مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الاستفادة من الترع كوسيلة مبتكرة لدعم التنمية المستدامة في مصر

بقلم – د. خالد فواز:

في ظل سعي الدولة نحو الحفاظ على الموارد الطبيعية، سواء المتجددة أو غير المتجددة، وحرصها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تبرز فكرة استغلال الترع – التي يبلغ عددها في مصر نحو7738 ترعة – كأحد الكنوز المهملة التي يمكن أن تمثل نواة حقيقية لمشروعات قومية غير مسبوقة، تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع والبيئة.

أولًا: الطاقة الشمسية على جوانب الترع

من الممكن استغلال جوانب الترع في تركيب الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء النظيفة، دون الحاجة إلى الاستيلاء على أراضٍ زراعية. على سبيل المثال:
لو تم تركيب لوح شمسي واحد لكل متر طولي من الترعة، فبجانب ترعة يبلغ طولها 2000 متر يمكن تركيب 2000 لوح شمسي.
وبفرض تكرار التجربة على عدد مماثل من الترع سنويًا (عدد 2 ترعة × 2000 لوح)، فهذا يعني تركيب 4000 لوح شمسي سنويًا.
وإذا كان اللوح الواحد ينتج متوسط 350 واط، فإن:
4000 × 350 واط = 1.4 ميجاوات
وهذه الكمية كافية لإنارة محطة مياه، أو تشغيل مضخات زراعية، أو دعم شبكات القرى الصغيرة، ما يساهم في تقليل الضغط على الشبكة العامة ويعزز التحول نحو الطاقة المتجددة.

ثانيًا: استغلال الانحدارات المائية لتوليد الطاقة

في بعض الترع التي يتوفر فيها فرق منسوب طبيعي (انحدار)، يمكن تركيب توربينات صغيرة لتوليد الكهرباء باستخدام طاقة المياه المتدفقة.
فمثلًا، توربينة بقدرة 10 كيلووات تعمل على مدار اليوم:
10 كيلو × 24 ساعة × 360 يوم = 86,400 كيلووات/ساعة سنويًا (أي 86.4 ميجاوات/ساعة)
وإذا تم تكرار ذلك على 100 موقع انحدار، نحصل على:
86.4 × 100 = 8,640 ميجاوات/ساعة سنويًا
وهو رقم ليس بالقليل، خصوصًا إذا ما تم توجيهه لتشغيل محطات الري أو محطات معالجة المياه أو حتى بعض الصناعات الخفيفة بالريف.

ثالثًا: تعزيز الثروة السمكية في الترع

من المقترح تخصيص أجزاء محددة من الترع للاستزراع السمكي المنضبط بيئيًا، مع تحديد مناطق الطول والعرض المناسبة لذلك.
فإذا تم تخصيص مساحة قدرها 500 متر طول × 3 متر عرض = 1500 متر مربع، واستُخدمت لتربية أنواع سريعة النمو مثل البلطي أو المبروكة، فإن متوسط إنتاج المتر المربع الواحد يمكن أن يصل إلى 10 كجم سنويًا، أي:
1500 × 10 = 15,000 كجم (15 طن) من الأسماك سنويًا في ترعة واحدة فقط.
وإذا تم تعميم التجربة على 1000 ترعة، يمكن إنتاج:
15 طن × 1000 = 15,000 طن سنويًا
وهو إنتاج يمكن أن يُوجه للسوق المحلي أو التصدير، مما يقلل من واردات الأسماك ويدعم الأمن الغذائي.

قد يهمك ايضاً:

حياة النساء بين الرصاص …والتبرير

كيفية حماية مدينة الإسكندرية من الغرق: تحديات وحلول

الأثر الاجتماعي والاقتصادي

خلق فرص عمل للشباب في مجالات جديدة مثل: صيانة الألواح الشمسية، مراقبة جودة المياه، صيد الأسماك، تصنيع التوربينات، مما يساهم في تقليل نسب البطالة.

تقليل الاستيراد وزيادة الصادرات، سواء في مجال الطاقة أو الغذاء.

تحقيق دخل إضافي للدولة من خلال بيع الكهرباء المنتجة أو الأسماك، أو جذب المستثمرين المحليين والأجانب.

تحسين البيئة من خلال استخدام الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات.

جذب الاستثمارات غير المباشرة مثل صناديق الأسهم الخضراء المهتمة بالمشروعات البيئية المستدامة.

 

خاتمة

إن الترع ليست مجرد قنوات للري، بل تمثل موردًا استراتيجيًا غير مستغل حتى الآن. وإذا ما تم التفكير خارج الصندوق، فإن هذه المجاري المائية يمكن أن تتحول إلى محركات فعالة لدعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز أمن الطاقة والغذاء، وخلق فرص استثمارية واعدة، فضلًا عن دورها في حماية البيئة والمناخ، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.