بقلم دكتور- هشام فخر الدين:
لابد أن نتفق عزيزي القارئ أن المرض النفسي هو حالة مرضية تؤثر على التفكير ، الشعور، السلوك، أو المزاج، ويمكن أن يتسبب في اضطرابات كبيرة في قدرة الفرد على التعامل مع الأنشطة اليومية والتفاعل الاجتماعي. وتشمل الأمراض النفسية مجموعة واسعة من الحالات، مثل الاكتئاب، القلق، الفصام، اضطرابات الأكل، واضطرابات الشخصية.
ويتنوع تأثير المرض النفسي على الصحة العام؛ فمن الممكن أن يؤدي المرض النفسي إلى مشاكل صحية جسدية؛ مثل اضطرابات النوم، فقدان الشهية، وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
كما يمتد تأثيره على الأداء الوظيفي فمن الممكن أن يقلل المرض النفسي من القدرة على التركيز والإنتاجية في العمل أو الدراسة، مما يؤدي إلى انخفاض الأداء الأكاديمي أو المهني.
وقد يؤثر على العلاقات الاجتماعية، وعلى العلاقات الشخصية والاجتماعية، مما يؤدي إلى العزلة والشعور بالوحدة. كما أن بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب الشديد، يمكن أن تزيد من مخاطر التفكير في الانتحار أو محاولة الانتحار.
أيضا يعاني الأفراد المصابون بأمراض نفسية من تكاليف علاجية مرتفعة، بالإضافة إلى فقدان الدخل نتيجة عدم القدرة على العمل. بالإضافة إلى أن المرض النفسي قد يؤدى إلى تقليل جودة الحياة بشكل عام، مما يجعل من الصعب على الأفراد الاستمتاع بالأنشطة اليومية والشعور بالرضا والسعادة.
ومن ثم نجد أن هناك ضرورة للتعامل مع المرض النفسي بجدية، والسعي للحصول على المساعدة المناسبة. ويمكن أن تشمل الطرق العلاجية، العلاج النفسي، الأدوية، الدعم الاجتماعي، وتغيير نمط الحياة. كما يجب العمل على نشر الوعي حول أهمية الصحة النفسية وتقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية.
وما بين أيدينا متلازمة الاحتراق النفسي، والتى تمثل حالة من الإجهاد العاطفي والجسدي، الناتج عن العمل المستمر تحت ضغط كبير ولفترات طويلة. وتتسم هذه المتلازمة بشعور دائم بالإرهاق، انخفاض الإنتاجية، والشعور بالانعزال أو انعدام القيمة.
وهى متلازمة الإرهاق المهني، وحالة من الإنهاك البدني والعاطفي الناجم عن التعرض لضغوط العمل المستمرة والمكثفة. وتتجلى هذه الحالة في الشعور بالتعب الدائم، قلة الإنتاجية، والشعور بالعزلة أو انعدام الجدوى. وفقدان الاهتمام والشغف بالعمل، وانخفاض الكفاءة والإنتاجية، مما يؤدي في النهاية إلى الشعور بالانعزال وعدم الجدوى.
وتنتج هذه الحالة غالبا عن التوازن غير الصحي بين متطلبات العمل والقدرة على التعامل معها، وتؤثر سلبا على الصحة النفسية والجسدية للفرد.
وتترافق متلازمة الاحتراق النفسي مع مجموعة من الأعراض التي تشمل التعب المستمر، ضعف الأداء، وفقدان القدرة على التركيز. وقد يشعر المصاب أيضاً بزيادة في المشاعر السلبية مثل الإحباط والقلق والاكتئاب.
ومن بين العوامل المساهمة في تطور هذه المتلازمة، بيئة العمل المجهدة، نقص الدعم الاجتماعي، وساعات العمل الطويلة على المدى الطويل، ويمكن أن تؤدي هذه المتلازمة إلى مشاكل صحية خطيرة مثل أمراض القلب واضطرابات النوم.
وللتعامل مع متلازمة الاحتراق النفسي، يُنصح باتباع استراتيجيات مثل تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، طلب الدعم من الأصدقاء والعائلة، وممارسة النشاط البدني بانتظام. وقد تكون استشارة متخصص في الصحة النفسية ضرورية في بعض الحالات.
وتعتبر الوقاية من متلازمة الاحتراق النفسي، أمراً مهماً للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم الوقت وتحديد أولويات العمل، وتجنب تعدد المهام غير الضرورية. فالاستراحة الدورية والاسترخاء وتجديد النشاط. والحفاظ على علاقات إيجابية مع الزملاء والأصدقاء والعائلة، يمكن أن يساعد في تقديم الدعم العاطفي.
فضلاً عن الانخراط في أنشطة ترفيهية خارج أوقات العمل، يمكن أن يساعد في تقليل التوتر. مع الحفاظ على نمط حياة صحي؛ يساهم في تعزيز القدرة على التعامل مع الضغوط.
كما يلعب دور الإدارة الفعّالة في بيئة العمل دوراً حيوياً في الوقاية من هذه المتلازمة، وتوفير بيئة عمل داعمة، وتقديم برامج تدريب وتطوير، وتحفيز الموظفين يمكن أن يقلل من معدلات الاحتراق النفسي بين العاملين.
ومن العوامل المسببة لمتلازمة الاحتراق النفسي ضغوط العمل المرتفعة، ونقص الدعم الاجتماعي، والعمل لساعات طويلة بشكل مستمر دون الحصول على فترات استراحة كافية يؤدي إلى الإرهاق.
مع توقعات غير واقعية، وغياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ونقص الاعتراف والتقدير . وكل هذه العوامل يمكن أن تتفاعل مع بعضها البعض؛ لتزيد من احتمالية تطور متلازمة الاحتراق النفسي، مما يستدعي اتخاذ تدابير للحد منها وتحسين بيئة العمل.
وتتنوع طرق علاج متلازمة الاحتراق النفسي، بحيث تشمل مجموعة من الاستراتيجيات التي تركز على تحسين الصحة النفسية والجسدية للفرد. والتي من بينها الراحة والاسترخاء والتوازن بين العمل والحياة الشخصية بمعنى تنظيم الوقت بشكل يسمح بتحقيق توازن صحي بين الالتزامات المهنية والحياة الشخصية.
فضلاً عن الدعم الاجتماعي بمعنى التواصل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء للحصول على الدعم العاطفي والنفسي. وممارسة النشاط البدني، حيث إن الانخراط في التمارين الرياضية بانتظام يساعد في تحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر. بالإضافة إلى تقنيات التأمل واليوغا، حيث إن ممارسة التأمل واليوغا يمكن أن تكون فعالة في تخفيف التوتر وزيادة التركيز والهدوء النفسي.
وهذا لا يغنى عن الاستشارة النفسية والتحدث مع مختص في الصحة النفسية، حيث يوفر استراتيجيات مخصصة للتعامل مع الضغوط والإجهاد. مع تطوير مهارات إدارة الوقت وتعلم كيفية تحديد الأولويات، وتجنب المهام غير الضرورية والذى يقلل من الشعور بالإرهاق. فضلاً عن تعديل بيئة العمل، حيث إن تحسين ظروف العمل من خلال الحصول على فترات راحة منتظمة، وضبط عبء العمل، والسعي لتحقيق بيئة عمل داعمة.
وتعتبر هذه الطرق مجموعة من الخطوات التي يمكن أن تعمل بشكل تكاملي؛ لتخفيف الأعراض وتحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة الاحتراق النفسي.
التعليقات مغلقة.