الشمول المالي.. تطورات جديدة وآفاق أرحب
تقرير – محمد صبحي
يطلق البنك المركزي تقريره الأول حول الشمول المالي في مصر خلال المؤتمر الدولي الذي بدأت جلساته التمهيدية أمس، وينطلق رسميا اليوم بشرم الشيخ، في إطار سعيه للتوصل إلى استراتيجية قومية أو تعليمات لزيادة نسبة الشمول المالي في مصر .
وباتت قضية الشمول المالي في مصر توجه جاد، وليست مجرد شعارات تطلق في وسائل الإعلام، حيث يعمل البنك المركزي الآن على جانبين هامين لتحقيق الشمول المالي، الأول يتعلق بتدشين استراتيجية قومية للتثقيف المالي، تشارك فيها كافة مؤسسات الدولة لتوعية المواطنين بأهمية الانضمام للقطاع المالي الرسمي ونشر مناهج التربية المالية بالمدارس والجامعات، والجانب الثاني يتعلق باستراتيجية أخرى أو تعليمات للبنوك تتعلق بتوفير الخدمات التي تحتاجها كافة فئات المجتمع للحصول على هذه الخدمات .
والشمول المالي يعني أن يكون لكل فئة عمرية من المواطنين أو مهنية الخدمات المالية المناسبة لهم، التي تمكنهم من التعامل مع القطاعات المالية المصرفية وغير المصرفية، وترجع أهمية هذا المفهوم إلى أنه يوفر مزيد من المدخرات للقطاع المصرفي، وبالتالي إتاحة هذه الأموال لتنفيذ المشروعات التنموية التي تقوم بها الدولة، وتقليل الفجوة الإدخارية، بجانب تمكين الدولة من مراقبة حركة الأموال وبالتالي التقليل من عمليات غسيل الأموال والفساد في الدولة ومحاربة مجالات التجارة غير المشروعة.
وتستهدف وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري خفض الفجوة الادخارية إلى 8.7% خلال العام المالي الجاري مقابل 9.6% خلال العام المالي الماضي؛ وأشارت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى زيادة معدلات الاستثمار إلى 15.9% وزيادة معدلات الادخار إلى 7.1% بنهاية يونيو المقبل .
وقالت الوزارة إنه رغم تراجع الفجوة الادخارية، إلا أنها لازالت تعكس عدم كفاية حجم الادخار المحلي لتمويل الإنفاق الاستثماري المستهدف، موضحة أن زيادة معدلات الادخار يستلزم مزيد من الإجراءات اللازمة لذلك والتفكير في طرح أوعية ادخارية جديدة تشجع المواطنين على الادخار .
وبينما تقول الوزارة في خطة التنمية إن تحقيق الشمول المالي يعتبر أحد المحاور الهامة لتقليل الفجوة الادخارية، فإن مصر تعتبر من الدول المنخفضة في تحقيق الشمول المالي، فوفقا لتقرير Global Findex 2015 فإن 13.7% من البالغين لديهم حسابات بنكية بنهاية 2014، كما أن نحو 4.1% لديهم حسابات توفير في القطاع الرسمي، و6.3% فقط حاصلين على قروض من القطاع الرسمي في مصر بنهاية نفس الفترة .
– استراتيجية قومية للتثقيف المالي
في عام 2013 تم تأسيس لجنة وطنية لوضع الاستراتيجية تضم نحو 18 جهة على رأسها البنك المركزي ، وهيئة الرقابة المالية، والمعهد المصرفي المصري، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة التعليم العالي، ووزارة المالية، والبورصة المصرية، والهيئة القومية للبريد، والصندوق الاجتماعي للتنمية، وبنك مصر، والبنك الأهلي المصري، والبنك التجاري الدولي، وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والجمعية الألمانية للتعاون الدولي، والبنك الدولي، والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء، وجمعية رجال أعمال الإسكندرية.
وتهدف الاستراتيجية لنشر وزيادة الوعى المالي للمصريين، خاصة الفئات المهمشة ماليًا لرفع مستوى معيشتهم، وتعزيز القدرة على الفهم الجيد للمنتجات والخدمات المالية، وزيادة نسبة الشمول المالي من خلال القنوات المالية الرسمية، بالإضافة إلى إعداد وصياغة مناهج للتعليم والتثقيف المالي، مناسبة لكل فئة عمرية واجتماعية، بجانب إعداد كوادر مصرفية ومالية قادرة على تلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات المختلفة .
وبحسب ما قال مسئول بالبنك المركزي في تصريحات صحفية فإن البنك تسلم المسودة الأولية للاستراتيجية خلال الأسابيع القليلة الماضية وهي الآن في مرحلة الدراسة من قبل الجهات الرقابية؛ هذا في وقت يعمل فيه المعهد المصرفي على مبادرة “عشان بكرة” والتي يوفر من خلالها التوعية المالية للطلبة في المدارس والجامعات ونجح في توعية نحو 6 ملايين طالب حتى الآن .
– التقرير الأول عن الشمول المالي في مصر
كغيره من المجالات يفتقر الشمول المالي للدراسات الموثقة والرسمية في مصر، ومن المقرر أن يطلق البنك المركزي المصري تقريره الأول والذي يتعلق بجانب “المعروض من الخدمات المالية” اليوم خلال المؤتمر الدولي.
ووفقا لتصريحات مدير وحدة الشمول المالي بالبنك المركزي، خالد بسيوني، فإن الإدارة انتهت بالفعل من دراسة جانب المعروض من الخدمات المالية بالبنوك ومن المقرر أن يتم عرضها خلال مؤتمر الشمول المالي.
وأوضح أن الجانب الآخر من الدراسة يتعلق بجانب الطلب، أي احتياجات المواطنين والفئات المختلفة من الخدمات المالية، مضيفًا أن البنك المركزي سيحدد بعد هذه الدراسة مدى الحاجة لاستراتيجية قومية للشمول المالي، أو الاكتفاء بتعليمات رقابية للبنوك تقوم بتنفيذها.
وإذا ما نجحت الدولة في الوصول بهذه الجهود إلى استراتيجية واضح وتحركات على المستوى العملي لزيادة نسبة الشمول المالي فمن المنتظر أن نرى انعكاساته بشكل إيجابي على مستوى التنمية الاقتصادية وتمويل المشروعات القومية ما تعانيه الدولة من نقص في التمويل.