مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الأثر النفسي للعزلة الاجتماعية الطويلة الأمد في عصر التكنولوجيا الحديثة

كتب: بدر شاشا

 

العزلة الاجتماعية كانت دائمًا موضوعًا محوريًا في دراسة النفس البشرية إلا أن العصر الحديث الذي نعيش فيه شهد تحولًا جذريًا في كيفية تفاعلنا مع العالم ومع الآخرين أصبحت التكنولوجيا الحديثة وخاصة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ولها تأثيرات عميقة على كيفية تفاعلنا مع العالم ومع الآخرين بينما يُعتقد أن هذه الأدوات تساعد في تقريب الناس من بعضهم البعض إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أنها قد تؤدي أيضًا إلى زيادة الشعور بالعزلة والوحدة.

 

يمكن النظر إلى العزلة الاجتماعية من زوايا مختلفة فعلى الصعيد الشخصي يمكن أن تؤدي العزلة إلى مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق وانخفاض مستوى الثقة بالنفس في غياب التفاعل الاجتماعي المباشر يعتمد الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي لتلبية حاجتهم للتواصل والتفاعل لكن هذا النوع من التواصل غالبًا ما يكون سطحيًا ولا يوفر الدعم العاطفي الذي يمكن الحصول عليه من التفاعل المباشر مع الآخرين.

 

الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع هو أن العديد من الناس يشعرون بالضغوط للمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي من أجل البقاء على اتصال مع أصدقائهم وعائلاتهم وهذا يمكن أن يؤدي إلى نوع من الاعتماد النفسي على هذه الوسائل بحيث يشعر الفرد بأنه مضطر لمتابعة تحديثات الآخرين والمشاركة في الحوارات الافتراضية حتى لو كان ذلك يسبب له توترًا نفسيًا.

 

قد يهمك ايضاً:

مصر البلد الاخبارية تهنىء الاستاذة عبير وهبة  بعيد ميلادها

مصر البلد تهنىء عائلات شتا وابوالقور بمناسبة حفل زفاف…

العزلة الاجتماعية في العصر الحديث ليست مجرد مشكلة نفسية بل هي أيضًا مشكلة صحية فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية لفترات طويلة قد يواجهون مخاطر صحية أكبر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب واضطرابات النوم بالإضافة إلى تراجع الصحة العقلية بشكل عام.

 

النقطة الأخرى التي يجب النظر إليها هي أن العزلة الاجتماعية قد تكون اختيارية بالنسبة لبعض الأفراد في بعض الأحيان يختار الناس العزلة عن عمد لأنهم يشعرون بالارتياح في الابتعاد عن المجتمع والضغوط الاجتماعية ومع ذلك يجب أن يكون هناك توازن لأن العزلة المفرطة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل نفسية وصحية كما ذكرنا سابقًا.

 

الفرق الكبير بين العزلة الاجتماعية في العصور الماضية والعزلة في العصر الحديث يكمن في كيفية إدراكنا لها وتفاعلنا معها في الماضي كانت العزلة غالبًا ما تكون نتيجة لظروف خارجة عن سيطرة الفرد مثل العيش في مناطق نائية أو الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة أما اليوم فقد تكون العزلة نتيجة للاختيار الشخصي أو نتيجة لتأثير التكنولوجيا الحديثة التي تجعل من السهل الابتعاد عن التفاعل الاجتماعي المباشر.

 

من المهم أن نعيد النظر في كيفية استخدامنا للتكنولوجيا وأن نبحث عن طرق لتعزيز التفاعل الاجتماعي المباشر حتى في عصر التكنولوجيا الحديثة يمكن للتواصل الافتراضي أن يكون مفيدًا ولكن يجب أن لا يكون بديلاً للتفاعل البشري الحقيقي يمكن أن تكون الحلول في تعزيز الفعاليات الاجتماعية المحلية وتشجيع الأنشطة التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا بين الأفراد مثل الرياضات الجماعية والنشاطات الثقافية والفنية.

 

يمكن القول أن العزلة الاجتماعية هي قضية معقدة تتطلب فهمًا عميقًا للعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والتكنولوجية التي تؤثر عليها من الضروري أن نكون على وعي بتأثير التكنولوجيا الحديثة على حياتنا الاجتماعية وأن نسعى لتحقيق توازن صحي بين التفاعل الافتراضي والتفاعل الواقعي لتحقيق صحة نفسية وجسدية أفضل.

 

التعليقات مغلقة.