مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أيلول المجنون

بقلم – عواد المخرازى

قد يهمك ايضاً:

أبرز نجوم تترات الموسم الرمضاني المقبل وظهور مميز لنجوم…

قوافل لتنمية المواهب والإبداع بقرى محافظة المنوفية

صورة أرشيفية

المهندس الذي اتسم بالرزانة والاستقامة كان يذهب إلى عمله كل يوم مارا بذلك المرج المسمى ” مرج النفل “، وهو ساحة واسعة تقع بين الأحياء السكنية ، ..تنمو فيه ازهار النفل البرية ، مشكلة جزر جميلة من الألوان البرتقالية والصفراء والبيضاء ، قطرات الندى في الصباح تغلف تلك الزهور كما لو كانت جواهر ثمينة ، أشعة الشمس تسطع فتلونها بفرشاتها ،فتقفز الألوان كأنها أسيرة سجان ، فتح لها الباب فحلقت .فتثير رائحة عبقة ، تبعث في النفس ، راحة وسكينة . كانت الرحلة الصباحية ، عبارة عن رحلة غسيل لتلك الروح الجميلة مما يصيبها من كدر وملل ، لتجدد عناقها مع الحياة من جديد .
أحد الصباحات ، استوقفته احد الفتيات قائلة : إسمع أنا احبك ؟!!!!!!! نظر إليها مذهولا !!! هو لم يكن يعرفها أو شاهدها من قبل ! استدركت قائلة : أعلم أنك لا تعرفني ، وأنك مندهش مما تسمع ، ولكنني أراقبك منذ شهور . وقد شغف القلب حبك ، لم استطع التحمل ، قررت مصارحتك ، لا أريد منك شيئا ، فقط دعني أقولها لك ، وترتع عيناي بصباح وجهك ، وهو يقول في نفسه أيا للنساء ، “أيعقل هذا”…وأخذت تحدثه عن لواعج حبها وعشقها وهيامها وانتظارها له كل صباح . افترقا .وهو يقول في نفسه ، عجبا لقلوبهن !!!
تكرر هذا اللقاء اسابيع طويلة وهي تستوقفه وتحدثه عن لواعج الشوق والحنين ، و هو يقول : علها تنتهي وتتوقف .
في أحد الايام قرر الطلب منها التوقف عن ملاحقته ، طوال الليل فكر في ذلك اللقاء .
في الصباح ، استوقفته من جديد قائلة : أسمع ؟!!!!!
“أيا لتلك الكلمة اللعينة ، ماذا تريدين بعد ، قال في نفسه” !!!
أنا قررت السفر مع عائلتي خارج البلد حيث يعمل والدي ، أفعل ذلك من أجلك ، حتى لا أعذبك معي ، اعرف أني أحرجك ، وأعلم أن لا مكان لي في قلبك . كم كانت فرحته بهذا ، لقد اختصرت الكثير من الكلام الذي يريد قوله ، شكرها بشده ، وودعته بدموعة أحرقت تلك الوجنتين الذابلتين ، قائلة لن أنساك ، ما بقي النفس ونبض القلب .
الصباح التالي , كان يمشي بجانب ذلك المرج ، وقد تحلق حوله الكثير من الناس ، مستغربين ، بعضهم يضحك والأخر حزين لما يرى من هذا الرزين !!! لم يكن يرتدي حذائه أو لباسه الرسمي ، شعره لم يغسل ، كان منفوشا . نظارته لم يلبسها أيضا ، وهو يقول : سرقت قلبي تلك المجنونة وهربت ، أعيدي لي قلبي ، بصراخ وهستيريا مكررا ذلك ؟؟ !! نظر إلى الناس وإلى نفسه . وإلى مرج النفل ، لم تكن تلك الازهار موجودة ، الشمس كانت حارقة ، الفتاة كانت قصة حبيسة في داخله لم توجد ، شهر آذار لم يحل بعد ، كان المرج مليئا بالأوارق الصفراء ، والأراجيح كانت تهتز فارغة …كان هذا شهر أيلول .