كتب – سمير عبد الشكور:
وضع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، مصلحة الوطن والمواطن في مقدمة الأولويات التي تعمل مؤسسات الشورى العمانية من أجل تحقيقها، بالمواطن ومن أجل حاضره ومستقبله أيضا.
وفي هذا الإطار حث أعضاء مجلس عمان، بجناحيه “مجلس الدولة ومجلس الشورى”، على العمل بجهد وتجرد، وبصراحة وشفافية، وبإعلاء لمصلحة الوطن، دومًا وتحت كل الظروف، ووضعها قبل أي مصلحة أخرى، ثم نمت وتطورت مسيرة الشورى العمانية وتعززت تقاليدها البرلمانية، واستطاع كل من مجلس الدولة ومجلس الشورى السير بخطى واثقة ومتواصلة من أجل تحقيق أهدافهما وممارسة واجباتهما ومهامهما التشريعية والرقابية، وفق ما جاء في النظام الأساسي للدولة وتعديلاته.
وكتقليد راسخ لتأسيس دولة المؤسسات وتكاملها، بدأ مجلس الدولة دور الانعقاد السنوي الرابع من الفترة السادسة، كما بدأ مجلس الشورى دور الانعقاد السنوي الرابع من الفترة الثامنة له، واليوم /الثلاثاء/ يلتقي أعضاء المجلسين في جلسة مشتركة لمناقشة المواد محل التباين في مشروع قانون الضريبة على السلع الانتقائية، وذلك من أجل التوصل إلى توافق بين المجلسين بشأن تلك المواد.
ولا شك أن الجلسات المشتركة لمجلسي الدولة والشورى والتعاون بين مجلس الوزراء وبين مجلس عمان، بجناحيه (الدولة والشورى)، يعتبر أحد أهم الوسائل، لتوحيد الرؤى في استمرار البناء والتنمية، وبما يتيح، في الوقت ذاته، أكبر قدر ممكن من الشفافية في تناول الموضوعات التي تهم حياة المواطنين، أو تؤثر عليها، بشكل أو بآخر.
كما أن التعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة وفقاً للقانون، يؤسس دعائم راسخة تضمن لها التطور الطبيعي الذي يلبي متطلبات كل مرحلة من مراحل العمل الوطني وبما يستجيب لحاجات المجتمع ويواكب تطلعاته إلى مزيد من الإسهام والمشاركة في صنع القرارات المناسبة التي تخدم المصلحة العليا للوطن والمواطنين ضمن رؤية مستقبلية واعية وخطوات تنفيذية واعدة.
ووفقاً لخبراء الأمن والتنمية، ترتكز عملية البناء والتنمية في سلطنة عُمان منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي وخلال نصف قرن تقريباً، على استراتيجية التكامل المؤسساتي بين أجهزة الدولة والعمل في انسجام من أجل استدامة التنمية الشاملة والنهوض بالوطن والمواطن.
فقد ارتكز بناء الدولة العصرية الحديثة في سلطنة عُمان كما أراد لها السلطان قابوس سلطان عُمان على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن، الآن وفي المستقبل.
وعلى مدار ثمانية وأربعين عاماً، قطعت سلطنة عُمان شوطاً كبيراً في إرساء دولة المؤسسات العصرية الحديثة المتكاملة التي يحكم طبيعة تفاعلاتها القانون.
فإضافة إلى مجلس الشورى بتطورات مراحله الثمانية، ومجلس الدولة بمراحله السادسة، وبالتالي مجلس عُمان بفتراته السادسة أيضا، كانت تجربة سلطنة عمان في المجالس المحلية البلدية وهي تجربة جديرة بالمتابعة لأنها تمثل إضافة لبنة جديدة في مؤسسات الدولة وفقا لقواعد قانونية منضبطة.
قامت فكرة البناء المؤسسي العُماني المتدرج على عدد من الأسس، أبرزها: توسيع عملية المشاركة السياسية وإشراك المواطنين في صياغة القرارات السياسية والاقتصادية باعتباره شريكاً أساسياً في التنمية والبناء، ولتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني، والأخذ بأسلوب التطور التدريجي السلمي البعيد عن النظريات المستوردة التي لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية.