مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب :” أنين الحياة في عين المواطن”

9

 

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

الوطن هو الأمان والاستقرار والعيش الميسور بعيدا عن المشكلات والأزمات وتربية أبنائنا على حب الوطن والولاء والفداء له يتطلب تأمين العيش الكريم لهم
لذلك كيف يحب الشخص وطنه في حين انه يحيا فيه مقهورا ولا يجد ما يكفيه من دخل لتأمين حياة مريحة له ولأولاده
لقد أصبح المواطن يعيش حياة مليئة بالذعر والقلق
ويحيا المواطن كل يوم متسائلا هل سيكفيه غدا دخله في توفير ودفع احتياجاتة للمعيشة اليومية في ظل الغلاء الفاحش والمفاجئ في الأسعار التي لا توازن بين غلاء المعيشة وثبات مستوى دخل الفرد التي تحوم في مخيلة كل مصرى وتسبب له هموم يومية و خوف
و ذعر في حياتة من قلة مصادر الدخل وعدم توافقها مع مستوى الغلاء المعيشي وعدم شعورهم بالاستقرار ما يجعلهم مشغولي الذهن طوال اليوم في كيفية تأمين حياتة اليومية من مصاريف معيشية في ظل احتياجات الاسرة من مسكن ومأكل وملبس ومصاربف مدارس وكليات ومطلبات الكهرباء والماء والتليفون وملابس الأطفال وحوائج المنزل إلخ مما يجعل عقل المواطن المسكين في بلبلة شديدة في لحظات طوقها اليأس بل ساورهم الشك بأنه من الصعب استمرارية العيش وكلهم أحساس بالألم وتذق مرارة الحزن و كثيراً ظنا أنه الصواب ولكنه ظن خاطئ ولكن لكل شئ دواء فدواء المؤمن في مثل هذه الحالات هو الثقة بالله وأن ما وقع لا مفر منه وأن المقادير بيد الله وحده وان ما لاتستطيع أن ترده عن نفسك لا يمكن أن تحمي منه الآخرين
فعليك أن تشحذ نفسك بالتفائل والأمل من أجل حياة سعيدة لأن لليأس جيوش تهاجم الإنسان وتظلم في وجهه الحياة وتحجب نور الأمل عن قلبه وتحوطه بالأحزان لتجعله يتقوقع داخل ضلوعه ولكن العاقل هوالذي يستقبل الرخاءبالشكر والتقوى ويستقبل الضيق بالصبر والرضا فإذا جاء الرخاء لايغتر بما أعطاه الله من نعمه وإذا جاءه الضيق فلا ييأس مما عنده من فضل وفرج واعلم أن الله يضع الشكر والرضا والأمل في مرتبة الإيمان والطاعة ويضع اليأس والتشاؤم في منزلة الكفر والضلال
قال الله تعالى ((ومن يقنط من رحمة ربه إِلا الضالون))صدق الله العظيم
مايحدث لنا في عصرنا الحالي أمر عجيب زاد عن الحد فقد أصبحت أعصابنا تثار بمنتهى السهولةولو راقبنا حركاتنا ورصدنا أفعالنا سنجد أن معظم الأمور تصيبنا بالانفعال وتثير أعصابنا سواء في العمل أو المنزل أو الشارع وفي أي وقت وزمان ومكان ولو نظرنا إلى حياتنا لوجدنا أن الضغوط تأتينا من كل حدب وصوب وأننا نستغرق معظم طاقتنا ويضيع وقتنا في الكم الهائل من الأعمال التي لا تنتهي ولا تترك لنا فرصة للاسترخاء والراحة وقد يصادف أن يواجه الشخص منا ضغطاً كبيراً وعليه التزامات متعددة وإنجاز الكثير من المهام في أقصر وقت ممكن ويتحمل أعباء فوق قدرته سواء في العمل أوفي المنزل أومن خلال الواجبات الاجتماعية فيشتت فكره وينشغل ذهنه ويرهق جسده وتبدأ مرحلة النسيان وعدم التركيز ويصاب بالتوتر ويظن أنه لا وقت لديه للعناية بنفسه أو أنها لا تستحق منه الاهتمام الزائد لأنها إهدار للوقت الذي يجب أن يقوم فيه ببعض الالتزامات وتستمر الحياة على هذا المنوال المرهق من عمل لآخر والأعمال لن تنتهي فما نكاد ننجز عملاً حتى تلوح لنا في الأفق دوامة أخرى تدور وطاحونة دائرة ولو بقينا هكذا لن نستمتع بحياتنا فالإنسان يموت والعمل لن ينتهي ولن يتوقف الكون وكأننا نحرق أنفسنا بأيدينا ونفتت عقولنا بتفكيرنا الذي يجر علينا أمراضاً نحن في غنى عنها فلو أصبنا بالانهيار والتوتر والقلق فلن ينفعنا لحظتها إجهاد عقولنا وأجسادنا بهذه الصورة القاتلة
فرغم طبيعة الواقع الذي يعيشه المجتمع وتعيشه الأفراد من تغيرات وتقلبات على جميع الأصعدة إلا أنه لا بد من الانتباه إلى أن الغاية الحقيقية التي يجب ألا ننشغل عنها وسط زحام الحياة وضجيج الواقع وتوالي الأحداث اليومية بل واللحظية هي تحقيق العبودية بمفهومها الشامل وتبليغ الرسالة للناس
فنحن -لا شك- نعيش في واقع أحداثه كثيرة ومتتالية لا تنتهي بل متجددة ومتشعبة ومن ينشغل بها تشغله وتأخذه في تيارها فلا يخرج من حدث إلا وينشغل بآخر فينخرط في التحليلات والردود والاعتراضات والتأييدات وتصيبه الأزمات النفسية والأمراض المجتمعية فيغفل عن دوره الحقيقي ويضل عن السبيل وتلقي به الأحداث في أودية الهلاك وكل من يتأمل في الحياة اليومية يجد يومه مزدحما بالأعمال والأخبار والكلام وأن الوقت ضيق جدا لا يتسع للوقوف مع كل شيء وللأسف فإن من هذا حاله فهو كالمضارب بلا ربح وكالساعي في غير الطريق الصحيح فهو يجهد نفسه جهداً كبيراً ويجري خلف سراب كاذب فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى وأيضاً عند التأمل تجد الكل يتحرك والكل يتابع حتى الذي يجلس في بيته أمام التلفاز ليشاهد الأخبار أو المباريات فهو أيضا عنده نوع حركة يتحرك بفكره واهتمامه بشيء هو مقتنع به لكن أَتراه يسير على الجادة أو أن حركته في المسار الصحيح كلا فليس المقصود مجرد الحركة في أي اتجاه بل المقصود هو صواب الحركة وإخلاص العمل ونبل المقصد لذا أقول لك إياك إياك أن تنخدع فتنجر إلى معارك جانبية أو سفاسف الأمور فالمعارك والسفاسف اليومَ كثيرة جدا والباطل عنده تجربة ودربة في جر أهل الحق وأصحاب الغايات النبيلة مِن طريقهم إلى سبيل الغواية وإضاعة الأوقات والأعمار
وفي الوقت الحالي بالذات لا بد أن نضع لانفسنا خطة لنستمتع بأي نشاط أو نأخذ عنوة قسطاً من الراحة ولا ننتظر حتى يأتينا وقت الفراغ لأنه لن يأتينا طواعية
علينا أن ننتبه إلى أنفسنا ونخلصها من الهموم المتراكمة التي يمكن أن نستغني عنهاوأن نحصل على الراحة بأي ثمن حتى نستعيد نشاطنا وأن نوفر ونقتنص أوقاتاً للضحك والمرح
فنحن نحتاج أن نهتم أكثر بحالتنا النفسية والعقلية والشعورية فلكل منا متطلباته واحتياجاته الخاصة والمقاييس التي تلائمه فنضع الأولويات حسب إمكاناتنا
ولابد أن نخصص مكاناً ننفرد فيه ونخلد فيه للراحة ونعيش بعض الوقت مع أنفسنا حتى نستطيع أن نستعيد حيويتنا ونشاطنا الذهني ونركز أكثر وننجز أفضل ولحظتها يبقى لدينا الوقت الكافي للبقاء مع من نحبهم ويحبوننا فالعاقل هو من يحزنعلى ما بقي له من العمر وقد حاصرته الأحزان والآلام أكثر مما يحزن على ما مضى من هذا العمر ولو كان فيه ما فيه من الأخطاء والأشواك
ولأبد من ان نلزم عيش الواقع والتعامل مع طبيعة الظروف بإيجابية على الرغم من التحديات الصعبة التي نمر بها عشنا اقسى من ذلك وبقي القلب ينبض بالحياة والعطاء واستمرت المحاولات وبقي الأمل والرجاء سلاح من يرغب التغلب على العقبات كافة وسر تعبنا يكون في كثير من الأحيان من هالة السلبية وطاقتها التي تسرق همتنا وسعينا وعزمنا لعيش الحياة كما قدر لنا الله وكما ينبغي فهمها بقناعة وإيمان واجتهاد وعمل ونية نقية لا قيمة تعادل راحة البال أو تعوض عنها عند فقد السعادة والركض وراء سراب بقيعة
تعبنا ولكن لم نفقد الهمة والروية والصبر وعلينا متابعة المسير وطوبى للساعين صوب النجاة
خلاصة القول إن لقمة العيش تعني الكرامة وعلينا تخطي صعوبات العيش وارتفاع تكاليف المعيشة بالبحث عن كل وسيلة شريفة ممكنة لتساعدنا على عدم الانزلاق في المحظور وأن يتقي التجار الله في الناس وأن يرحموا أبناء المجتمع عموماً الذي يتضورون جوعاً نتيجة هذا الغلاء غير المسبوق في تاريخ الشعب فيما ينتصحون بالحق وبضمائر حية من وحي القيم الإسلامية العظيمة .

التعليقات مغلقة.