مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

السيادة والنظام العالمى… حلقة (1)

بقلم دكتور-  هشام فخر الدين
لا شك أنه بالرغم من تحقق النظام العالمى الجديد، لا يمكننا حصر ما يتيحه من فرص وما يفرضه من تحديات، خاصة فيما يخص الدولة الوطنية والقومية، فمنذ النصف الثاني من القرن العشرين شهد العالم العديد من التحولات الجذرية على المستويين السياسي والاقتصادي، التي تزامنت مع ظهور العولمة كنظام عالمي جديد ونموذج شمولي، والذي ارتبط أشد الإرتباط بالتطورات المعلوماتية التي سادت العالم مند بداية التسعينات. فالثورة العلمية والتكنولوجية جعلت العالم أكثر اندماجاً، حيث سهلت حركة الأفراد ورؤوس الأموال والمعلومات والخدمات إلى جانب تقليصها للزمان والمكان.
وتعد السيادة بما تحمله من معنى ومضمون هى الخاصية الفريدة التي تميز الدولة عن غيرها من التنظيمات السياسية والاجتماعية الأخرى، هدا المفهوم الذي له سلطة إخضاع الأفراد داخلياً باعتباره المجتمع السامي في الدولة، وخارجياً عبر إبرام المعاهدات والإنضمام للمنظمات الدولية والإقليمية والإنسحاب منها.
فلقد ظلت هذه السيادة لعدة عقود من الزمن، ولفترة طويلة تتميز بصفة الإطلاق، باعتبار أنها السلطة العليا في الدولة ولا تتقيد إلا بمحض إرادتها وفي حدود القانون، إلا أن البيئة الدولية الجديدة في فترة ما بعد الحرب الباردة أدت إلى بروز منظومة مفاهيمية جديدة في العلاقات الدولة، هذه المنظومة تأتي في مواجهة مفاهيم أخرى استقرت لمدة طويلة. فمفهوم العولمة يأتي في مواجهة الخصوصية الثقافية، والتدخل الدولي الإنساني في مواجهة سيادة الدولة، والأمن الإنساني في مواجهة الأمن القومي، مما أثر على مفهوم السيادة للدولة القومية.
وفى هذا السياق تعد العولمة السياسية مشروعاً مستقبلياً، فهي في جوهرها تمثل مرحلة تطورية لاحقة للعولمة الاقتصادية. فقيام عالم بلا حدود سياسية لن يكون تلقائياً، وبنفس سرعة قيام عالم بلا حدود اقتصادية وثقافية.
بالإضافة إلى أن الانتقال الحر للأفراد والسلع والأفكار والمعلومات عبر المجتمعات والقارات، والذي تم خلال التسعينات، ربما أدى إلى انحسار نسبي للسيادة المطلقة للدولة، وبالتالي افتقادها لدورها. وعلى الرغم من ذلك يؤكد البعض على عدم سقوط كل مظاهر السيادة، وأنه لن تكون هناك نهاية للدولة، وبالتالي لن تكون هناك حكومة عالمية، لتحل محل الدولة القومية، حتى تتولى إدارة العالم باعتباره وحدة اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية واحدة. إلا أن الواقع اليوم يؤكد بما لايدع مجالاً للشك على النيل الواضح من سيادة الدول والتدخل فى شئونها الداخلية عبر محاولات السيطرة عليها وتفتيتها، رغم كافة سبل المواجهة والرفض من جانب تلك الدول التى تريد الحفاظ على سيادتها دون خروجها من المنظومة الدولية والعالمية ودون عزلتها.

 

التعليقات مغلقة.