مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الإختيار

بقلم – دكتور  محمد كامل الباز:

كلمة تدعو للحيرة والتردد، الإختيار دائماً يترتب عليه أمور مصيرية وحاسمة وموضوع اليوم من أكثر تلك الأمور أهمية إذ أن اختيار شريك حياة لابنتك أو أختك ليس بالأمر الهين، أمر تُبنى عليه حياة وتخرج من وراءه أجيال، لمن تختار لابنتك وما هي مواصفات شريك الحياة الذى تثق به كى تستأمنه على أعز ما تملك،

 

قد يهمك ايضاً:

وزير التموين مفاجأة مفرحة للمواطنين بشأن أسعار الزيوت قبل…

أمين الفلاحين في ضيافة الشهبندر لمناقشة آخر المستجدات…

قبل أن أجيب على هذا السؤال نرجع للوراء وبالأخص حقبة ما بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقبع رجل من أتقى وازهد الناس فى المدينة لدرجة أنه لقب بقبة التابعين وهو سعيد بن المسيب، دخل عليه ذات مره رجل يبلغه أن هشام بن عبد الملك يطلبه، عندما ذهب بن المسيب فوجيء بطلبه وهو زواج إبنه الوليد من بنت سعيد بن المسيب، عرض مغرى وبلغة العقلاء هى فرصة لا يفوتها عاقل، تكون صهر لأكبر رجل فى الدولة، يصبح زوج ابنتك ولى العهد والحاكم المنتظر ، تصبح بنتك سيدة القصر، لكن هل فكر سعيد بن المسيب فى كل ذلك، فكر فى شىء واحد أن أخلاق وعلم ولى العهد ليست التى يريدها لقرة عينه، لا تساوى كل تلك المغريات أن تفقد بنت الفقية العالم جزء مما تعلمته ويهبط ترمومتر أخلاقها، كان الرد حاسم وقاطع وهو الرفض والاعتذار، يشاء السميع العليم ألا تمض سوى أيام قليلة يفاجئ ابن المسيب بأن أحد أفضل و اتقى طلبته كثير بن وداعة قد ماتت زوجته، ذهب له إبن المسيب وعرض عليه الزواج من ابنته، لم يكن كثير يملك أكثر من درهمين فقط، بلغتنا اليوم هو تعدى مرحلة الفقراء وهبط لقاع للمساكين، لكن حسابات ابن المسيب مختلفة عن حسابتنا، هو يرى فى كثير الرجل التقى النقى الخلوق الذى افتقد المال ولكنه يملك الأغلى من كل هذا خلق قويم ودين صلب يقفان حائل أمام ظلم ابنته وعائق أمام الغدر بها؛ لو اسقطنا ما فعله إبن المسيب على أولياء الأمور الآن لربما ضحكت لمدة ساعة متواصلة، من الممكن أن يتهمه أى أب بالجنون، ياتى لابنتك ابن أمير المؤمنين، المال والجاه والسلطان وتذهب لمن لا يملك درهمين، جننت يا رجل ؟ تزوجها أيضا لرجل سبق له الزواج؟ كارثة اجتماعية ما كان لها أن تحدث الأن، ربما لو عرض الأمر على أيا من آباء اليوم قد يتهم ذلك العريس بالجنون، لكنك لو قرأت احصائيات الطلاق والانفصال ستعلم من هو الذى جُن، لو اطلعت على عدد البنات التى تجاوزت الثلاثين ولم تتزوج ستعلم أن ابن المسيب من أعقل من انجبت الأرض، الرجل لم يتحزلق أو يتفلسف ويقبل بالظاهر، لم يلفت نظره قصر ولم يأخذ انتباهه مُلك كل ما فعل هو الاختيار الصحيح، الإختيار الذى علمه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم والذى غاب عن جل آباؤنا اليوم حيث قال ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي، وغيره؛

 

يوضح المصطفى أن من فضل الجاه والمنصب عن الأخلاق ستكون فتنة، تنبأ أن من اختار الحسب والنسب والمال عن الدين ستكون مفسدة، بالله عليكم إذ لم تصبح نسب الطلاق الان فتنة فما هى الفتنة إذن، إذ لم يكن خراب البيوت وتغير اخلاق أولادنا فتنة فهل ممكن أن تعّرف لى الفتنة إذن، للأسف شرد الناس عن الإختيار السليم، تمسكوا بمظاهر زائلة ودفع الثمن اولادهم من حياة زوجية قصيرة فى بعض الأحيان لم تتعدى شهور!!

 

ضرب ابن المسيب منذ مئات السنين مثلا واضحاً فى إختيار الزوج المناسب لابنتك، أعطى الرجل روشتة لكل المشاكل الزوجية قبل وقوعها، درس عملى يعلمك من تختار لابنتك ومن هو الشخص الذى تطمئن وانت تترك فلذة كبدك تحت سقف واحد معه، الرجل الذى إذا غضب منها لن يكرها وإذا كرهها لن يظلمها لأنه لم يأت مدجج بجاه أو مال بل كان يملك خير الخصال

 

التعليقات مغلقة.