مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

التمرد على الواقع بين “الوعى والجهالة “

بقلم : حياة الحفيان

كمجتمع عربي نجحنا إلى حد ما  في كسر حواجز الخوف والتبعية وبلغنا ثقافة الاختيار، فاخترنا حكامنا وحتى قوانيننا حيث تملكتنا قوة عجيبة دفعتنا نحو الوقوف امام الحيف والجور ورفع شعارات إنسانية بامتياز مفادها الحرية والكرامة، فكانت هذه القوة بمثابة تلك الشرارة التي سكنت اجسادنا لتشعلها نيرانا ثائرة على واقع الظلم و واقع التفقير، فعملنا جاهدين على اجتثاث جميع الأنظمة السياسية التي لطالما راهنت على قمع أجسادنا كما عقولنا .

فما فتئ واقعنا العربي ليعج بالانتصارات غير انها ليست سوى انتصارات وهمية ابتدعناها حتى نواري بها أنفسنا عن عجزنا الكلي في التعامل مع أنفسنا ومع بعضنا وحتى مع أعضائنا التي قد يراها الكثير منا مرتعا للرذيلة حيث وجب تأديبها، فجاء هذا التأديب في شكل الختان الذي يعتبره البعض منا جزءا من هويتنا المزعومة والتخلي عنه هو دعوة مقيتة لنزع عفة بناتنا وشرف عائلاتنا، فختان البنات هو عادة أساسية في بعض مجتمعاتنا العربية التي تؤكد بأن عدم الإقدام على ختان بناتهم يجعلهم عرضة للاقصاء وخاصة العار.

قد يهمك ايضاً:

خالد عامر يكتب استراتيجيات الحفاظ على مصر

انور ابو الخير يكتب : زيف الصهاينة الي متي ؟

 
ولكن هل هذا يعني أن الفتيات اللواتي تعرضن لعملية الختان هن أكثر عفة من الاخريات؟ وهل ان الفتيات اللواتي لم يختن جئن اهلهن عارا ونكرا؟ وإن كان هكذا فما قيمة التربية السليمة إذن وما قيمة العقل البشري الذي من الله به علينا حتى نميز بين الفضيلة والرذيلة وبين الخير والشر؟ ولبلوغ هذه العفة هل نحتاج إلى كل هذا الألم الجسدي والنفسي الذي نمارسه على بناتنا؟
في الحقيقة لا يمكن تصنيف هذا العمل المنكر كعادة سلوكية إجتماعية قدر تصنيفه كعمل إجرامي ممنهج ضد انسانيتنا اولا وضد بناتنا ثانيا.

فحري بنا اليوم الوقوف امام أنفسنا لمواجهتها وأمام عاداتنا لتصحيحها تصحيحا تاما وذلك عبر إعادة ترميم الوعي البشري وفق معايير أخلاقية عقلانية هدفها الأول الارتقاء بانفسنا ثم بمجتمعنا وهذا الوعي هو مسؤولية الجميع البيت والمدرسة والإعلام وحتى الرواية، وخاصة الإيمان بأن العار الحقيقي لا يكمن داخل أعضاء بناتنا بل إنه يكمن داخل عقولنا القاصرة التي ليست قادرة بما فيه الكفاية على التمييز بين التربية السليمة والتربية المختلة وحوصلة حياتنا داخل دائرة العار والفضيحة.

وإن العار الحقيقي في هذه الحياة هو أن نظل خائفين من اتخاذ خطوة أولى نحو التمرد على ما نقوم به دون وعي وعدم التطلع نحو مستقبل أكثر اشراقة وأكثر حب بل وأكثر حياة، لذلك من هنا تبدأ مسؤوليتنا في التغيير وإن التغيير الحقيقي يبدأ من عقولنا ثم من مجتعاتنا.

اترك رد