الثقافة والتقدم في العالم العربي ضمن فعاليات مؤتمر مواجهة التطرف بمكتبة الإسكندرية
كتب – حمدى شهاب:
شهدت مكتبة الإسكندرية بالأمس افتتاح المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرف والذي تنظمه المكتبة في الفترة من 28 إلى 30 يناير 2018، بحضور ما يزيد عن أربعمائة مثقف وباحث وأكاديمي وإعلامي، والذي يدور حول دور الفن والأدب في مواجهة التطرف.
وبدأت فعاليات اليوم، الاثنين 29 يناير، بجلسة بعنوان “الثقافة والتقدم في العالم العربي”، والتي أداراها الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، وتحدث فيها كل من الأستاذ يوسف شقرة، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، والمفكر والأديب العراقي نجم والي، والدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمفكر المغربي عبد السلام الطويل، والدكتورة دانيال الحويك المحامية اللبنانية والناشطة الحقوقية.
وقد استهل الأستاذ يوسف شقرة حديثه بأن الإعداد للثقافة يجب أن يبدأ من تكوين النشء وتربيته على مكارم الأخلاق، فهذه المرتكزات هي الأساس في بناء الثقافة والمنطلق لبناء الدولة ككل، فإذا عدنا إلى العصر العباسي على سبيل المثال لوجدنا الاهتمام بالتربية والثقافة حيث كان الإنتاج الفكري يوزن بالذهب، وهذا بالطبع أعطانا أمة راسخة ثقافيًا. وأضاف شقرة إلى أن الجدلية بين الثقافة والتقدم تشير إلى أن كلًا منهما يصنع الآخر ويكمله، خاصة في المجتمعات المتقدمة التي تنطلق من تكوين النشء وتربيته على اكتساب مقومات الأصالة والثقافة لبناء المجتمع.
وأشار الدكتور نجم والي إلى ثلاثة أنواع من الثقافة وهم ثقافة الغنيمة وثقافة الكذب وثقافة العنف، حيث تأتي ثقافة الغنيمة من عدم إخلاص المثقفين لأنفسهم وتلونهم الدائم مع الأنظمة السياسية المختلفة، أما ثقافة الكذب فتأتي من ازدواجية المثقفين تجاه قضايا معينة مثل المجتمعات الذكورية التي تدافع عن حقوق المرأة، بينما تنبع ثقافة العنف من استخدام بعض الأنظمة السياسية لنفس لغة الإرهاب عند معالجة قضايا التطرف.
وأكد والي على أن السلام هو موقف إنساني وسلوك ثقافي، وأن المثقفين يجب أن يحافظوا على إنسانيتهم وأن يعترفوا بالسلام ، فانتصارنا على الإرهاب والتطرف سيكون بالحوار.
وتحدثت الدكتورة نيفين مسعد عن الإرادة السياسية وعلاقة التأثير المتبادل بين الثقافة والتقدم من خلال المشروعات التنويرية عبر التاريخ المصري الطويل والتي كان لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فمحمد علي باشا هو مؤسس الدولة الحديثة وكان شديد الاهتمام بإيفاد المصريين للخارج لتعلم الحرف والصناعات وإعادتها للداخل، وكذلك الاهتمام بحركة الترجمة والانفتاح على الثقافات الخارجية، مما أدى إلى الاهتمام بالمنتج الثقافي.
ولكنها أشارت إلى تراجع الحركة الثقافية في مصر في الوقت الراهن، فبينما تعمل السعودية حاليًا على إنشاء 2000 دور عرض سينمائي بحلول عام 2030، يتقلص عدد دور العرض في مصر إلى 82 دور عرض فقط، وهذا يعود إلى أن ميزانية وزارة الثقافة تذهب لدفع رواتب الموظفين فقط ولم يعد هناك اهتمام بالحركة الفنية والثقافية داخل المجتمع. وأكدت مسعد في نهاية كلمتها على أن الدولة والمجتمع قادرين على التغيير، فالتعليم والثقافة هما الرافعتان الأساسيتان لنهضة أي دولة.
من جانبه أكد الدكتور عبد السلام الطويل على فرضيتين أساسيتين، الأولى هي أن العنف والتطرف والإرهاب والتشرد هو نتيجة مباشرة لفشل مشروع الثقافة، والثانية أن مظاهر العنف والتطرف هي نتيجة لفشل مشروعات الإصلاح والتجديد على مدار عقود ما بعد الاستقلال، فمشروعات الإصلاح والتجديد هي التي شكلت مسار الحداثة الأصلي الذي يقوم على السياسة التاريخية لتحرر الإنسان بحيث يكون مسئولًا وفاعلًا في تاريخه.
وأشار إلى أن ظاهرة انفجار العنف هي مؤشر للخلل الذي أصاب النظام الثقافي داخل المجتمعات، وأنه كلما زادت القدرة على السيطرة وتوجيه العنف كلما ازدادت قيمة وأثر الثقافة لدى أفراد المجتمع وتراجعت مظاهر العصبية والنفاق والضغينة وازدادت فكرة التسامح والتقدم.
واختتمت الجلسة بكلمة الدكتورة دانيال الحويك التي تحدثت عن معوقات تقدم المرأة في العالم العربي، والتي أشارت إلى التقدم الخجول في الفترة الأخيرة للمرأة في لبنان في مجالات السياسة والقضاء والصحافة والطب وغيرهم، كما تراجعت نسبة أمية الفتيات خاصة في المرحلة الابتدائية، ولكنها ترى أن هذا التقدم منقوص فهناك معوقات لوضع المرأة أهمها غياب المواطنة والمساواة بين الإناث والرجال، بالإضافة إلى الموروث الثقافي التاريخي الذي يعمل على اخضاع النساء والسيطرة عليهن ووضعها في موضع التابع للرجل، وبالتالي تنعدم الاستفادة من طاقات النساء.
وأكدت في نهاية كلمتها على أن تقدم المجتمعات لا يأتي إلا بإعطاء المرأة حقوقها كاملة كشريك أساسي وفعّال في المجتمع.