بقلم – هيام جابر:
الكل يبحث عن سوزي…وهي تبحث عن الأمان . ماتت أمها وهي في سن الخامسة عشرة ،بعد ان دللتها دلالا قل نظيره . مرضها الذي لا شفاء منه دفعها للتمادي بذلك . لم ترزق من الاولاد إلا سوزان . وعندما ماتت تركت لها ثروة لابأس بها لتعيش منها .
لكن أنى لها ذلك وهي الفتاة الوحيدة المدللة . والحرب قد دخلت في كل بيت لتكسر كل قوانين و نواميس المجتمع . خرجت سوزي من بيت أبيها بمدينة حمص …تلك المدينة الوديعة التي كانت اول مسرح لحرب شرسة ، قالوا أنها حرب طائفية وهي منها براء .خرجت في ساعة متأخرة قاصدة مدينة حلب حيث خالتها . وحيث انها مدينة لم تكن شرارة الحرب قد وصلتها . . لكن الليل الذي هبط سريعا بليلة شتوية باردة كان لها بالمرصاد ، بكل ما يحويه من خفافيش الظلام . ومن رعب بمدن تعوم على الماء .
اختفت سوزي ولم تصل خالتها . وبدأ البحث عنها من قبل الوالد المفجوع والخالة .
كان ذلك ك الذي يبحث عن ابرة في كومة قش. حيث اوضاع البلد مقلوب عاليها أسفلها . وحيث لا احد يعرف من غريمه ..وكل الاحتمالات واردة عن اختفاء تلك المسكينة . فمنهم من خمن انها اختطفت ، ومنهم من قال ذبحت على الهوية ، و منهم من قال ان رصاصا طائشا ربما أودى بحياتها . استسلم الأب مضطرا . فأحوال البلد من سيء لأسوء .
والطرقات مغلقة بين مدينتي حمص وحلب . إلى أن كان ذاك اليوم . يوم غير عادي . الشمس مشرقة . وحركة الناس عادية . والمدينة هادئة وكأنها ما مر عليها ما مر من دمار وتخريب وسرقة ونهب وذبح وخراب .
قام ليفتح الباب الذي طرق طرقات كان قلبه يعرفها سابقا . سبقه قلبه ليفتح وإذ سوزان بالباب . لم يسأل كيف وأين ومتى . كل همه أن ابنته بين احضانه الآن .
وعندما انتهى العناق ولملمة شتات الروح بين الاثنين ، بدأت سوزان تقص عليه رحلة اختفائها . ولما وصلت للنهاية…سألها ..كيف استطعت التخلص منه يا ابنتي بعد كان مطبقا الحصار عليك بهذا الشكل ؟
أجابته ..
أمه يا أبي…
كان يسؤوها ما يحصل
انها امرأة أمية لكنها تحمل أفكار كبار …كانت تردد على مسامعنا كل يوم …حرب قذرة…وكلنا خاسرون . الدين بريء من كل ما يجري .
عملت ما استطاعت لتأمين هروبي من ابنها ..ووصولي بامأن لك .