مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

التكنولوجيا والوبائيات

بقلم – دكتور هشام فخر الدين:

لا شك أن التكنولوجيا تمثل عصب الحياة  فى ظل العولمة، التى صاحبها ثورة تكنولوجية ومعلوماتية واتصالية، مما نجم عنه أن انتاج المعرفة أصبح عبارة عن حزم ورزم معلوماتية، فى كل ثانية معرفة جديدة مستخدمة فى مجالات عدة موفرة الوقت والجهد. مع فتح آفاق معرفية لا حصر لها، فضلاً عن كونها أصبحت المحرك الرئيسى لتحقيق الإندماج العالمى.

إلا أنها أخذت تتسارع خلال فترة التسعينات بشكل خاص، من خلال الثورة العلمية والتكنولوجية الراهنة، والتطورات المذهلة في وسائل الإتصال والمعلومات التي تقود الطريق إلى المستقبل.كل ذلك أدى ويؤدي ليس فقط إلى دمج العالم فحسب، وإنما إلى انكماشه.

وعلى الصعيد الطبى ساهمت  التكنولوجيا في تقديم العلاج الأفضل والتقليل من المعاناة في الوقت نفسه، إذ تمكنت التكنولوجيا من توفير آلات جديدة  كالربوتات وغيرها من الأجهزة، وأدوية وعلاجات ساعدت في حماية العديد من الأشخاص، وحسنت من فرص علاجهم، ليس هذا وحسب، بل استطاعت التكنولوجيا تطوير الأبحاث والدراسات العلمية لجعل الرعاية الصحية أكثر كفاءة.

وتظهر إمكانيات التكنولوجيا فى شتى المجالات وخاصة الطبية، فى احتواء الأزمات ومحاصرة الأوبئة والفيروسات كفيروس كورونا، ذلك الوباء العالمى الذى اجتاح العالم أجمع وكانت بدايته فى الصين، ولنا فى تجربة الصين مثلاً وعبرة فى التعامل معه ومحاصرته، فى بلد المنشأ مدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوبى، وهى مركز علمى وصناعى عملاق، حيث تضم أكثر من 350 مركزاً علمياً للأبحاث والمختبرات العلمية، فضلاً عن كونها مركز رئيسى  للنقل الداخلى وبها عشرات السكك الحديدية.

فحالة الشلل التى مرت بها الصين بعدما ضربها فيروس كورنا، دفعها لعمل خطة طوارىء، نظرا لارتفاع حالات الوفيات فى مقاطعة هوبى، واعتمدت استراتيجية متطورة جداً عبر القوة الصارمة وتدابير الإحتواء والحجر الصحى على 60 مليون شخص، وفرض قيود على السفر وتعليق الدراسة.

قد يهمك ايضاً:

نافذة الأمل 2025

خالد عامر يكتب الإعلامي أحمد المسلماني “بشرة…

ويمكننا هنا فى مصر الاستفادة من التجربة الصينية فى احتواء الفيروس ومحاصرته بأقل التكاليف، ولكن الأمر يحتاج مزيد من الإنتباه والجهد ولكنه ليس بالمستحيل.  فلابد من وجود بنية تكنولوجية كبيرة في الدول التي ترغب في مواجهة الأزمات، ولابد من وجود وحدات تخزين عالية وأجهزة حاسب آلية ذات إمكانيات مرتفعة للغاية، وأن الأزمة التي حدثت بسبب فيروس كورونا ستكون نقطة تحول في العالم كله في استخدام تكنولوجيا المعلومات، ونقلة كبيرة في مواجهة الأزمات كما فعلت الصين.

ف التكنولوجيا مكنت الصين من السيطرة على فيروس كورونا، والتغلب عليه باستخدام الحواسب  والربوتات من خلال نظام إلكتروني محكم. حيث تم استخدام التكنولوجيا لمواجهة كورونا عبر روبوتات متحركة تتجول فى شوارع الصين، لتوصيل الاحتياجات الطبية إلى مستشفيات ووهان، وتقليل الاتصال المباشر بين البشر، وتتحرك الروبوتات بشكل مستقل وعندما يصل لوجهته يقوم بارسال رمز إستلام الشحنة إلى هاتف الشخص.

بالإضافة إلى استخدام الروبوتات لتطهير المستشفيات وللكشف على المصابين دون الاتصال المباشر بين المرضى والاطباء وطاقم التمريض، للتقليل من احتمالات إنتقال العدوى للطاقم الطبى، واستمرار عمليات التعقيم والتطهير للمستشفيات وكافة الشوارع عبر الروبوتات على مدار 24 ساعة، وربوتات أخرى هدفها الكشف المبكر عن الفيروس من خلال الأشعة فوق البنفسيجية  خلال 40 دقيقة فقط بدلا من 3 ساعات، ويراهن عليه لحماية الأطباء من إنتقال العدوى  خاصة مع تزايد الإصابات فى صفوف الكوادر الطبية.

كما استفادت من وجود ملايين الكاميرات فى أكثر من اتجاه، وأبرزها التعرف على وجوه المجرمين، لذلك يمكن استخدامها في أغراض أخرى، ومكنت الصين من اختصار الكثير من الوقت، ووظفتها في عمل سجل لكل مواطن، وتقييم سلوك المواطنين وحرمانه من بعض الخدمات إذا لم يكن عدد نقاطه كبير، كما ساعدتها في محاصرة فيروس كورونا وتقليل انتشاره.

فضلا عن الاعتماد على تكنولوجيا الاتصال واستخدام الكاميرات فى الشوارع والمقدرة ب 300 مليون كاميرا, وذلك بتزويدها بتقنيات معينة، للكشف عن المصابين والمارة فى الشوارع وتحديد درجة حرارتهم وأماكنهم وسرعة عزلهم واخضاعهم للعلاج. فضلا عن عمل خوذة من نوع متقدم لرجال الشرطة فى الشوارع تساعدهم على اكتشاف المصابين من المواطنين، وسرعة إخضاعهم للعلاج وادخالهم الحجر الصحى.

بالاضافة إلى عمل تطبيق على التليفون المحمول لمتابعة الحالة الصحية للمواطن وقياس درجة حرارته ومدى إصابته، وبالتالى سرعة التعامل معه وبالتالى سهولة حصر المصابين، وتقنين عمليات الإصابة وسهولة حصر هم، وبالتالى انحصار المرض وحصر الفيروس ومحاصرته ومنع ارتفاع نسبة الإصابة بين المواطنين.

ونحن كدولة قوية إتخذت إجراءات إستباقية فى مواجهة هذا الوباء، فنحتاج بجانب الوعى، إلى استخدام التكنوجيا فى محاصرته، وخاصة وأننا نملك على أرض مصر شركات كبرى وعالمية متخصصة، فبالاتفاق معها وتوفير الدعم لها يمكننا فعل ذلك ومحاصرة الوباء واكتشاف المصابين وسرعة التعامل معهم،  وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم وفى نفس الوقت تقليل أعداد المتعرضين للإصابة سواء من المواطنين أو المخالطين أو من الطاقم الطبى.

 

اترك رد