خلال زيارتي الباحة التقيت في منزل ابن العم الشريف عبدالعزيز ابلج بجمع من مثقفين الباحة ودار حديث وطلب منا البعض نشره وقد نشرته باسم ((القرى المباركة )).
كانت هذه الزيارة محفزه للاهتمام بتراث رغدان وقراها ودار الحديث حول التراث الوثائقي للقضاة الابالجة الأشراف وقد اطلعني الشريف عبدالعزيز عيد الأبلج على جملة من الوثائق قد سبق أن شجعت المرحوم الشريف عبدالرحمن الأبلج في نشرها لإثبات تاريخ أسرة الابالجة في الباحة وتم تجميعها قبل ٢٠ عام في ملزمة احتفظ بها ومن وثائق جد الشريف عبدالعزيز عيد ابلج هذه الوثيقة التي صدرت من القاضي الفقيه إبراهيم بن جلال أبلج وهو من أسرة الأشراف الأبالجة قضاة غامد وزهران خلال حكم الأشراف في العهد العثماني وسوف استعرض مجموعة من الوثائق
أولها هذه الوثيقة التي تؤرخ أحداث وقعت زمن أمارة الشريف زيد بن محسن الذي تولى إمارة (شرافة مكة)من عام 1041-1077هـ.
وهذه الوثيقة وصفت حدث هام و عرفته ((بزمن الشردة وهدم الدور من الشريف زيد في تعقبه للمفسدين العاصمة الخارجين على النظام سنة 1041هـ)) وقد تداول أعضاء موقع x وثيقة دار حولها لغط كبير من مثبت ومنكر لها وبمقارنة هذه الوثيقة مع تاريخ وثيقة القاضي الفقيه إبراهيم بن جلال أبلج رحمهم الله المعروفة بوثيقة الشردة زمان الشريف زيد عام 1041هـ هذه الوثيقة الأخرى سوف اعرفها بوثيقة X ونجد تاريخها عام 1044هـ زعم ناشرها أنها محفوظة لدى عائلة Silahadar التركية (أسم وهمي موضوع ) ذكر في هذه الوثيقة عن الحوادث في الحجازعام ١٠٤٤ تتحدث عن ظهورشخصية من غامد في مراسلات بين الشريف زيدبن محسن رحمه الله والصدر الأعظم محمدباشاوتظهرالرسالة أنهاردعلى رسالةالصدرالأعظم بخصوص حدوث تمردمن عدة قبائل حجازيةيقودها أبوذهيبة بن جري وتصفه بأمير غامد .
وبمقارنتها مع وثيقة القاضي التي ذكرت زمن الشرده وهدم الدور من قبل الشريف زيد نجد الفارق 3سنوات وبالتالي فان واضع وثيقة X لم يدرك وجود تدوين داخل مجتمع رغدان وهي المنطقة التي تعرضت للهجوم ..من قبل قوات الشريف زيد بن محسن رحمهم الله عام 1041هـ ولحجم القوات ونتائجها بانتصار الشريف زيد تم تعريفها ((بالشرده وهدم الدور)) .
اما وثيقة X فالبعض شكك في الوثيقة لمخالفة محتوى الوثيقة بقوله ((صياغة الوثائق في تلك الفترة التاريخية الموجهة للإدارة العثمانية.وأردف ان التخاطب الإداري الوارد في الوثيقة يخالف المعمول به بين الإدارة العثمانية وشريف مكة.
فعبارة “والي الحجاز” منكرة، في توقيع شريف مكة فأمراء مكة يكتبون شريف مكة.والبعض ركز على نوع خط الوثيقة وقال : ((نوع الخط المستخدم هو الرقعة وقد ابتكره العثمانيون عام ١٢٨٠ هجري )) و قد تكررت حملات الشريف زيد على منطقة رغدان وماحولها ومنهاحملة ذكرها الطبري في الأرج المسكي عام ١٠٤٥ هـ والذي يظهر أن معرفة الشريف زيد بمناطق الجنوب تعود لزمن والده الشريف محسن فقد ذكر في وثيقة عام ١٠٣١هـ (( تعهد بائع أرض في غامدي لمشتري أن يكون مسؤولا أمام الشريف محسن عن أي معارض يخاصم المشتري )) وهذا التعهد لايعطى عادة إلا امام أمير منطقة حاكما لها …فهو سلطة رادعة مابعدها ضمان مدني يفوقه .. والشريف محسن كانت قاعدة أمارته بلاد بيشة ويتبعه رغدان وماحولها وتنشيئة الشريف زيد في مقر إمارة والده ترك فيه دراية ومعرفة تامة بالتعامل مع العصاة في هذا المناطق وعرف بالحزم والعدل .وبتتبع هذه الوثيقة وغيرها يدرك الدارس ان المنطقة كانت تتبع أشراف مكة من زمن المؤسس الأمام قتادة رحمه الله .
هذه الوثيقة فيها رد على عناية الناس بالتدوين وخاصة الأبالجة في رغدان وهذه الوثيقة تظهر أن وثيقة X التي نشرها الدكتور علي محمد عوده ثم أمام ضغط تويتر حذفها وتراجع عنها وهي وثيقة باطلها ابطل محتواها وأثبت وضعها القاضي إبراهيم بن جلال أبلج والذي دون في وثيقة التحاكم اليه في البيع والشراء زمن الشرده وخراب الدور وهي يمكن نطلق عليها خراب رغدان بفعل العصاة وتأديبهم من قبل شريف مكة الشريف زيد بن محسن .
ويستفاد من هذه الوثيقة
1- التحاكم للشريعة المطهرة
2- انخراط المجتمع في الزراعة
3- نظام اثبات التملك في الحيازة (الأراضي والعقار )
4-سيطرة أمارة ”مكةالمكرمة زمن الشريف زيد على المناطق الجنوبية وإخضاعها علماً انه وثيق الصلة بها فوالده كان شريف بيشة ومايتبعها ومنها رغدان وما حولها وولد فيها الشريف زيد بن محسن رحمهم الله فهو أعرف الناس بالمنطقة وقبائلها وقد تعامل معهم بالحلم واللين والقسوة مع الخارجين والعدل
5- احداثها في رغدان ويستفاد مسميات مثل ،وداف الغميم لا زالت بنفس الاسم ، والغميم يقع شمال رغدان بمحاذات قرية الطويله والحسام والفلته من لحام رغدان ،
6-الحسام مشيخة بني خثيم ( بيت ال عدنان )،مازالت المشيخة راسخة في هذا البيت ومن تاريخ هذه الوثيقة والى اليوم 1446يكون مضى على مشيختهم أكثر من 400 عام ونعتقد أنها اقدم مشيخة ممتدة في منطقة الباحة و مستمرة لزماننا .
الوثيقة الثالثة وثيقة الطرد : وهي كما توضح
صادرة من وكيل القنصل البريطاني (( القنصل البريطاني ))بجدة إلى السفير البريطاني في إسطنبول وفيها يشير الى قرار اتخذه شريف مكة الأكبر ويقصد المرحوم الحسين بن علي بطرد جميع الحُجز (غامد وزهران ) “وهي تسمية محلية” من مكة وجدة وحدد يوم الخميس 14 تموز عام 1910 م لمغادرتهم جميعاً ويوافق٨ رجب ١٣٢٨ هـ الكثير اعتقد ان السبب هو مبايعة شيوخ هذه القبائل للسيد ابن ادريس محمد بن علي وقال من اعتقد ذلك ((يقول الدكتور خالد بن عمر الفقيه في X للفائدة :
هذه الوثيقة بتاريخ ١٣٢٨/٧/٧ هـ
بعد أن بايعت قبائل غامد وزهران الإدريسي في جازان غضب الشريف وطرد جميع أبناء غامد وزهران من مكة و جدة)) .
وبالعودة لوثائق تلك الفترة نجد وثيقة راشد جمعان ابن رقوش شيخ زهران المرسلة لشريف مكة الحسين بن علي بتاريخ ٢٧جماد آخر ١٣٢٧ هـ وفيها يوضح ردا على رسائل الشريف حول مطالبات لزهران وغامد بإرجاع المنهوبات ويذكر ان الواقعة حصلت في عهد المرحوم الشريف عون الرفيق ويقصد وقعة عام ١٣٢١ هـ
وسبب الطرد هو خروج القبائل غامد وزهران على الدولة ومهاجمتهم للقوات المتوجهة لرغدان خلال مسيرها من قرية بني سار تم الحصار عليهم في رغدان ثم الحرب بينهم نتج عن ذلك نهب وقتل إلى آخره.
ونجد شيخ زهران يحاول في خطابه إخلاء نفسه من المسئولية ويلقي بالمسئولية على غامد ويقول حرفيا ((الوقعة والبقعة عند غامد )) .
ويظهر من هذه الوثيقة مواجهة الشريف الحسين مشكلة حدثت في زمن الشريف عون الرفيق وحاول بالطرق الودية و المراسلات والوفود وأخرهم الشيخ عائض بن عبدالرحمن وهو من أهالي الظفير واستمر منزلهم مقر الحكومة حتى وقت قريب ذكر ابن رقوش في خطابه لشريف مكة وفادة الأشراف وابن عائض وأظهر عجزه وحاول بذلك التملص من رد المنهوبات وطلب تدخل الحكومة وردع المخالفين وبالتدقيق في اخبار تلك الفترة نجد علي السلوك نشر وثيقة وصفها بتقرير كتبه راشد ابن رقوش (1321 هـ) يخبر فيها عن التمرد الذي وقع .
المصدر كتاب السلوك غامد وزهران السكان والمكان ص 252لكن التقرير مقدمته باللسان التركي وهو يختلف عن الوثيقة أعلاه في عام ١٣٢٧ هـ
كان هدف الشريف الحسين يبداً أمارته بإطفاء الأزمات التي ورثها من سابقيه وهو ذلك العروبي الذي وجد نفسه امام غامد وزهران و لهم مكانة لديه حاول بالإحسان لكن كما يظهر من خطاب ابو الرقوش في كلامه واضح محاولة للتنصل من عدم الوفاء ولم يجد الحسين من بدأ إلا فرض حصاررعلى غامد وزهران وكان الحصار عليهم حتى سمي العام بعام الجوع كما نشر خميس الزهراني ان عام ١٣٢٨ هو عام الجوع لكن ارجع ذلك لفقدان الأمن في مقارنة معاصرة مع زماننا والحقيقة الحصار هو سبب الجوع وفقدان التجارة بسبب طرد الحجز من مدينة مكة وجدة وفقدانهم العمل في وظائف الحج والعمرة.
بالطرد لجميع ابناء هذه القبائل من مكة وجده وانهاء كل أعمالهم فورا نجد خروج الكثير من التجار إلى مصوع وسواكن وغيرها من البلدان المجاورة وخلال مسير الشريف الحسين عام ١٣٢٩ هـ نجد وفود من شيوخ غامد وزهران يستقبلون الشريف الحسين في يلملم ويطلبون الصفح عن مامضى بعد رجوع المنهوبات وانتظامهم في طاعة الدولة وخروجهم مع الشريف لحرب الادريسي وطرده من ابهاو
نرى بعد ذلك في رسالة عام ١٣٣٤ من شريف مكة وأميرها الحسين بن علي رحمهم الله موجها الى شيخ زهران راشد يخبره فيها بالحصار البحري المفروض في البحر خلال انطلاق الثورة العربية الكبرى زمن الحرب العالمية الاولى ويخيره فيها ارسال ما يزيد من الحبوب والغذاء عن كفاية قبائله بالسعر الموجود واضافة الكرى ومايلزم …وهنا نجد كيف استطاع الحسين اصلاح علاقته مع قبائل مملكته .
وبدراسة هذه الوثائق عرفنا زمن الشرده واخراب الدور كما إننا حققنا سبب الطرد والحصار والجوع من خلال وثائق المنطقة التي اثبتت التدوين التاريخيّ للأحداث وبذلك كشفنا محاولات التزوير من قبل تجار الوثائق في الإنترنت ومنها بطلان وثيقة ابوذهيبة في زمن الشريف زيد بن محسن رحمهم الله .
التعليقات مغلقة.