رشا الشريف:
تبحث إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إمكانية إعادة تشغيل المصافي المتوقفة عن العمل؛ من أجل تعزيز إنتاج الوقود، وكبح المزيد من ارتفاع الأسعار. وذلك في وقت تعمل فيه المصافي الجاري تشغيلها –بالفعل- بطاقة تزيد على 90%، وهو ما قال عنه خبراء الصناعة “معدل كبير وغير مُستدام”، وفقًا لتقرير (أويل برايس).
ومنذ عام 2020، خسرت الولايات المتحدة حوالي مليون برميل نفط يوميًّا في طاقة التكرير، ويعني ذلك أن البلاد تعاني –فعليًّا- من نقص هيكلي في تلك القدرة، وذلك تزامنًا وانكماش طاقة تكرير النفط على المستوى العالمي بأكثر من مليوني برميل يوميًّا.
وفي حين تعتبر الوكالة الدولية للطاقة، أن ذلك لم يكُن بمثابة مشكلة على الإطلاق؛ نظرًا لأنه على الرغم من أن طاقة التكرير العالمية تراجعت بالفعل عن 730 ألف برميل يوميًّا في عام 2021، وأن سعة تشغيل المصافي في عام 2022 الحالي على مستوى العالم، ستكون أقل بنحو 1.3 مليون برميل يوميًّا عما كانت عليه في عام 2019 -وفقًا لتقدير الوكالة- فإن الطلب على النفط أضحى تقريبًا أقل بمقدار 1.1 مليون برميل يوميًّا عما كان عليه في عام 2019.
ومع ذلك، يُثير الوضع قلقًا أمريكيًّا؛ حيث تحطم أسعار التجزئة للوقود الأرقام القياسية، بينما تحوّل المصافي مصافيها إلى مصانع إنتاج الوقود الحيوي. كما صدرت الولايات المتحدة، قبل أسبوعين، ستة ملايين برميل يوميًّا من المنتجات البترولية المكررة، بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على حظر الخام والمنتجات الروسية.
ولذلك، فهناك احتمالات بأن الطلب على الواردات الأمريكية سيرتفع، مما يجهد المصافي الأمريكية أكثر، هذا بالإضافة إلى موسم الأعاصير القادم، والذي من المُرجح أن يفضي إلى إغلاق المصافي.
وعلى الرغم من غياب التوازن بين العرض والطلب، الذي دفع هوامش الربح إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، فلم ترغب المصافي في زيادة إنتاجها نظرًا لإحجام المستثمرين؛ حيث لا يريد المستثمرون ضخ الأموال في قطاع النفط والغاز. وبالإضافة إلى ذلك، فإن بناء مصفاة جديدة هو مسعى طويل ومكلف، ولن يريد المستثمرون انتظار عائدات مشروعات مثل المصافي الجديدة.
في الوقت نفسه، ما يزال الطلب على المنتجات المُكررة قويًا؛ فصادرات الوقود الأمريكية تعمل بمعدلات قياسية، ويذهب الكثير منها إلى أوروبا -كما سبقت الإشارة- التي خفضت أيضًا قدرتها على التكرير على مدار العامين الماضيين، في حين أنها تحتاج الآن إلى مصادر جديدة من المنتجات النفطية بعد أن شرعت في مسارها لخفض اعتمادها على النفط والوقود الروسي.
اتصالًا، أدت العقوبات المفروضة على روسيا إلى خفض كبير في طاقة التكرير، بما يصل إلى 30%، ومن المُرجح أن تظل الطاقة بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم حتى نهاية العام. وفي الوقت نفسه، شهدت طاقة التكرير ازديادًا في آسيا والشرق الأوسط. ففي الأولى تجاوزت الإضافات الجديدة مليون برميل يوميًّا، بينما في الشرق الأوسط، وصلت طاقة التكرير الجديدة، منذ عام 2019، إلى حوالي نصف مليون برميل يوميًّا.
تأسيسًا على ذلك، يتبين أن طاقة تكرير البترول تغيرت على المستوى الجغرافي وليس على مستوى الحجم فقط.
ختامًا، يعني كل ذلك تفاقم أزمة أسعار الوقود، التي أصبحت قضية رئيسة للحكومات على جانبي المحيط الأطلسي، بيد أن السبب الوحيد لعدم توازن القدرات -على حد ذِكر المقال- هو تحوُّل تركيز المستثمرين من النفط والغاز إلى مصادر الطاقة البديلة، حيث إنهم غير مستعدين للمشاركة في النمو طويل الأجل لصناعة النفط.
التعليقات مغلقة.