بقلم أحمد سلام
وقر يقينا أن صحف بلادي تدار من خلال منظومة خطتها الدولة العميقة منذ تأميم الصحافة المصرية أوائل الستينيات وهو ماترتب عليه وقتها إسناد الأمر إلي عسكريين لإدارة المؤسسات الصحفية القومية ولاننسي أن أول من تولي إدارة دار التحرير التي تصدر عنها جريدة الجمهورية هو أنور السادات عام 1953ولاحقا أسس خالد محيي الدين جريدة المساء بعد عودته من سويسرا ،ولاحقا ايضا وفي أوائل الستينيات ترأس خالد محي الدين إدارة مؤسسة أخبار اليوم. ولاحقا بعد عزل محمد حسنين هيكل من رئاسة مجلس إدارة وتحرير الأهرام وقع الإختيار علي الدكتور محمد عبد القادر حاتم ثم يوسف السباعي لرئاسة مجلس الإدارة .كل هؤلاء من رجال ثورة 23يوليو بالتزامن مع إختيار دقيق لرؤساء التحرير .!
..محصلة ذلك النهج أن استمر دعم الدولة للمؤسسات الصحفية دون ارتباط الأمر بمعدلات التوزيع وهي الكارثة التي تفاقمت مؤخراً بعد تصعيد أسماء بلا تاريخ لادارة وتحرير مؤسسات وصحف تم تجريفها تماماً ليحال بين أسماء تجمع بين الموهبة والمهنية والتصعيد.
.. هناك أجيال من المهنيين ماتت كمدا جراء الإقصاء والمنع والحرمان من الحق العادل في أماكن الصدارة بما يعود بالنفع علي الصحافة التي تحولت إلي مؤسسات تنعي من بناها .
…. إنتهي زمن الكبار وصار لزاما التعامل مع الأمر بما يحول دون تصعيد الصغار لأن الثقة انعدمت في الصحف القومية التي تحولت إلي نشرات صحفية يومية لنشر أخبار الدولة.
…من يتابع الصحف يوميا يشعر بالأسي عقب الإنتهاء من القراءة التي تقتصر عند البعض علي صفحات الرياضة والوفيات.!
…غابت الأعمدة بغياب العمالقة فمن يتابع الأخبار يفتقد فكرة مصطفي أمين ونصف كلمة لاحمد رجب وينطبق الأمر علي الأهرام ومواقف أنيس منصور وعمود يوميات لاحمد بهاء الدين ولاننسي من ثقب الباب عمود الأستاذ كامل زهيري الشهير في الجمهورية .
.غاب مقال الموقف السياسي الأشهر برحيل ابراهيم سعدة وغاب مقال علي مقهي الشارع السياسي الشهير لاحسان عبد القدوس.
…رغم سطوة الدولة علي الصحف القومية استمر القراء في متابعة عمالقة الزمن الجميل حتي غيبهم الممات الواحد تلو الآخر واليوم لا أثر !
..هناك مواهب صحفية ولكن أين الفرصة في ظل أن البقاء والتصعيد دوماً للاصلح لتوجه الدولة.!
.. كانت فجيعة أن تقرأ الأهرام ولاتجد مقال محمد حسنين هيكل الأشهر بصراحة في عدد الجمعة الشهير الذي حافظ علي توهج ما يحمل بعضا من توهج زمن هيكل حتي عهد ابراهيم نافع وقتها كان بريد الجمعة للراحل عبد الوهاب مطاوع موضع اقبال القراء ويحسب لابراهيم نافع المهنية ولكنه للأسف أدار الأهرام كأنها إمبراطورية خاصة به طوال ستة وعشرين عاماً علي مقعد رئيس التحرير وواحدا وعشرين عاما رئيسا لمجلس الإدارة رئيسا التحرير.
….عشية التغييرات الصحفية القادمة لفت نظري ظهور اصدارات تحمل صورة رئيس الجمهورية غلافا لمجلة شهيرة تصدر عن الأهرام وصفحات إشادة بالرئيس قرين صور لنشاطه خلال السنوات الماضية في إصدار اسبوعي لجريدة قومية هي الجمهورية ..!
..من حق الجيل الحالي أن يأخذ فرصته أخذا بمعيار الكفاءة والمهنية بعيداً عن قصة الأمس بفصولها القاتمة التي جعلت الصحافة المصرية قصية تماما عن اهتمامات القراء ولولا دعم الدولة ما خرجت صحيفة للنور في ظل كثرة المرتجع وبقاء الأسوأ في مواضع كثيرة .
…الكرة في ملعب الدولة التي تستطيع التغيير الجذري للأفضل إن أرادت وقتها يمكن أن يصل الأفضل لمقعد رئيس التحرير .!