مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الحصّالة ” قصّة قصيرة “

بقلم – محمد المسلاتي – ليبيا

قد يهمك ايضاً:

من المذيعة للمحاربة .. لميس سلامة تنتصر وتسترد حقها بالقانون

تكريم الإعلامية المتميزة بقناة المحور مونيكا محى الدين في…

تعتريه الحيرة ، ماذا سيفعل ؟! قلق ، مهموم طوال اليوم، نفدت الدنانير التي يملكها ، المرتب الشهري تأخر كثيرًا، أولاده يلاحقونه بأعينهم المنطفئة ، ووجوههم الشاحبة ، يسمع أصواتهم وإن لم ينطقوا: –
– ياأبانا ، نريد خبزًا ، لبنًا ، لحمًا ، دواءً ، كتبًا ، أقلامًا .
زوجته تكرر طلباتها اليوميّة ، تشتكي سوء الحال ، رأسه لم يعد يحتمل الضجيج العارم ، كم يكون المرء ذليلًا ، ضئيلًا عند خواء الجيوب؟ أيّة انكسارات تجعله يختفي عن جارهم البقال ، تراكم الدين ، ليس له وجه ليقابله ، هذا الصباح لم يعثر على درهم واحد لشراء رغيف خبز ، ماذا سيفعل ؟ آهٍ ، حصّالة ابنه الأصغر ، يحاول أن يتذكر ، أين خبأها اللعين ؟إلى جانب سريره ، فوق الدولاب المنخور ، المشترك بين ملابسهم ، يتجه إلى حيث يتكوم الأطفال الأربعة . يتسلل بهدوءعلى رؤوس أصابع قدميه ، يخشى أن يستيقظ أحد منهم ، يقف على طاولة خشبية متآكلة، يمدّ يده إلى سطح الدولاب المغبر ، يتحسس موضع الحصّالة الخزفيّة ، يهم بسحبها نحوه ، تترنح ، يدفعها بعيدًا كي لا تهوي على رأس طفله النائم ، لكنّها تسقط على الأرض الأسمنتية ، تتهشم ، تتناثر النقود المعدنية على الأرض ، رنين ارتطامها أيقظ زوجته ، والأولاد ،أصغرهم يصرخ مفجوعًا ،يحملق مذهولًا في شظايا حصّالته ، ونقوده المبعثرة . تلتصق به استفسارات أعينهم جميعًا ، تصفعه دهشتهم . . يهرول مبتعدًا عنهم ، يشعر أنه طفل مرتبك ،يركض متعثرًا في خجله ليتوارى عن أنظارهم .