الدين المعاملة
بقلم: المتولي إبراهيم إبراهيم
ماجستير في الدراسات النفسية والاجتماعية في مجال الأسرة والطفولة
لم يأمرنا الله بأداء الفرائض فحسب بل أمرنا بحسن المعاملة وحسن الخلق، ويتضح ذلك من زيادة عدد آيات الأخلاق والمعاملات بالنسبة لآيات العبادات في القرآن الكريم. سوف نسرد في السطور الآتية بعض من صور المعاملات التي يجب التحلي بها.
معاملة الولد لوالديه : إن الله تعالى أوجب علينا أن نُعامل الوالدين معاملة تختلف تماما عن معاملتنا
لأي شخص غيرهما.
قال تعالى : ” وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ” الأحقاف:15.
ولا يظن المسلم أو المسلمة أن بر والديه ينتهي بحياتهما بل هو يمتد بعد موتهما وذلك بالدعاء لهما والتصدق عنهما. وبر الوالدين بعد الممات يكون أيضا ببر ومواصلة أصدقائهم، وذلك بتفقد أحوالهم وإكرامهم والاهداء اليهم.
معاملة الأقارب: رغبت الشريعة فى صلة الرحم ومعاملة الأقارب معاملة حسنة، وفي الحديث قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ” من سره أن يُمدَ له في عمره ، ويُوسع له في رزقة ، ويُدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله، وليصل رحمه ” وتكون صلة الأقارب بزيارتهم وتفقد أحوالهم، والتصدق عليهم إن كانوا فقراء ، ومهما يبدر من الأقارب من سوء معاملة وسوء خلق، فليصفح عنه المسلم وليعفوا عنه ولا يقطع صلته برحمه حتى لا يُعرض نفسه لغضب الله وعقابه .
معاملة الجار: اهتم الشرع الاسلامي وأوصى بالاحسان إلى الجار.
قال تعالى : ” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ ” النساء:36.
وحق الجار: إذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا مرض عُدته، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولا تستطيل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بريح طعامك إلا أن تعطي له منه، وإن اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرًا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده “.
فيجب على المرء أن يحسن إلى الجار، ويغض البصر عن محارمه ويصون عرضه.
معاملة الضيف: إكرام الضيف سنة وقد حث عليها رسول الله، فعلى المرء أن يكرم الضيف وأن يبتسم في وجهه، ويقابله بفرح وسرور، فيغرس له الغراس، ويجلسه ويقدم له ما تيسر عنده من طعام وشراب من ما لا يضُر به وبالأولاد.
معاملة الصديق: ينبغي أن تكون معاملة حسنة خاصة فيها الكثير من الإيثار، فمن حسن معاملة الصديق أن تخبره وتعلمه بأنك تُحبه في الله محبة خالصة لله وأن تزوره لله.
وفي الحديث: ” إذا أحب الرجل أخاه فليُخبره أنه يُحبه “
ومن حسن معاملة الصديق إعانتة بالنفس والمال في الأمور المباحة أو المندوبة ، وإذا أصابة خير هنأته، وإذا أصابة مرض عدته وإذا أصابته مصيبة عزيته ، ومن حسن معاملة الصديق الدعاء له بالخير بظهر الغيب.
معاملة الصغير الكبير : من الآداب الإسلامية الرفيعة توقير واحترام الشخص الكبير في السن ومعاملته بإكرام وأدب. وقد بشر الرسول صل الله عليه وسلم الشباب الذين يحترمون من هم يكبرونهم (أكبر سنًا) بقوله ما أکرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يُكرمه عند سنه “. رواه الترمذي.
معامله الكبير للصغير: الشريعة الإسلامية تدعو المسلمين إلى التراحم فيما بينهم ، ولما كان الصغار محل ضعف فقد طالبت الشريعة الكبار برحمة الصغار والرفق بهم. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا ” ، بل تطلب من الكبير توجيهه التوجيه الصحيح في جميع تصرفاته حتى ينشأ نشأة طيبة مباركة.
معاملة اليتيم : قد يفقد الصبي أو الصبية أحد والديه وهو أحوج ما يكون إلى عنايتة وتربيته والاشراف عليه. فيا سعادة من تولى هذا اليتيم وأشفق عليه وعطف عليه وسعى في تربيته ومعاملته معاملة حسنة. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما “
وقال تعالى : {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ..} .
معاملة العالم: وهو من أكرمه الله تعالى بمعرفة العلوم الشرعية کالفقه والتفسير والحديث.. ووفقه للعمل بما علم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم “
معاملة العالم للمتعلم : إذا اكرم الله شخصًا بالعلم فليعمل بالعلم وليتأدب بآدابة وليعامل الطلبة الذين يجلسون أمامه بالإحسان والتواضع ولا يتكبر عليهم ويجتهد في بذل ما عنده من علوم لهم بنية حسنة و إخلاص، فالعلم يزيد بالإنفاق، وليكن العالم على علم بأن العلم أمانة في عنقه يسأله عنها رب السماوات والأرض في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
معاملة الغني للفقير: إرادة الله اقتضت أن يكون في الكون اغنياء وفقراء فمن أنعم الله عليه بالغني ينبغي عليه أن لا يغتر بذلك ويظن أنه أفضل الناس وأكرمهم عند الله تعالى .
فينبغي للغني أن يعامل الفقير معاملة حسنة ، قال الله تعالى مادحًا الأغنياء الذين يعطون العطية لوجه الله سبحانه وتعالى ولا يمنون: ” ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ” البقرة:262.
معاملة الأجير: إذا استأجر المسلم أحد الناس ليؤدي له عملا من الأعمال فإنه ينبغى عليه أن يُعطيه حقه كاملاً ولا يبخس منه شيئاً وإلا كان ظالماً وعاصيًا لله ورسوله عليه الصلاة والسلام
وختامًا هذا جزء من كل ما دعى إليه الإسلام من معاملات وأخلاق حسنة يجب علينا جميعًا التحلي بها حتى نترك أثرًا محمودًا في المجتمع وتسود المحبة والألفة بين أفراد المجتمع
التعليقات مغلقة.