أكد الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة خارجية قطر، أن دولة قطر رسخت مكانتها اليوم كقوة دبلوماسية مؤثرة تتمتع بقدرة استثنائية على فتح قنوات التواصل ومعالجة القضايا المعقدة، من خلال دورها المحوري في الوساطة التي تمتد عبر القارات بروح من المسؤولية والالتزام والحياد.
وقال الخليفي، في مؤتمر صحفي عقب توقيع اتفاق الدوحة لترسيخ الالتزام بالسلام بين حكومة كولومبيا وجماعة EGC المعلنة ذاتياً: “إن دولة قطر حققت تقدماً ملموساً في معالجة العديد من النزاعات، فأسهمت في التوصل مع شركاء لها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كما استضافت الدوحة القمة الثلاثية التي مهدت لتوقيع اتفاق السلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في واشنطن، ثم توجت جهودنا في نوفمبر بتوقيع إطار السلام بين حكومة الكونغو وحركة تحالف نهر الكونغو 23 مارس، في خطوة تاريخية نحو إنهاء نزاع طال أمده”.
وأضاف أن “دولة قطر تستمر بإبقاء قنوات التواصل مستمرة مع كل من أوكرانيا وروسيا، حيث تستمر جهودنا الإنسانية في لم شمل الأطفال المتضررين بالنزاع مع أسرهم، أما بالنسبة لأفغانستان، فقد أسهمت الجهود القطرية بإطلاق سراح 10 محتجزين من جنسيات مختلفة خلال هذا العام، وكذلك المساهمة في حل الخلافات القائمة بين أفغانستان وباكستان، من خلال توقيع الطرفين على اتفاق الدوحة في شهر أكتوبر الماضي”.
وشدد الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، خلال المؤتمر الصحفي، على أن هذه الإنجازات تؤكد إيمان دولة قطر العميق بأن مسؤولية تحقيق الأمن والاستقرار تتجاوز الحدود الجغرافية، معرباً عن تطلع دولة قطر للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإيجاد حلول عملية تنهي النزاعات وتساهم في ترسيخ السلم والأمن.
وقال الخليفي: “إن ما شهدناه اليوم يُعد امتداداً لهذه الجهود، وقراراً مسؤولاً من أجل السلم والتنمية، والذي من شأنه أن يفتح مساراً سياسياً لإرساء دعائم السلام المستدام ضمن إطار متفق عليه في كولومبيا، وسيفتح هذا الاتفاق مجالاً لوقف النزاع المسلح بين الطرفين، وسيساعد على الحد بشكل كبير من الاتجار غير المشروع بالبشر والمخدرات في مناطق محددة بكولومبيا”.
وتابع أن “دولة قطر تؤكد على موقفها الداعم للحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، كما أننا نشيد بما أبداه الطرفان من التزام وجدية وصبر خلال جولتي الوساطة التي عقدت في الدوحة، فمنذ استضافتنا للمفاوضات في شهر سبتمبر الماضي وحتى الاتفاق اليوم، قدم الطرفان تنازلات كبيرة في سبيل حماية الشعب الكولومبي وتغليب مصلحته والحفاظ على وحدة كولومبيا واستقرارها، كما نثمن ثقة الطرفين في دورنا كوسطاء بتيسير هذه الجولات والدفع بها نحو تحقيق الأمن والاستقرار”.
ونوه الدكتور الخليفي بالدعم المحوري والمستمر الذي قدمته وفود كل من النرويج وسويسرا وإسبانيا الذي أسهم في إنجاز هذا الاتفاق، والذي يستمد نجاحه من الثقة التي يوليها الطرفان للوسطاء، وقدرتهم على التعامل مع التعقيدات بروح من النزاهة والحياد.
وأوضح الخليفي أنه خلال استضافة دولة قطر لجولتي المفاوضات الأولى والثانية، اتفق الطرفان على اتخاذ سلسلة من الإجراءات في 15 منطقة محددة في كولومبيا، ما يساعد في بناء الثقة بينهما، كالحد من إنتاج المخدرات واستبدالها بموارد اقتصادية أخرى مشروعة، وكذلك الالتزام بعدم تجنيد الأطفال والمراهقين في الجماعات المسلحة، كما اتفقا على تخصيص مناطق من أجل إعادة تأهيل أعضاء الجماعة المسلحة وإعادة دمجهم في المجتمع الكولومبي.
وشدد على أن هذا الاتفاق موجه في المقام الأول إلى شعب كولومبيا الصديق، من أجل أمنه وسلامته وحقه في حياة كريمة، مشيراً إلى أن الاتفاق يوفر إطاراً لانتقال مسؤول مبني على الثقة والاحترام المتبادل، من أجل حماية المجتمعات المتضررة، وإنعاش الاقتصادات المحلية التي عانت بسبب النزاع لسنوات طويلة، وتحقيق بوادر السلام الشامل.
ولفت إلى أن هذا الاتفاق يُشكل محطةً جوهرية في تاريخ المرحلة، مشدداً على أن مسؤولية التنفيذ المباشرة تقع على عاتق الطرفين.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية: “إن دورنا كوسطاء لا ينتهي اليوم، وستظل دولة قطر، بالتنسيق المشترك مع النرويج وسويسرا وإسبانيا وشركاء آخرين من دول إقليمية ومنظمات متخصصة، ملتزمة بدعم الآليات المتفق عليها، ومرافقة الطرفين في تجاوز أي صعوبات قد تواجههما مستقبلاً”.
وأعربالدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة خارجية قطر، في ختام كلمته بالمؤتمر الصحفي، عن بالغ شكره وتقديره لمنظمة الدول الأمريكية على دعمها الثابت والمستمر وانخراطها بالعمل في جميع المراحل، داعياً جميع المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين إلى دعم هذا التعهد وترجمته إلى إنجازات ملموسة تؤثر إيجابياً على حياة الكولومبيين.
من جانبهم، ثمن كل من: أندرياس كارافيك وزير الدولة بوزارة خارجية مملكة النرويج، وتيم أندرلين مساعد وزير خارجية الاتحاد السويسري، ولبيرتو أوثيلاي مساعد وزير خارجية مملكة إسبانيا، الجهود القطرية التي أثمرت بالوصول إلى اتفاق الدوحة لترسيخ الالتزام بالسلام بين حكومة كولومبيا وجماعة EGC المعلنة ذاتياً، فضلاً عن استضافتها لجولتي المفاوضات بين الطرفين.
واستعرضوا خلال المؤتمر الصحفي، الجهود والأدوار التي اضطلعوا بها خلال الفترة الماضية، مشيرين إلى إدراكهم بأن الدبلوماسية المرتبطة بتحقيق السلام تتطلب دعما سياسيا واسعا وطويل الأمد، وتقبل الانتكاسات التي قد تتكرر دائما.
وأوضحوا أن انخراطهم في دعم مسار السلام في كولومبيا ممتد منذ سنوات، لافتين إلى أنه بالرغم من الصعوبات التي حدثت إلا أن النتائج تبشر بترسيخ سلام مستدام، يسهم في تحسين الظروف المعيشية للشعب الكولومبي.
وأكدوا عزمهم على مواصلة دعم الأطراف المختلفة في كولومبيا، ومساعدتها في إيجاد الطريق لإنهاء الصراع وتحقيق السلام الشامل، بما ينعكس إيجاباً في تحقيق الاستقرار والازدهار في البلاد.
وأشاروا إلى أهمية الشراكات القوية بين الدول في ظل تصاعد الصراعات العالمية، مؤكدين أن الوساطة من أجل السلام ستظل الأداة الأساسية لحل مختلف النزاعات في العالم
