بقلم -بدر شاشا:
عرف عالم الصحافة تحولاً جذرياً خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأت الجريدة الورقية تفقد بريقها شيئاً فشيئاً أمام الزحف القوي للإعلام الإلكتروني. فالعصر تغير، والقارئ لم يعد ينتظر صباح اليوم التالي لشراء جريدته، بل أصبح يعيش في زمن السرعة، حيث تصله الأخبار في لحظتها عبر هاتفه أو حاسوبه بضغطة زر.
هذا التغيير لم يكن مجرد تطور تقني، بل هو تحول ثقافي واجتماعي عميق، فالأجيال الجديدة أصبحت تفضل التفاعل، المشاركة، والتعليق على الأحداث فور وقوعها، بينما الجريدة الورقية تبقى وسيلة أحادية الاتجاه لا تتيح الحوار أو النقاش.
ورغم ذلك، فإن موت الجريدة الورقية لا يعني موت الصحافة الحقيقية، بل انتقالها إلى فضاء جديد أكثر ديناميكية، يتطلب مهارات مختلفة، وسرعة في الأداء، ووعياً بالتقنيات الرقمية الحديثة. الصحافة الإلكترونية اليوم ليست مجرد نشر مقال، بل منظومة متكاملة من الإبداع والإعلام والتكنولوجيا.
في المغرب، يشهد الإعلام الإلكتروني نمواً ملحوظاً، لكنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة، منها غياب الدعم الكافي، وضعف التكوين المهني في المجال الرقمي، وقلة الإمكانيات المادية التي تمكن المواقع الجادة من المنافسة بشرف أمام المحتوى الضعيف أو الموجه.
لهذا فإن دعم هذا القطاع أصبح ضرورة وطنية، لأنه ليس مجرد وسيلة لنشر الأخبار، بل أداة لتنوير الرأي العام، وتقوية الوعي، ومحاربة الأخبار الزائفة، وحماية قيم المجتمع. الإعلام الإلكتروني المغربي يحتاج إلى احتضان من الدولة، من المؤسسات، ومن الجمهور، لأنه يمثل صوت العصر، وصوت المواطن.
الجريدة الورقية تموت لأن الزمن تجاوزها، أما الصحافة الإلكترونية فهي تولد كل يوم من جديد، بقوة، بطموح، وبإرادة شباب يؤمنون بالكلمة الحرة والمسؤولية الإعلامية.
