بقلم – زينب حسينى:
مستوحشا كان يستلقي على كنبة
عتيقة ، يكتم أنيناكبخيل يشد على قرش ويرتجف كمن أصابته حمى ..
سألته وهل ما ما زلت تعاني ؟
فأجاب بيأس “من الأفضل لمن يهرم أن يموت … أنا منذ زمن أعاني أوجاعا في رأسي ومعدتي وأقضي معظم أوقاتي في المستشفيات ” تعود بذهنها إلى أيام دراستها في القرية ،يوم كان أستاذا للغة العربية ،وقتها علمها إلقاء الشعر بأداء رائع
حد الإتقان ،وبنبرة الصوت المعبر وحركة اليدين حتى تبدو وكأنها تتقمص الشخصية وتمثل الدور خير تمثيل .
أحست بوجهها يمتقع وكأن سهما أصابها في القلب ،وتخيلت شجرة الجوز التي كانت تتفيأ بظلالهاوقد بدأت أوراقها تذبل مذ بدأ الخريف ،تذوي وتذوي وتصفر ،ثم تذروها الريح لتتركها تعيش وحدتها مع الطبيعة ودوران الفصول .
لم تلبث أن استفاقت من شرودها ،لتتجاذب أطراف الحديث مع أستاذها
وزوجته التي رغم ودها ومحبتها ورعايتها له ،لم يعد بإمكانها أن تبعث في نفسه المرح او تشعل فيه جذوة الحياة التي بدأت بالإنطفاء …
ذكرته بأيام عز قضاها معززا مكرما محبوبا من كل زملائه ومن طلابه خاصة الفتيات . وتحول الجو إلى جو عبق بالدعابات والنكات ،وكم كان سعيدا بها وقد أصبحت روائية معروفة ،وأنها كانت إحدى تلامذته الموهوبين وكان له الفضل الأكبر في بلورة شخصياتهم ليبرعوا ويبدعوا في الحياة .
كانت بين الفينة والفينة ترقب تفاصيل وجهه وتبدل سحنته من العبوس إلى الإنشراح ،بعدما انقطع أنينه وخف اللهاث ..
وكان بين الحين والآخر يشارك فيما يدور من أحاديث…
يومها لم تكن تدري أنها ستكتب عنه آخر لقاء .