مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

إخفض الضوء – جسدي ينقصه شئ

بقلم – رابعة الختام – – كاتبة صحافية مصرية

الإستمتاع بالعلاقات الزوجية يحتاج لثقافة التقبل، حب الشريك بغض النظر عن الفروقات الجسدية بين إنسان وآخر، التقبل في ذاته نوع من الحب غير المشفوع بالكلمات المعسولة، دعم نفسي وعاطفي لا تخلو منه علاقة ما.

الشركاء دائما في حاجة ماسة للتقبل، خاصة لمريضات سرطان الثدي المتعافيات وبعض الأمراض المتعلقة بالإختلافات الجسدية والندوب الناجمة عن تلك الإصابات، أو غيرها، علاقات ينقصها الكثير من الوعي وثقافة الحب غير المشروط بالشكل الخارجي، تحتاج لتفهم الطرف الآخر لهذه الإختلافات الطارئة والتي ربما تكون دائمة في كثير من الأحيان.

هناك بعض الأسرار التي لا نريد لغيرنا أن يكشف سترها ويخدش أناقة نخفيها عن الأعين، ربما أدرك من أخترع النسيج والملابس هذه الفلسفة الدفينة فأراد مساعدتنا بهذا الكم الهائل من الألبسة والمعاطف التي تحيطنا بسياج من الخصوصية والستر الجميل.

على وجه الخصوص ينبغي أن يدين البشر بالشكر لأدموند كارترايت ذلك الرجل الإنكليزي، الذي سجل براءة اختراعه في عام 1785، لأول ماكينة نسيج لم تكن أكثر كفاءة من النول اليدوي لكنها كانت تفي بالغرض.

قبل أن يطورها في العام التالي لنول يعمل بطاقة البخار وضعه في مصنع للغزل والنسيج إفتتحه في دونكاستر في يوركشاير.

ربما كانت للملابس وظيفة ثقافية وإجتماعية وربما حملت قيمة تراثية على مر التاريخ بيد أن الحقيقة الراسخة أن للملابس قيمة إنسانية فارقة، فهي تخفي خلفها أوجاع بشر كثيرين، مأساة يلخصها المثل الشعبي المصري( ياما الهدوم بتداري).

تخشى صديقتي المهندسة المتحققة في عملها المقهورة في بيتها من ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجها بثدي مسطح! قضم مشرط الطبيب نصفه ليجري بحثاً طبياً على ورم إنفرد بجسدها وخشى الأطباء من مغادرته موضعه، وحتى لا يعبث بأجزاء وأجهزة أخرى أو يلوث أنسجة جديدة حاصروه بجراحة بسيطة نالت من تدويرته وشكله الخارجي..!

قالت لي:  ممارسة العلاقة في الظلام تعفيني من نظرات عينيه، أعلم أنه يتحسس جسدي ويحفظ ما به لكنني لم ولن أعتد تلك النظرات التي تجردني مما أستتر به من جخل، تعريتي من ألمي، وإمتصاص الورم للخارج لم يكن إنجازاُ إلى جانب ما شعرت به بعد كلمات زوجي وتعليقاته، حتى وإن حاول جاهداُ توريتها.

قد يهمك ايضاً:

ربما أستطيع خداع المارة بتلك الملابس المكومة على صدري لتخفي ما به، أو ما ليس به بالأحرى، ببعض حيل بسيطة أستطيع أن أبدو إمرأة مكتملة الأنوثة بصدرية منتفخة أو حشوة سيلكون، أو طوي بعض المحارم، وقد يلعب التجميل دورا فاعلا، لكن يظل زوجي هو الشخص الوحيد الذي لا يمكنني خداعه..!

تطلقت زميلة صحافية تعمل في مؤسسة كبرى فور معرفة زوجها بإصابتها بهذا المرض اللعين، لم يطق الرجل أن يكون محاربا جسورا معها في ذات الخندق، ورقة صغيرة وتنصل من المسؤولية تجاه زوجته التي ترك في قلبها وجعاُ بحجم الكون، تخيل الرجل أنه بفعلته غاب عن المشهد كلية، نسي أن بينهما طفلتين.

وحين كتب الله لها السلامة وإنتصرت عليه، وأصبحت تستضاف في البرامج التليفزيونية كمحاربة للسرطان وإعتبرت أحد أهم أيقونات التحدي، هاتفها الرجل في محاولة منه للعودة إليها مرة أخرى لكنها رفضت بتحدٍ صارم، وقالت له كنت أريدك بجانبي سابقا وقتما إنعدمت ثقتي في نفسي، لكنني بعد ترميم الجسد والروح معا لم أعد في حاجة إليك.

كم من الوقت مر علي وأنا أنتظر منك رسالة، أو مكالمة هاتفية، فقط تقول لي : أحبك، أريدك كما أنت هكذا.

في بعض الأحيان نحتاج لمن يخبرنا بأننا نستحق، بأن الحياة لا تكتمل بغير وجودنا فيها، إلى شريك يخبرنا بأننا سر الحياة، بأنا نضيف لها طعم ولون ورائحة.

في أوقات كثيرة نحتاج من يقدر ضعفنا ويستوعبه، حتى وإن ظل الضعف يهاجمنا كنوبات متلاحقة في اليوم الواحد مئة مرة.

من يكفكف الدموع بحنو، يربت على أكتاف أثقلها المرار، دعم الشريك وتقبله لتقلبات مزاجية تتعكر أكثر مما تصفو هو العلاج الأمثل لكافة الأمراض، يقوي جهاز المناعة.

كم من الأوجاع تنتظر كلمة أنا أحبك كما أنت، أريدك هكذا، أتقبلك بما أنت عليه، ولا أرى ما بك نقصا أو عيباُ، حين فقد الثدي بريقه وإنطفأ خارجياُ، دنت السماء من رأسي، وعوضا عن تحطمها وجدت يدا قوية تنهضني من جديد.

تطور الوعي البشري لتحمل بعض المسؤوليات الحياتية للشريك وفي العلاقات التشاركية وأهمها الحب والزواج ضرورة تقتضيها طبيعة الحال حتى تستمر الحياة.

اترك رد