بقلم / حنان زكريا
الزوج القاسى والمستبد: آثاره النفسية والإجتماعية وسُبل المواجهة
العلاقة الزوجية:
من خلال بحثى عن الحياة الزوجية وعن أصول وأُسُس العلاقة الزوجية وكما يعلم الكثيرون أنها تُبنى على أساس المودَّة والرحمة والتعاون، وقال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }
لكن عندما يتحوَّل أحد الطرفين إلى شخص قاسٍ ومستبد، تتحول الحياة الزوجية إلى جحيم يومى، مما يؤثر على الصحة النفسية للزوجة والأبناء، ويهدد إستقرار الأسرة ككل.
صفات الزوج القاسي والمستبد .
1ـ التسلُّط والتحكُّم:
يصُر على فرض آرائه دون مراعاة لمشاعر أو إحتياجات الزوجة.
2ـ العنف اللفظى والجسدى:
يستخدم الإهانات أو التهديدات أو الضرب والألفاظ القبيحة كوسيلة للسيطرة.
3ـ الأنانية وعدم المشاركة:
لا يهتم بمشاعر شريكته ويعاملها كخادمة أو ملكية خاصة.
4ـ العزل الإجتماعى:
يمنعها من التواصل مع عائلتها أو أصدقائها لضمان سيطرته الكاملة.
5ـ التقليل من شأنها:
يظل الزوج المُستبد ينتقد زوجته بإستمرار ويُشعِرها بعدم القيمة،خاصةً عندما يشعُر أنها أذكى منه وأنها قادرة على تدبير معظم أمور الحياة أكثر منه،وهذا بالطبع يغضبه..
لأن بعض الأزواج الذين يعانون من ” عقدة النقص” يرفضون رفضًا تامًا تفوُّق الزوجة عليهم فى أى أمر من أمور الحياة اليومية ،بل ويشعرهم بالغيرة الشديدة.
الآثار النفسية والإجتماعية على الزوجة:
1- الإصابة بالإكتئاب والقلق وإضطرابات ما بعد الصدمة.
2 – فقدان الثقة بالنفس والشعور بالعجز.
3- الخوف والقلق الدائمين وعدم الشعور بالأمان.
الآثار النفسية والإجتماعيةعلى الأبناء:
1- تربية أطفال يعانون من الخوف أو العدوانية.
2- إحتمالية تبنّى سلوك الأب المستبد فى علاقاتهم المستقبلية،بالنسبة للأبناء الذكور..
ويتسبب بالعقدة النفسية من الزواج ومن الرجال بصفة عامة بالنسبة للأولاد الإناث .
وبالتالى بيكون عبارة عن كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبعيد كل البُعد عن الأمان والإستقرار للأسرة بأكملها .
الآثار النفسية والإجتماعية على المجتمع:
1- تفكك الأُسَر وزيادة معدلات الطلاق.
2- إنتشار نماذج سلبية للعلاقات الأسرية.
ومن خلال بحثى عن حلول لمثل هؤلاء الأزواج قرأت بعض ” النصائح ” التى لا تُفيد ولا تؤثر فى سلوك الأزواج القاسيين والمستبدين وعن يقين من خلال حواراتى مع بعض الزوجات المقهورات،ومع ذلك سوف أذكرها ..
سُبل المواجهة والحلول ..
1-الحوار الهادئ:
محاولة مناقشة المشكلة مع الزوج بطريقة غير تصادمية، مع توضيح الآثار السلبية لسلوكه.
ويبدو أن هذا حل خيالى لأن هذه النوعية من الأزواج لا يقبلوا الحوار ويرفضوه رفضًا تمامًا ،كما أنهم يرفضوه بأسلوب غير أخلاقي ..!!
2-اللجوء إلى الوساطة:
إستشارة الأقارب أو المشايخ أو الأخصائيين الإجتماعيين للمساعدة في حل النزاع.
وللأسف الشديد معظم هؤلاء الأزواج من خلال سلوكياتهم العدوانية لا يوقَّرُوا أى وسيط من الأقارب ولا غيرهم.
3. التثقيف النفسي والشرعي:
تذكير الزوج بأخلاق الإسلام في التعامل مع الزوجة، كما قال النبي ﷺ: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلة”
(رواه الترمذي).
تعقيبًا على هذه النقطة ،الزوج المستبد عندما تحدثه الزوجة عن أخلاق الإسلام
(…….) حدث ولا حرج، وكأنه هو ملاك نازل من السماء وهى ” الزوجة ” شيطانة والعياذُ بالله..
4.الحماية القانونية:
فى حالات العنف الشديد، يمكن اللجوء إلى القوانين التى تحمى المرأة من الظلم.
5.التفكير في الإنفصال كحل أخير:
إذا فشلت كل المحاولات، قد يكون الطلاق خلاصًا من حياة الظلم، خاصةً إذا كان الإستبداد يُهدد سلامة الزوجة أو الأبناء.
وهنا تؤيد الباحثة هذا الحل فى كثير من الحالات،لكن للأسف الشديد بعض الزوجات يرفضن هذا الحل من أجل الأولاد، ثم بسبب المجتمع، لأن الكثيرين من الناس يتَّسمون بالجهل، هذا غير نظراتهم القاتلة للكثيرات من الزوجات المطلقات.
القسوة والإستبداد فى العلاقة الزوجية دمار للأسرة والمجتمع، ولا تتفق مع تعاليم الإسلام التى تَحِث على العدل والرفق.
على الزوج أن يتقى الله فى زوجته، وعلى الزوجة أن تبحث عن حقوقها بطُرق شرعية وعقلانية.
المجتمع أيضًا عليه دور فى دعم الضحايا وعدم التغاضى عن العنف الأسرى.
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”(النساء: 34). صدق الله العظيم
قرأت تفسيراً لدكتور محمد شحرور عن مصطلح ” وَاضْرِبُوهُنَّ ”
أكد دكتور شحرور بأن كلمة “وَاضْرِبُوهُنَّ”
ليس معناها الضرب بمفهومة المتداول
بل المقصود منه،
التَرك ..المباعدة..الإنفصال..المفارقة..التجاهل ..
وليس المعنى المتداول لكلمة ( ضرب )
وهناك أمثلة كثيرة تؤكد ذلك:
مثل:
1- أضرَب عن الطعام أى إمتنع عنه وتركه.
2- والإضرابات فى الجامعات أو المعامل مثلا فكل معناها هى ترك العمل أو الدراسة أو إهمالها… وإلخ..!!
وختامًا أتمنى من كل زوج قاسى ومستبد أن يتقى الله فى زوجته وأولاده ،ولا ينسى أن الله تبارك وتعالى أعطاه أمانة فليُحافظ عليها أو يتركها لحال سبيلها ..!!