سعاد أحمد على
يعد مولد العارف بالله أبو الحجاج الأقصري الذى يقام فى منتصف شهر شعبان من كل عام اهم المناسبات الدينية والشعبية في محافظة الأقصر
و يحتفل به الالاف من الزوار من مختلف أنحاء العالم ويستمر لعدة ايام حيث يعتبر أحد الشخصيات الدينية البارزة في التاريخ المصري الإسلامي و من علماء الدين الصوفيين والمشهود له بالتقوى والصلاح
حياة أبو الحجاج الأقصري ونسبه الشريف
قال عبد الجواد عبد الفتاح الحجاجي مدير عام الاثار الاسلاميه والقبطيه الأسبق يعود أصل أبو الحجاج الأقصري إلى العراق، واسمه الكامل يوسف جمال الدين أبو الحجاج بن عبد الرحيم، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب. لم يُذكر تاريخ مولده تحديدًا، كما هو شائع في مؤرخي العصور الوسطى الذين غالبًا ما كانوا يكتفون بتسجيل عام الوفاة. وقد توفي أبو الحجاج عام 642 هـ / 1244م، ومنذ ذلك الحين أصبح اسمه مرتبطًا بواحد من أكبر الموالد في صعيد مصر.
الاحتفال بمولد أبو الحجاج الأقصري
ويتابع الاثرى عبد الجواد تتميز احتفالات مولد أبو الحجاج الأقصري بأجوائها الروحانية والبهيجة وتتضمن الفعاليات إقامة ليال الذكر تُقام في ساحة المسجد وفي عدة مناطق مجاورة لها ويحييها عدد من كبار المنشدين والمداحين بل إن البعض كان يحجز موعد عرسه أو زفافه قبلها بستة أشهر أو أكثر حتى يتم في هذه الليلة وتذبح الذبائح الكثيرة فى ليلة المولد ويأكل منها الأغنياء والفقراء على حد سواء ويكونون على موائد كثيرة وعديدة طوال الليل واليوم التالى له
بل إن الخارج من منزله في هذه الليلة لا يجد مكاناً لقدمه من كثرة الزحام
ويقوم على موائد الأقصر في هذه الليلة حوالي مليون شخص في المتوسط من داخل الأقصر وخارجها
بل إن بعض القرى والمدن المجاورة للأقصر كانت تقدم طعامها في هذه الليلة فكانت مدينة إسنا مثلاً تقدم جزءاً من الأرز والخضار وجزءاً من اللحمة ، وكانت مدينة
أرمنت تقدم الفطير فقط وكانت مدينة قوص تقدم الخبز فقط فأهل هذه المدن كانوا يتسابقون فيمن يقدم أكثر أو أحسن أو أطعم
ويوم المولد وهو اليوم التالى لليلة الكبيرة تذبح فيه الذبائح أيضاً ولكنها تكون أقل من ليلته ويستمر الناس في الأكل والشرب طوال هذا اليوم أيضاً
أما اليوم الثالث وهو آخر أيام المولد ففيه يقتصر الأمر على موائد المنزل فقط ولا يخرج أحد من أهل الأقصر طعاماً لأحد
أما اليوم الرابع ففيه يقتصر الأمر على موائد المريدين فقط وهم الذين لازموا الشيخ أبا الحجاج في حياته وبعد مماته ويستمر الأمر على هذا المنوال إلى أن ينفض المولد بعد أسبوع كامل
موكب الاحتفال.. استمرارية لتقاليد فرعونية
ويضيف عبد الجواد من ابرز مظاهر الاحتفال موكب أبو الحجاج الذى يطوف شوارع الأقصر
ويتقدم الموكب الجمل الذي يحمل تابوت أو الأقمشة التي تغطي ضريح الشيخ أبو الحجاج ثم الأقمشة الخمسة للمقابر الأخرى المحيطة بالشيخ أبو الحجاج تحمل على ظهور الجمال الخمسة وهي أقمشة كلاً من الشيخ أحمد النجم والشيخ عبد المعطى أبنى الشيخ أبو الحجاج والشيخ جبريل ابن عمه والشيخ المغربي أستاذه على الأرجح والشيخ عبد المعطى عبد الكريم من أقربائه ، وسط تلاوة أعضاء الأسرة الحجاجية لبردة الإمام البوصيري وغيرها من الأدعية والأوراد ثم يتقدم مركب الشيخ أبو الحجاج تحيط به الأعلام محمولاً على عربة يجرها الصبية والكبار يحيطها الإجلال والوقار ولقد ربط كثيرون بين هذه المركب ومركب الإله آمون التي كانت سفينة مقدسة يحتفل بها سنويا يؤتى
بها من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر يحملها الكهنة على أكتافهم ويسير حولهـا الجنود تأتي في مهرجان مشابه تماماً من الكرنك إلى الأقصر في حفل بهيج منذ ثلاثة آلاف عام ولقد رفض الفكرة الكثيرون وأيدها كثيرون أيضاً ولا نجد ما يزعج أن تكون هي امتداد لمركب آمون فتاريخنا الطويل الذي يتميز بالاستمرارية والقدم غير مستبعد أن تكون هي نفس العادة التي ابتهج بها الأقصريون القدماء في ” عيد الأبت ” فهناك العديد من العادات والتقاليد لا تزال موروثة من العصر الفرعونى فالقول بالتقادم الزمني بين العصرين لا ينفى ذلك ومهما يكن من أمر سواء هي مركب خاصة بالشيخ أبو الحجاج التي استخدمها في تنقلاته بالأقصر أو هي مركب الإله آمون فى عيد الأبت فهى تقليد يشع بالبهجة والسرور بعيداً عن الشرك والوثنية كما يخيل إلى البعض فينفى العلاقة بينهما في عصبية وتشنج لا تستحق كل هذا
وبعد المركب تأتى الحرف والمهن بالأقصر الحدادين والخياطين والجزارين والخضرية والمطاعم وغيرهم من مهن وينتهى الموكب في عودته أمام مسجد سيدى أبو الحجاج ويتم فك هوادج الجمال في احتفال عظيم
وقد كتب الاثرى عبد الجواد فى كتابه ( الأقصر في عهد أبو الحجاج ) البصل واللحم والتوابل يقال أن الشيخ أبو الحجاج هو من أدخله الأقصر وهو يجهز على شكل كرات صغيرة ثم يسلق ويحمر ولما كان مجتمع الأقصر من أعظم المجتمعات قبولا للآخر يقول المرحوم الشيخ مصطفى حامد
الحجاجي رحمه الله أن عائلات المسيحيين المجاورين لسيدى أبو الحجاج مثل الخرانيس والحوامص والعمد وغيرهم كانوا يصنعون هذا الكباب ويفتحوا ديارهم لزوار سيدى أبو الحجاج ويقدمون لهم الطعام بما فيها الكباب الذي راقهم وبرعوا في صناعته وأكلوه في صيامهم بعد أن صنعوه بدون لحوم ، وكانت نساءهم تتفاخر على شقيقاتهم المسلمات مرسلة لهن أطباق من صنعهن سواء بدون لحوم أوقات صيامهم أو باللحوم في مولد أبو الحجاج
الليلة الكبيرة.. رمز للتآخي بين المسلمين والمسيحيين
وعن الليلة الكبيرة للمولد قال عبد الجواد تحتفل أسرة أبوالحجاج بالليلة الكبيرة بدعوة احد مشاهير القراء فى سرادق ضخم أمام المسجد يحضره ويشارك فيه مسئولو الأقصر والأمن ورجال الدين الإسلامى والأباء والكهنة من رجال الدين
المسيحى والاخوة المسيحيين من جميع اسر وعائلات الأقصر وتلقى فيه القصائد والكلمات مع آيات الذكر الحكيم فى ابتهاج وسرور وتآلف وتآخى بين أبناء الأقصر جميعا ولا يقتصر الاحتفال داخل وخارج المسجد بل تقام السرادقات فى معظم أحياء الأقصر للإنشاد الدينى ومقرئى القرآن الكريم وتنحر الذبائح فى كل مكان بالأقصر
استمرار تقاليد الكرم والاحتفاء بالزوار
ويختتم عبد الجواد مدير الآثار بالأقصر الاسبق حديثه قائلا ولا يزالون إلى اليوم يحيون هذه الليلة بإنشاد الأغانى والأناشيد الدينية التى تمتدح آل البيت النبوى
ولا يزالون إلى اليوم يطعمون الطعام ويحسنون استقبال الضيوف وإكرامهم .
ولا يزالون إلى اليوم يجعلون هذه الليلة عرساً من أعراسهم
ولا يزالون إلى اليوم يحجون إلى سيدى أبو الحجاج في هذه الليلة من كل عام
ولا يزالون إلى اليوم يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم التى توارثوها أباً عن جد في الاحتفال بمولد سيدى أبو الحجاج