات النفسية. وفي البلدان من جميع مستويات الدخل، لا يشخص الاكتئاب عند المصابين به تشخيصاً صحيحاً في كثير من الأحيان، بل كثيرا ما يشخص خطأ عند أشخاص آخرين لا يعانون منه وتوصف لهم مضادات الاكتئاب.
ووفقاً لحدة نوبات الاكتئاب ونمطها مع مرور الوقت، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية أن يقدموا علاجات نفسية مثل التنشيط السلوكي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج النفسي التفاعلي، والأدوية المضادة للاكتئاب مثل المثبطات الإنتقائية لإعادة التقاط السيروتونين (SSRIs) ومضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات (TCAs). وتستخدم أدوية مختلفة لعلاج الاضطراب الثنائي القطب. وينبغي لمقدمي الرعاية الصحية أن يضعوا في اعتبارهم الآثار السلبية المحتملة المرتبطة بالأدوية المضادة للاكتئاب.
التعليقات مغلقة.