كتب: عبد الرحمن هاشم
أطلق المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، النسخة العربية من حزمة إرشادات المنظمة العالمية بشأن الاستجابة والتصدي للعنف ضد النساء والفتيات.
وجري حفل الإطلاق في المكتب الإقليمي بالقاهرة، مصر، يوم الأحد 31 آذار/مارس 2019. وشمل عرضًا موسيقيًا للموهوبات في أوركسترا النور والأمل.
وتسعى منظمة الصحة العالمية، بإصدار هذه الإرشادات المسندة بالبينات، إلى ضمان أن يعطي القطاع الصحي أولوية أفضل للوقاية من العنف ضد النساء والفتيات والتصدي لهذا العنف – في سياقات التنمية والطوارئ – وأن يكتسب الشركاء الصحيون المعارف التقنية اللازمة لتقديم استجابة مناسبة.
وشارك في هذا الحدث ممثلون عن وكالات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ووكالات التنمية لإظهار أهمية العمل معًا من أجل ضمان توفير الصحة والرفاه للجميع وبمساهمة الجميع.
وتشمل هذه الحزمة إرشادات سريرية وسياساتية، وكتيبًا سريريًا لمقدمي الرعاية الصحية، ودليلًا عمليًا للمديرين الصحيين. ويجري أيضًا ترجمة الوثائق وتكييفها حسب السياق القطري إلى اللغات المحلية الأخرى في الإقليم، وتشمل لغات الداري والباشتو والأوردو، وذلك من أجل تعظيم استفادة أكبر عدد ممكن من مقدمي الرعاية الصحية، وضمان تحقيق استجابة فعالة للنظام الصحي على المستوى القطري.
وتأتي أهمية هذه الإرشادات إلى أن حوالي امرأة واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض إلى نوع من العنف خلال حياتها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط. وعلى هذا النحو، تتطلب هذه المشكلة المزيد من الاعتراف والعمل على جميع المستويات.
وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، في كلمته في الحفل “إن العنف ضد النساء والفتيات يعتبر انتهاكًا واضحًا وخطيرًا لحقوق الإنسان، مع ما يترتب عليه من آثار خطيرة على صحة الناجيات ورفاهتهن. ويمتد تأثير هذا العنف إلى عائلاتهن ومجتمعاتهن وإلى المجتمع ككل. ولا يوجد أي ركن من أركان العالم بمنأى عنه”.
وأضاف “إن هذه المناسبة تتيح لنا الفرصة كي نجدد التزامنا المشترك بمواصلة جهودنا الجماعية من أجل ضمان حصول النساء والفتيات على فرص متساوية في الوصول إلى جميع الخدمات الصحية، ومن ضمنها الرعاية التي تركز على الناجيات، مع الاحترام الكامل لكرامتهن وحقوقهن.”
وسلط المدير الإقليمي الضوء على الخطوات التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع البلدان لتعزيز صحة المرأة والحد من تعرضها للعنف والتمييز في سياقات التنمية والطوارئ، مشيدًا بالجهود المستمرة التي تبذلها الدول الأعضاء في الإقليم لمعالجة هذه القضية.
وفي عام 2016، ألزمت جمعية الصحة العالمية التاسعة والستون في القرار ج ص ع 69-5 المنظمة والدول الأعضاء بتعزيز دور النظام الصحي في إطار استجابة وطنية متعددة القطاعات للتصدي للعنف بين الأفراد، لا سيما العنف ضد النساء والفتيات والأطفال.
وقد جرى تعزيز هذا الالتزام في الاستراتيجية العالمية الجديدة لمنظمة الصحة العالمية، وبرنامج العمل العام الثالث عشر، والذي يتضمن هدفًا طموحًا للحد من العنف ضد النساء والفتيات باعتباره أحد المحددات الرئيسية لحياة أوفر صحة وأفضل رفاهية للجميع.
ويتضح ذلك بقوة أيضًا في رؤية 2023، وهي الرؤية الإقليمية الجديدة للصحة العامة، وتدعو إلى التضامن والعمل من أجل تحقيق “الصحة للجميع وبالجميع”. وتؤكد رؤية 2023 على الشمولية واحترام التنوع والإنصاف والمساواة للجميع – الرجال والنساء والفتيات والفتيان على حد سواء.
العنف ضد النساء والفتيات
يمثل العنف ضد النساء والفتيات انتهاكًا لحقوقهن الإنسانية وشاغلاً رئيسياً من شواغل الصحة العامة. ويأخذ العنف أشكالًا عديدة، من ضمنها العنف المنزلي (عنف العشير على وجه الخصوص)، والعنف الجنسي، والاغتصاب، والعنف العاطفي والنفسي، والعنف المتصل بالممارسات التقليدية الضارة والعادات العرفية، بما في ذلك الحرمان من الاحتياجات الأساسية.
وتبعث البيانات المتعلقة بانتشار العنف ضد النساء والفتيات علي الانزعاج. ويحتل إقليم شرق المتوسط المرتبة الثانية على الصعيد العالمي في معدل انتشار العنف حيث تتعرض 37٪ من النساء لعنف العشير الجسدي أو الجنسي في مرحلة ما في حياتهن.
ولانتشار العنف ضد النساء والفتيات جذوره في النظم الهيكلية التي تحافظ علي عدم المساواة والتمييز بين الجنسين.
إن للعنف ضد النساء والفتيات آثارًا اجتماعية واقتصادية سلبية مهمة على الميزانيات الوطنية والتنمية الشاملة. فهو يؤدي إلى فقدان رأس المال البشري والإنتاجية وجودة الحياة ورفاهية المواطن، مما يؤدي إلى خسارة اقتصادية شاملة للبلد.
دور النظام الصحي في الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات والتصدي له
للعنف ضد النساء والفتيات آثار وخيمة على الصحة الجسدية والنفسية والجنسية والإنجابية. فمعظم النساء والفتيات يراجعن الخدمات الصحية في مرحلة ما، ومن ضمنها الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية. وتشير الدلائل إلى أن النساء اللائي تعرضن للعنف يسعين أكثر من غيرهن لطلب الخدمات الصحية، حتى لو لم يكشفن عن تعرضهن للعنف المرتبط بذلك. وغالبًا ما تكون الخدمات الصحية هي نقطة الاتصال الأولى التي تتيح للناجيات من العنف القائم على نوع الجنس الاتصال بالخدمات المهنية، وهي نقطة مناسبة ثقافيًا واجتماعيًا لحصول الناجيات على الخدمات الصحية. لذلك يتبوأ مقدمو الرعاية الصحية موقعاً مثالياً لتحديد النساء والفتيات اللائي تعرضن للعنف، والاستجابة لهن.
العنف ضد النساء والفتيات في حالات الطوارئ
يتفاقم العنف ضد النساء والفتيات في حالات الطوارئ. ففي إقليم شرق المتوسط، وحتى أيلول/سبتمبر 2018، كانت هناك 10 حالات طوارئ مصنفة في ثمانية بلدان، وكان أكثر من 71 مليون شخص في حاجة إلى الرعاية الصحية الطارئة، بمن فيهم 15 مليون نازح داخلي. ويمكن أن تؤدي الأزمات الإنسانية وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي إلى ظهور أشكال جديدة من العنف بسبب وجود أطراف مسلحة، والنزوح، وفقدان الشبكات الاجتماعية والحماية، ونقص الخدمات.
وبرغم البيانات المحدودة بشأن انتشار العنف ضد النساء والفتيات في السياقات الإنسانية، فإن البحوث تشير إلى تعرض حوالي امرأة واحدة للعنف الجنسي من كل خمس لاجئات أو نازحات في أوضاع إنسانية معقدة. وعلى الرغم من نقص البلاغات، وتفتت البيانات وعدم اكتمالها، فإن المعلومات المتاحة كافية لتبرير ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة. ومن الواضح أن هناك حاجة ملحة وطلبًا متزايدًا على التعامل مع كامل أطياف العنف التي تتعرض له النساء والفتيات في حالات الطوارئ المختلفة. ولا نبالغ في تأكيد الدور الحاسم الذي يضطلع به المهنيون الصحيون في هذا الصدد.
أدار الاحتفالية الدكتور إبراهيم الكرداني، وتحدث فيها الدكتورة فرديريكا مايير نائبة المدير الإقليمي للدول العربية، صندوق الأمم المتحدة للسكان، والدكتورة دعاء خليفة ممثلة جامعة الدول العربية، والدكتورة مها العدوي مديرة إدارة حفظ الصحة وتعزيزها بمنظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط.