مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

التربية المجتمعية بين القيم والتحديات.. نحو وعي عربي متجدد.. قراءة للشريف خالد الأبلج

كتب/ أحمد الشرقاوى 

أكد الباحث و الخبير التربوي الشريف خالد الأبلج، عضو الرابطة العلمية العالمية للأنساب الهاشمية، أن التربية المجتمعية تمثل الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات العربية وتشكيل هويتها الثقافية والقيمية، مشددًا على أن دورها يتجاوز حدود التعليم النظامي داخل المدارس والجامعات، ليشمل الأسرة والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني. 

وأوضح أن التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي تفرض الحاجة الماسة إلى دراسة أخلاقيات التربية المجتمعية باعتبارها ضمانة للحفاظ على القيم الأصيلة، وفي الوقت نفسه وسيلة للتكيف مع تحديات الحداثة والعولمة.

وأشار الشريف الأبلج إلى أن مفهوم التربية المجتمعية يقوم على إشراك جميع قوى المجتمع في عملية التنشئة الاجتماعية والتربوية بما يحقق التكامل بين المدرسة والأسرة والشارع والمؤسسة الإعلامية، مبينًا أن أخلاقياتها تعكس منظومة قيمية تحكم سلوكيات الأفراد، مثل العدالة التربوية في ضمان تكافؤ الفرص، والاحترام المتبادل بين الأجيال والجنسين، والمسؤولية المشتركة في حماية الناشئة، إضافة إلى الشفافية والمصداقية في نقل المعرفة، والانفتاح المنضبط على المعارف العالمية دون التفريط في الثوابت.

وأوضح أن التربية المجتمعية في العالم العربي تواجه العديد من التحديات، من أبرزها التأثيرات الإعلامية غير المنضبطة نتيجة تدفق محتوى رقمي ضخم يفتقر أحيانًا إلى القيم التربوية، إلى جانب الفجوة الواضحة بين الأجيال، وضعف التنسيق بين المؤسسات التربوية، وتراجع بعض القيم التقليدية تحت تأثير العولمة، فضلًا عن التحديات الاقتصادية المختلفة.

قد يهمك ايضاً:

«الشيحي» يشارك في المعرض الدولي للتعليم العالي بالسويد…

وأردف أن هذه التحديات، على الرغم من خطورتها، تفتح في المقابل فرصًا حقيقية لتطوير التربية المجتمعية عبر تفعيل دور الأسرة كحاضنة أساسية للقيم، وإعادة صياغة المناهج التعليمية لتضمين قيم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية، وتطوير الإعلام التربوي ليكون منصة داعمة للأخلاق، وتعزيز الشراكات بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بجانب تدريب الكوادر التربوية على استراتيجيات التربية الأخلاقية، واستثمار التحول الرقمي في نشر الثقافة التربوية الإيجابية.

وبيّن الشريف الأبلج أن العالم العربي بحاجة ماسة إلى وضع إستراتيجيات متكاملة لتعزيز أخلاقيات التربية المجتمعية، مؤكدًا أن هذه الإستراتيجيات يجب أن تقوم على مبدأ التكامل بين الأصالة والمعاصرة، بحيث يتم الحفاظ على القيم الدينية والثقافية الأصيلة، وفي الوقت نفسه تنمية القدرات العقلية والإبداعية للشباب لمواكبة متطلبات العصر.

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، تضطلع بدور ريادي في هذا المجال، من خلال إطلاق مبادرات تعليمية وتربوية تعزز من مكانة الأخلاق والقيم في المجتمع، مثل تطوير المناهج التعليمية لتشمل قيم المواطنة والاعتدال والتسامح، ودعم البرامج المجتمعية التي تستهدف الشباب، فضلًا عن توظيف رؤية المملكة 2030 كإطار استراتيجي شامل يربط بين التنمية المستدامة وبناء الإنسان.

وأضاف أن التجربة السعودية في تعزيز التربية المجتمعية تمثل نموذجًا رائدًا في العالم العربي، خاصة مع تركيزها على تمكين الشباب، وتوسيع نطاق الشراكات بين المؤسسات التعليمية والقطاعين العام والخاص، وتوظيف التكنولوجيا في نشر الوعي الأخلاقي والتربوي، بما يرسخ مكانة المملكة كقدوة عربية وإسلامية في دعم التربية المجتمعية القائمة على القيم الراسخة والهوية الأصيلة.

وختم الشريف  الأبلج قراءته بالتأكيد على أن الرؤية المستقبلية للتربية المجتمعية في العالم العربي يجب أن تنتقل من مرحلة “التلقين” إلى مرحلة “التمكين”، بحيث يتم غرس القيم الأخلاقية عبر الممارسة الحياتية اليومية وليس فقط من خلال النصوص النظرية، مشددًا على أن تعزيز أخلاقيات المسؤولية المشتركة سيضمن للأجيال القادمة بيئة تعليمية ومجتمعية أكثر وعيًا، تحفظ الهوية الحضارية وتواكب في الوقت ذاته مسارات التنمية العالمية.

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.