البداية التاريخية للعلاقات المصرية – الروسية
كتب – بهاء المهندس :
فى إطار الإحتفال بيوم الدبلوماسية الروسية الذي يوافق يوم (10) العاشر من فبراير دعت سفارة روسيا الإتحادية في مصر إلى قراءة مقال نسترجع فيه معًا حقبة من المسيرة الطويلة التي قطعها الدبلوماسيون المصريون والسوفيت
في إطار جهودهم لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين، والذى كتبه المستشرق الروسى فلاديمير بيلياكوف الأستاذ فى معهد الاستشراق فى موسكو،
الذى عاش فى القاهرة لمدة 15 عاماً وأصدر عن مصر 20 كتاباً منها ” ناصر وخروشوف ” و”الروس المهاجرون فى مصر” وسلسلة كتب “اعرف مصر” و”مصر فى عيون الروس”.
قال بيلياكوف فى مقاله أن بدايات تاريخنا المشترك تعود إلى فبراير من عام 1943 عندما قام نشأت باشا سفير مصر في لندن بدعوة إيفان مايسكي سفير الإتحاد السوفيتي المفوض لدى بريطانيا لتناول طعام الإفطار بمقر إقامته
واقترح عليه العمل على إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين دولتيهما، وبدوره أوصى السفير السوفيتي الحكومة المصرية – التي كان يترأسها في ذلك الوقت النحاس باشا رئيس حزب الوفد – بتوجيه طلب بذلك إلى العاصمة السوفيتية موسكو.
وفي 29 مارس عام 1943 وافقت الحكومة المصرية على هذه الخطوة، واعتمدت قرارًا بها في 30 يونيو من العام نفسه.
وتوافق في هذا الوقت أن إيفان مايسكي تلقى استدعاء للقدوم إلى موسكو، وبينما كان في طريقه إلى أرض الوطن توقف في القاهرة وقام بزيارة النحاس باشا يوم 5 يونيو.
وفي 6 يوليه تلقى السفير السوفيتي رسالة من رئيس الوزراء المصري يطلب فيها بحث إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر والإتحاد السوفيتي،
وقد لاقت هذه الرسالة قبولًا لدى الحكومة السوفيتية. وبالفعل يوم 26 من يوليه أرسل إيفان مايسكي برسالة إلى النحاس باشا جاء فيها: ” إن الحكومة السوفيتية تتلقى بالقبول اقتراحكم بإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية بين مصر والإتحاد السوفيتي، وإنها على استعداد لتبادل السفراء في أقرب وقت ممكن”.
وفي 26 أغسطس وصل إيفان مايسكي إلى الإسكندرية حيث التقى بـ “النحاس باشا” وتلقى منه ردًا إيجابيًا على رسالته، وتوافق معه على نص البيان المشترك.
وفيما يلي مقتطفات من مذكرات السفير السوفيتي : “أعربتُ له عن سروري بالنهاية السعيدة التي آلت إليها مباحثاتنا المشتركة، وسألته: أي تاريخ سنعتبره بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا؟ فكر “النحاس باشا” لبرهة،
ثم قال بصوت مُفْعَمٍ بالحيوية: سنعتبر بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية من تاريخ اليوم – 26 أغسطس 1943 -. فاليوم اختتمنا مباحثاتنا المشتركة، كما أننا لدينا اليوم عيد كبير ذو مكانة لدى المسلمين كافة، ألا وهو شهر رمضان. وبخطى سريعة توجه “النحاس باشا” نحو النافذة المفتوحة
وقال موجهًا كلامه لي: ها، أنظر، لقد تزينت المدينة بأكملها بالأعلام، والجميع يسيرون في شوارعها تغمرهم مشاعر المرح والسعادة. إنه لتاريخ جيد لإعلان تدشين العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا.
فقلتُ له: إذن حسنًا، لِيَكُنْ 26 من أغسطس 1943 تاريخًا لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والإتحاد السوفيتي.
وإني آمل أن يتذكر أحفادنا هذا التاريخ بسعادة وسرور. فقال النحاس باشا : نعم، نعم، لا شك لديّ في ذلك.
أضاف “بيلياكوف” أن مقر إقامة رئيس الوزراء المصري – بحسب شهادة السفير السوفيتي – كان يقع في فندق فخم يطل مباشرة على شاطئ البحر”.
وقد اتفق “النحاس الباشا” و”إيفان مايسكي” على أن يتم إصدار بيان مشترك في كل من القاهرة وموسكو في يوم واحد هو 7 سبتمبر،
إلا أن صعوبة الإتصال في ظل ظروف الحرب التي كان يعيشها الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت أرجأت إعلان البيان المشترك في موسكو ليصدر بعد هذا التاريخ بيومين.
وفي يوم 9 سبتمبر خرجت جريدة “إزفيستيا” ببيان جاء فيه : “طوال الفترة الأخيرة تبادل نائب مفوض الشعب للشئون الخارجية “إيفان مايسكي” ورئيس الوزراء ووزير الخارجية المصري “مصطفى النحاس باشا” الرسائل نيابة عن حكومتيهما،
وقد تُوِّجت هذه الرسائل بالإعلان عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اعتبارًا من يوم 26 أغسطس 1943. وينص الإتفاق الذي تم التوصل إليه على تبادل السفراء فيما بينهما في المستقبل القريب”.
التعليقات مغلقة.