مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : خليك في حالك

10

لم أر من قبل أيام مثل هذه الأيام التي أصبحت لدي قناعة تامة ووثيقة بأنها ضمن علامات الساعة والله اعلم في ذلك من أشياء تحدث وكان الذي يقف وراءها أشخاص لا صلة لهم بالإنسانية وإنما لهم صلة بالصفات العدوانية والحيوانية
عذراً فالأمر أصبح لا يطاق ولا يحتمل أكثر من ذلك ولا باليد حيلة الا كشف الحقائق عن هذا الزمان لا أتحدث عن شخصي وإنما أتحدث عن واقع مؤلم ومجروح إثر إصابته بداء نفسي والسبب هو إبتعاد مجتمعنا عن كتاب الله عز وجل وهو القرآن الكريم الذي أصبحنا نعاني من نقص قيمنا ومبادئنا في هذه الحياة وأصبحت الخصوصية في مجتمعنا شبه معدومة لتعبر عن الحقيقة المؤسفة للمجتمع والتي تحولت من مجرد التدخل إلى السخرية والتحقير من الغير والتنابز بالألقاب وإذا كنا جميعا نشكو من مشكلة التنمر ونرفضها فعلينا أن نبدأ أولا بتهذيب أنفسنا والتوقف عن التدخل في شؤون الآخرين والتركيز مع حياتهم وتحركاتهم وتصرفاتهم
و للأسف يعطي البعض أنفسهم الحق في التدخل بشكل سخيف في شؤون غيرهم التي تعد شكلا من أشكال التنمروالاستهزاء من اختيارات وظروف البعض بغير وجه حق مع أن الأولى للإنسان أن يركز مع نفسه وحياته وأن يصلح من عيوبه الشخصية
في الحقيقة إن أهم ما نحتاج إليه هو العودة للمبادئ الإنسانية والرفق بالآخر وهو ما أمرنا به الله فإن كانت قضية التنمر ظهرت مؤخرا للنور بشكل قوي واستحوذت على حيز كبير من تفكير واهتمام علماء النفس والاجتماع فإن الله سبحانه وتعالى قد هانا عنه منذ زمن بعيد وأمرنا في كتابه الكريم بعدم التنابز بالألقاب والسخرية من الغير في قوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
فالأمر في أصله محرم شرعا ومذكور بشكل شديد الوضوح في القرآن الكريم .
في اعتقادي أن الإصلاح لن يأتي إلا من خلال الأسرة التي يقع على عاتقها تربية أبنائها والاهتمام بتعديل سلوكهم ولن يستطيع الأهل تربية الطفل تربية سليمة دون أن يصبحوا هم أنفسهم قدوة حسنة مع ضرورة التركيز على المفاهيم الدينية والسلوكية منذ السن الصغيرة للأبناء وشرح قبح مثل هذا التصرف والتأكيد على أن الله الذي ينعم علينا بنعمه ينهانا عن التنابز والسخرية والتحقير من شأن الآخرين وإيذائهم البدني أو النفسي وأن علينا عند رؤية عيوب الغير أن نحمد الله الذي عافانا من مثل هذا العيب وألا نشعر الآخر بأنه مختلف وملفت للنظر كي لا يبتلينا الله بأكثر من عيبه وحينها لن نتحمل الأذى النفسي إن تنمر علينا أحد
وفي المقابل فعلى الأهل أيضا مساعدة أبنائهم على مواجهة المتنمرين وعدم التأثر بهم وعلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقبلها كما هي كما أن عليهم احترام أبنائهم واحتواؤهم والاستماع لمشكلاتهم النفسية وتفهمها ومشاركتهم في إيجاد الحلول والتفكير الإيجابي حتى لا يستطيع أحد كسرهم أو هزيمتهم
فالإنسان المدرك هو الذي يسعى إلى كسب الآخرين بالود والاحترام والتقدير برفعهم شأنهم شأنا ان ظاهرة التدخل في شؤون الآخرين ماهي إلا ظاهرة مستمدة من تربية الشخص الذي يبحث عن الآخرين
فهناك فئة ضالة تسعى إلى نشر الأكاذيب والشائعات الزائفة والبحث وراء خصوصيات الآخرين
وفي نهاية الأمر نحتاج أن نرحم بعضنا البعض وأن نغرس في نفوس أبنائنا حب التراحم والذوقيات في التعامل كي نحيا في مجتمع سوي يعمه الخير
ولا شك أن الإنسان يعمل لدنياه ولآخرته ولنعلم أننا سنترك الدنيا يوماً ما فلنحسن بناءها سنمكث تحت الأرض زمناً لا يعلم مداه إلا الله ولن نتمكن فيه من أداء أي عمل ننتفع به ولو تسبيحة فلنأخذ من حياتنا لموتنا فتنقضي الساعات وتمضي السنين ويبقي لنا أن نراجع أنفسنا ونحسن النوايا والمقاصد فلا تطلبوا من السنوات أن تكون أفضل فكونوا أنتم الأفضل فيها

التعليقات مغلقة.