مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : الهجرة النبوية وأثرها في واقعنا المعاصر

45

 

قد يهمك ايضاً:

أوقفوا التنمر على خلق الله

المرأة والمسئولية وضغط العمل

نحن نستهل عاما هجريا جديداً ونودع عاماً منصرما يحمل في طياته الكثير من الذكريات والأحداث منها ماكان مبهجا ومنها ماكان مؤلماً ولكن مع إشراقة فجر جديد وقدوم ميلاد عام هجري جديد يهل علينا بنوره حيث تمثل هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالنسبة لنا نقطة تحول وتغيير واقع أفضل وتفاؤلا بمستقبل فيه عزتنا وكرامتنا ونصرنا فكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهجرته المباركةوبتضحيته العظيمة وبأخذه للأسباب وللحيطة والحذر غير واقعه وواقع اتباعه فبعد أن كانوا مستضعفين في مكة لا يقدرون على حماية أنفسهم ولا يستطيعون أن يظهروا شعائرهم الإسلامية ولا عبادتهم الدينية فضلاً عن أن يكون لهم دولة وسيادة وحماية ولكن بعد أن تم التخطيط والترتيب للهجرة والاستعداد لها ومباشرة الأسباب وأخذ كل جوانب الحيطة والحذر مع الثقة بالله والتوكل عليه نجحوا في هجرتهم ووصلوا إلى مدينة عزهم ونصرهم وأسسوا دولة إسلامية أرعبت دول الاستكبار آنذاك (الفرس والروم) وها هي أنوار هذه الهجرة النبوية بما فيها من دلائل عظيمة وفوائد فخيمة واشارات كريمة تنعكس على واقع الشعب وقيادته الحكيمة
جعله الله عاماً سعيداً وعلى عملنا شهيداً نستقي منه المزيد من الطاعات ونبتغي فيه الرحمات من رب الأرض والسماوات وكما قال تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} هذه الذكرى العطرة لنستلهم منها عبرا وعظات علها تكون لنا حافزا لحاضرنا وأملًا لمستقبلنا فقد تكبد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الكثير والكثير من المشقة والألم ليصل إلينا الإسلام غضا طريا على طبق من ذهب دون تعب أو معاناة من جانبنا فقد تحمل المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كل ذلك عن أمته فجزاه الله خير ما جزى نبيا عن أمته ورسولًا عن دعوته
فيجب علينا أن نكون له متبعين وعلى طريقه مهتدين لنحظى جميعاً بجنة النعيم ونكون عباداً لله مخلصين ويهل علينا عام هجرى جديد نقتفى فيه اثر رسول الله صل الله عليه وسلم ونحى ذكرى هجرته الشريفة من مكة الى المدينة تجنباً لاذى المشركين الذين نالوا انذاك من المسلمين الاولين وانزلوا بهم شديد العذاب فمن رحم الشدائد تولد العزائم وما خلقت الدنيا لكى تكون جنة النعيم للبشر يهل علينا عام هجرى جديد نسأل الله العلى العظيم فيه أن يغفر لنا ما اقترفنا من معاص أو ذنوب فى العام الماضى فالهجرة النبوية جاءت لكى ترسم للناس جميعاً طريق الحياة الطيبة المطمئنة التى تتغلب فيها قوة الروح على قوة الجسد هذه الحياة التى يكون فيها التنافس فى بذل الخير بدل التنازع على متاع الدنيا الزائل الحياة التى يكون فيها الإيثار بدل الأنانية والمحبة بدل الكراهية والأخوة الصادقة بدلًا من الفرقة لقد حرم الإسلام الظلم والعدوان وحرم الغدروالخيانة وحرم الغش والسرقة وحرم الخصام والبغضاء والهجر والقطيعة وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم هو وأصحابه فى مكة لكل هذا الظلم ولكنهم صبروا وفضلوا دين الله ورسوله فوق كل شىء تركوا أموالهم وتركوا بيوتهم وحتى أهلهم فى سبيل دين الله الحق الذى أنزله على رسوله وقد جاءت الهجرة النبوية لتزكية النفس وتهذيبها وتنقية القلب وتطهيره وسمو الروح وصفائها والمسلم مطالب بالاهتمام بباطنه قبل ظاهره إذ بصلاح الباطن يصلح الظاهر «ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب» و فى هذه الأيام المباركة تذكرنا الهجرة الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة بما ينبغى أن يكون عليه حال المسلمين فيما بينهم من أخوة وصداقة ومحبة ومودة وتراحم وتضامن وتعاون على البر والتقوى
كما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ))
وعن النبى صلى الله عليه وسلم قال
(( مَثَلُ المؤمنين فى تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد إِذا اشتكى منه عُضْوٌ تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمّى ))
وما أحوج هذه الأمة الإسلامية اليوم إلى هذه المبادئ والقيم التى بها تحافظ على أمنها واستقرارها ووحدتها فى زمن تفرقت فيه الأمة وكثرت فيه الصراعات والنزاعات والفتن بين الدول وبين الناس ومن يعى الدروس جيداً لا بد وأن يعرف أن الحروب والنزاعات التى يشاهدها العالم فى كل مكان لا تولد غير الخراب والدمار وسفك الدماء وتشريد الناس وزيادة الفقر بين الشعوب الهجرة جاءت لهجر الظلم والشرك فى مكة لتبدأ فجراً جديدًا من التسامح ونشر دين الله فى الأرض على يد النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده ولنا فى الهجرة النبوية دروس عظيمة تظل نبراسا للأمة الإسلامية وقت الصعاب والأزمات ودائماً وأبداً يأتى الفجر ليحمل معه السرور والخير لكل العالمين وتمثل مواقف النبى صلى الله عليه وسلم فى الهجرة بجميع مراحلها الدرس العملى للقدوة من حيث الصبر والتضحية والعمل بدون يأس ثم التخطيط الجيد والتنفيذ وانتهاء بالاستقرار والبناء لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا

التعليقات مغلقة.