بدر شاشا :
التبركيك هو ظاهرة ثقافية واجتماعية متأصلة في المجتمع المغربي، تمثل طريقة للتفاعل والتواصل بين الأفراد في الأحياء. هذه الظاهرة تتعلق بمراقبة الناس لبعضهم البعض والتساؤلات حول أنشطتهم اليومية. يبدو أن التبركيك يأتي كنوع من الفضول أو الاهتمام بالشأن العام، لكنه يحمل في طياته ملامح سلبية تنعكس على طريقة تفكير الناس وسلوكهم.
عندما نتحدث عن التبركيك، فإننا نتحدث عن لحظات ينظر فيها الناس من النوافذ أو يجلسون في الأزقة يتأملون ما يحدث حولهم. “شي كطل عليك من الشرجم” هو تعبير يعبر عن تلك النظرة الفضولية التي يتحلى بها الكثيرون. يمكن أن يتسائل الشخص: “شنو عندك في الميكة؟” في إشارة إلى الاهتمام بما يحمله الجيران من أكياس أو متاع. هذا النوع من السلوك يعكس بشكل من الأشكال عدم الثقة، حيث يظن الناس أن لديهم الحق في معرفة تفاصيل حياة الآخرين.
تتجلى مظاهر التبركيك أيضًا عندما يتحدث الناس عن بعضهم البعض، حيث يمكن أن ينشأ حديث حول “شي جايب” أو “شي حاضيك لابس خارج”. هذه التعليقات غالبًا ما تأتي من مكان من الحكم على الآخرين، مما يؤدي إلى تصورات سلبية ومشاعر انعدام الثقة بين الجيران.
هذا النوع من التفكير السلبي يمكن أن يكون له تأثير كبير على العلاقات الاجتماعية. فعندما يتعامل الناس مع بعضهم من منطلق الفضول أو المراقبة، يُفقد الجو العام للثقة والألفة. مما يؤدي إلى توتر العلاقات بدلاً من تعزيزها.
في كثير من الأحيان، يرتبط التبركيك بعدم القبول للآخر، حيث يُنظر إلى كل شخص مختلف عن المألوف بعين الشك. وبالتالي، يُعتبر هذا التفكير السلبي نوعًا من التمييز، حيث يمكن أن يُحكم على الأفراد بناءً على مظهرهم أو سلوكهم. بدلاً من الانفتاح على الآخر وفهمه، ينغلق المجتمع على نفسه، مما يؤدي إلى تعزيز الفجوات الاجتماعية.
إن التبركيك المغربي، رغم كونه جزءًا من الحياة اليومية، يحمل في طياته تحديات كبيرة. وللتغلب على هذه العقلية السلبية، يجب على الأفراد والمجتمع العمل على تعزيز قيم التسامح والتفاهم. يحتاج الناس إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يتفاعلون بها مع بعضهم البعض، والتركيز على بناء علاقات قائمة على الثقة
والاحترام.