شاشا بدر :
في الآونة الأخيرة، أصبح ارتفاع أسعار الكراء في المغرب أحد القضايا التي تثير قلق العديد من المواطنين. فقد شهدت أسعار الإيجار في المدن الكبرى بشكل خاص زيادة ملحوظة، مما جعل من الصعب على الكثير من الأسر والأفراد الحصول على سكن مناسب بأسعار معقولة. هذه الظاهرة لا تقتصر على المدن الكبرى فحسب، بل أصبحت منتشرة أيضًا في العديد من المناطق الحضرية والضواحي، مما يزيد من معاناة الفئات ذات الدخل المحدود.
الواقع في سوق الإيجار في المغرب يكشف عن وجود تفاوت كبير في الأسعار، حيث تجد العديد من الملاكين الذين يمتلكون عدة عقارات يتمكنون من رفع أسعار الكراء بما يتماشى مع السوق، بل وأحيانًا يتجاوزون القدرة الشرائية للمواطنين. هؤلاء الملاك الذين يكتريون بيوتًا متفرقة ويحققون أرباحًا كبيرة من خلال الإيجارات، كثيرًا ما يرفعون الأسعار دون أي رقابة أو تنظيم، مما يجعل المستأجرين في وضع صعب.
إحدى المشكلات الرئيسية في هذا السياق هي أن العديد من الملاك لا يلتزمون بدفع الضرائب المفروضة على مداخيل الإيجار، إذ غالبًا ما يتجنبون تسجيل عقاراتهم في السجلات الرسمية أو تقديم إقرارات ضريبية حول مداخيل الإيجار.
وبالتالي، يتمكن هؤلاء الملاك من تحقيق أرباح كبيرة دون المساهمة في خزينة الدولة، مما يضعف قدرة الحكومة على تحقيق العدالة الضريبية والاستفادة من تلك المداخيل في تطوير الخدمات العامة.إن هذا الوضع يستدعي تدخلًا عاجلًا من الوزارة المعنية لضبط سوق الإيجار وتحديد الأسعار بشكل عادل، بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.
ينبغي على الحكومة أن تضع قوانين واضحة تنظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، وتشمل تحديد سقف لأسعار الكراء بناءً على المعايير الاقتصادية والاجتماعية. كما يجب أن يتم توفير آليات فعالة لضمان استيفاء الملاك للضرائب المفروضة على الإيجارات، من خلال تسجيل جميع العقارات المؤجرة وإخضاعها للرقابة الضريبية المستمرة.
من الضروري أيضًا إحداث نظام متابعة دقيق لتسجيل مداخيل الإيجار وضمان تحصيل الضرائب منها، مما سيسهم في تنمية الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.
من خلال تحسين آلية فرض الضرائب على الإيجارات، يمكن للحكومة أن تستفيد من هذه المداخيل لتعزيز المشاريع التنموية التي تعود بالفائدة على المجتمع بأسره، خاصة في مجالات التعليم، الصحة، والبنية التحتية.يجب على الحكومة أن تعمل على زيادة الوعي لدى الملاك حول أهمية الالتزام بالقوانين الضريبية وعدم اللجوء إلى الممارسات التي تؤدي إلى التهرب الضريبي.
كما أن توفير دعم وتوجيه قانوني للمستأجرين والملاك على حد سواء يمكن أن يسهم في بناء سوق إيجار أكثر شفافية ونزاهة. الارتفاع المستمر في أسعار الكراء في المغرب يعد تحديًا كبيرًا يتطلب تدخلًا فعالًا من الجهات المعنية لضبط السوق وضمان العدالة الضريبية. من خلال تنظيم الأسعار، ومتابعة مداخيل الإيجار، وتحصيل الضرائب بشكل عادل، يمكن أن يساهم المغرب في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، وتحقيق توازن بين مصالح الملاك والمستأجرين.
التعليقات مغلقة.