اقـــتصــــاد الـــهـيدروجـين
بقلم – د . إســـلام جـــمـال الــديـن شـــــوقـي
خـبير اقتصاديات تغير المناخ
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي
اقتصاد الهيدروجين هو اقتصاد يعتمد على الهيدروجين كوقود وناقل للطاقة النظيفة والخالية من الكربون، حيث يمكن إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي للماء إلى عنصريَ الهيدروجين والأكسجين، بواسطة كهرباء تُولَّد من مصادر طاقة متجددة؛ كطاقة الرياح والطاقة الشمسية لفصل جزيئات الأكسجين عن الهيدروجين في الماء، ثم استخدام الهيدروجين الناتج مباشرةً.
واقتصاد الهيدروجين هو اقتصاد يعتمد على الهيدروجين كوقود تجاري من شأنه أن يوفر جزءًا كبيرًا من طاقة الدولة وخدماتها. ويمكن أن تصبح هذه الرؤية حقيقة واقعة إذا كان من الممكن إنتاج الهيدروجين من مصادر الطاقة المحلية اقتصاديًا وبطريقة صديقة للبيئة. وسيستفيد العالم بأسره من انخفاض الاعتماد على النفط والفحم كمصادر رئيسية للطاقة وتحسين جودة البيئة من خلال خفض انبعاثات الكربون.
ويُقترح اقتصاد الهيدروجين لحل بعض الآثار السلبية لاستخدام الوقود الهيدروكربوني في النقل ويرجع الاهتمام باقتصاد الهيدروجين إلى تقرير فني عام 1970 من قبل لورانس دبليو جونز من جامعة ميشيجان الأمريكية. ويعتمد اقتصاد الهيدروجين على استراتيجية مهمة لتخزين الطاقة للاستفادة الكاملة من فوائد الطاقة المتجددة والمستدامة، فالهيدروجين هو وسيط لتخزين الطاقة، أي ناقل للطاقة، وليس مصدرًا أوليًا للطاقة لديه القدرة على استخدامه كوقود في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك توليد طاقة خلايا الوقود ومركبات خلايا الوقود.
وللهيدروجين مميزات عديدة، من بينها استخدامه في كلٍ من الحالة السائلة والغازية، وتحويله إلى وقود أو كهرباء، وإنتاجه ونقله في أي مكان، وتخزينه لفترات طويلة؛ إذ يُمكن تخزينه في خطوط أنابيب الغاز الموجودة حاليًا لتزويد المنازل بالطاقة، وخلوه تقريبًا من الانبعاثات، باستخدام الطاقة المتجددة، التي تزداد وفرةً، ولا تتطلب ظروفًا مثالية لتتولد، وذلك بالتحليل الكهربائي للماء.
ويُعدُ الهيدروجين الأخضر وقود خالٍ من الكربون، ويحل مشكلة كبيرة كانت تواجه الطاقة المتجددة كطاقتي الشمس والرياح حيث يعتبر إنتاجه بواسطتهما نوعًا من التخزين، حيث يتم تحويل الطاقة الناتجة عن طريق استغلال كلًا من الأشعة الشمسية أو تيارات الرياح، إلى طاقة هيدروجينية يمكن استغلالها في تشغيل أي محركات أو أي استعمالات ميكانيكية أخرى، مع ضمان خلو مسار إنتاج الطاقة هذه من أية انبعاثات غازية مضرة، كما يمكن استعمال الهيدروجين الأخضر كبديل عن الطاقات الملوثة المستعملة في بعض الصناعات، مثل تكرير البترول وإنتاج الفولاذ، وبالتالي يتم تقليل اللجوء إلى استخدام الوقود الأحفوري وبالفعل لا يسبب أي تلويث للبيئة.
ويمكن القول إن أبرز استخدامات الهيدروجين بصفته وقودًا، بدايةً من سفن الفضاء، ومرورًا بالسيارات والقطارات حتى الطائرات، فضلًا عن استخدامه وقودًا في محطات توليد الكهرباء، حيث يُستخدم الهيدروجين الأخضر كمصدرًا للوقود مباشرة أو حاملًا للطاقة عبر تطبيقات خلايا الوقود؛ ويمكن أيضًا أن يُستخدم بصفته مادة خامًا في بعض الصناعات؛ مثل صناعة السماد والمواد الكيميائية والتكرير، أو لتوفير الحرارة في الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، مثل صناعة الصلب.
وفيما يخص العائد من استخدامه على المستوى الدولي بسبب الحاجة المُلحَّة إلى الانتقال من الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري الملوِّث للهواء إلى مصادر طاقة أخرى خالية من الانبعاثات الملوثة للهواء، حيث يمثل الهيدروجين الأخضر مصدرًا للطاقة النظيفة ليكون بديلًا عن الوقود الأحفوري الذي يعتمد عليه في توفير إمدادات الطاقة المختلفة على مستوى العالم، والذي يُعدُ المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة المسبِّبة للاحتباس الحراري، وبالتالي فإن الهيدروجين الأخضر يأتي لدرء آثار أسوأ أزمة مناخية قد يشهدها العالم في عصرنا الحالي وحتى نتمكن من تحقيق هدف الوصول إلى صفر انبعاثات أو صفر كربون.
التعليقات مغلقة.