نحن نبحث دائماً على الراحة والحياة لا تمنحنا تلك الراحة ونظل نبحث عنها حتى ينتهي بنا العمر فلكل شخص في الحياة رغبة في العيش كما يريد وبالطريقة التي يجد فيها راحته وسبل تحقيق طموحاته وأحلامه ولكن ماذا لو وجد نفسه في دوامة الظروف والعراقيل التي تدفعه للعيش بطريقة لا تشبهه ولا تنتمي إليه فقط ليوفر مستلزمات الحياة الأساسية من المأكل والمشرب واللباس وتسديد الديون والفواتير المتراكمة عليه وغيرها في وطني مأساة وأوجاع أكبر من كل شيء ينابيع من الحزن تتأجج في القلوب فجروا أحلامنا وأمنياتنا دمروا حلم الوطن داخلنا
فلم نعد نرى سوى نيران الأوجاع سوى رماد الأحلام في أعماقنا حزن يعصر خلجات الفؤاد وآه تحطم أرواحنا المتعبة
صدقوني لم يبق منا سوى أحلام مبعثرة رسمناها على جدار الآمال منسوجة من واقع اليأس والحرمان أصبحت ندوباً في صميم الفؤاد
وأصبحنا نخشى الأيام سئمنا الآلام التي دمرتنا سئمنا أن نقتل أحلامنا وندفن آمالنا سئمنا أن نبكي وطننا سئمنا أن نكتب أوجاعنا نسطر آهاتنا
للأسف أصبحنا نرى الفقر والذل والمعاناة بأشكالها يعتقدون أن وطني لهم وحدهم تقاسموه قتلوه ودمروه لم يبق منه سوى بقايا جروح وآلام نلملمها ونتقاسمها جروحنا لا تلتئم آلامنا لا تشفى لحظات من المستحيل أن تنسى صراخ الأمهات وبكاء الأطفال وجع الشباب حسرة الطلاب الفقر والحرمان الذل والهوان المواطنون الذين يبحثون عن الطعام في حاويات النفايات عدا المواطنين الذين يذلون في الطوابير وأمام الأفران وعند باعة الخضار ومحطات البنزين والمصالح الحكومية حتى في الطرقات يذل الشعب ألف مرة في اليوم للأسف كل شيء ثمين في وطني إلا الإنسان لا يحق له أن يحلم بإكمال علمه ولا أن يحلم بوظيفة ببساطة لأنها محسوبيات وواسطة لا يحق له أن يحب لا يحق له أن يتزوج وأن يؤمن مستقبله فهذا ممنوع في وطني لقد حرموه أبسط حقوقه تحطّم جدار الأمل في حياتنا وأصبحت أحلامنا رماداً بفعل كان نسينا الفرح وهجرنا عمداً كل أحلامنا شباب وشابات يسعون إلى الهجرة من بلدهم
دعوات الأمهات زلزلت أرواحنا لأن الحياة في البلد لا ترحم بلد يعيش شعبه الذل والحرمان لا حاضر فيه ولا مستقبل
نعم وصلنا إلى مرحلة اليأس الشديد لا أمل دمر الوطن ودمر معه الأبناء وبعض الشباب تخلوا عن هويتهم لأنها لم تعد تنفعهم
للأسف شباب وطني حلمهم الوحيد الهجرة بالطرق الشرعية أو غيرها شباب سئموا بلداً لا يرحم سئموا المعاناة والحرمان سئموا مستقبلاً مدمراً مؤسف جداً أن تسمع جملة الوطن لم يعد لنا مؤسف جداً أن تيأس من وطنك حزين جداً أن تسمع بمهاجرين مناهم أن يدفنوا تحت ترابه أن تحمل نعوشهم فوق أرض وطنهم عن أي وجع تتحدثون؟ عن أي ظلم تتحدثون؟ عن أي ألم تتحدثون؟ لقد خسرنا أحلام شبابنا وأملهم بغد أجمل وبوطن أفضل لقد خسرنا كل شيء فما هو ذنبنا؟
ماذا يريد المواطن ؟ يريد فقط حقوقه لا أكثر أصبح حلمه المأكل والمشرب والعلاج والتعليم والعمل
نعم هكذا أضحت أحلامنا بسيطة نطالب بأدنى حقوقنا وللأسف نرى الحرمان بأنواعه وأشكاله نرى اليأس والخيبة نرى العذاب والدمار نرى وطناً يدمر وأحلاماً تقتل لقد قطعوا عروق أحلامنا من الوريد إلى الوريد قتلوا آمالنا دمروا حياتنا أصبحنا جثثاً تصارع الحياة كيف ترتاح ضمائرهم كيف؟ وأبناء بلدي يموتون ذلّاً طالبات وطلاب يبكون أحلامهم يدفنون آمالهم يندبون حياتهم كيف لا يخجلون؟ وهم يبنون مستقبل أولادهم وقد دمروا مستقبلنا ماذا يشعرون عندما يودع وطني زهرة شبابه
ماذا هم؟ أهم بشر مثلنا؟ ومع كل ذلك يردّدون “عشتم وعاش الوطن “وفي الحقيقة هم من عاشوا ونحن من مات معه
فسلام على قلوبنا التي أنهكتها الأوجاع وسلام على وطن لا يستحق منا كل هذه المعاناة
إن العاقل يحار ويتألم عندما يرى الأمة العربية قد دخلت بوابة القرن الحادي والعشرين بجسد ممزق أرضا وشعوبا يئن تحت سياط الأعداء وتبدل الحال إلى الأسوأ وألقى كل من سايكس و بيكو بظلالهما الحالكة فوق تراب الوطن العربي وغرست إسرائيل خنجرا مسموما في قلبه والوحدة العربية قتلها المستعمرون الجدد وزرعوا مكانها بذور القطرية وحيل بين الجماهير العربية وأعدائها في كل مواجهة جرت فكانت الهزيمة تلو الهزيمة وعندما وقف الشرفاء من أبناء الأمة يدعون إلى لم الشمل ورص الصفوف وتوحيد قوى الأمة كان يحاط بهم ويقتادون إما إلى المقابر وإما إلى الدهاليز أما سواد الناس وعامتهم من طنجه حتى عدن فلم يعد همهم سوى الظفر برغيف العيش والماء والدواء
أما الكلمة المقاتلة فقد انكسر سيفها
من أين سنأتي بزمن يتوهج فيه المد القومي والأممي وتتراجع فيه قوى الشر؟
بعد أن غيب الردى العديد من أحرار الأمة وشرفائها أمثال جمال عبدالناصر والسادات والملك فيصل
لقد تبدلت الخرائط وتغيرت المواقع والأسماء واختلطت الأمور ودفنت لاءات الخرطوم وانهارت حصون المقاطعة العربية وألغيت معاهدات الدفاع العربي المشترك ووقفت تصارع الأنواء والرياح العاتية
غير أنني أرى الخلاص على يد الجيل القادم من أبناء أمتنا إن أحسنا تربيته وإعداده ولم لا نحسن ذلك ونحن نمتلك مفاتيح تربيته آباء وأمهات ومدارس وجامعات إن الجيل القادم أمانة في أعناقنا جميعا علينا أن نتعهده ونشحنه بطاقات إيمانية ونزعات قومية وتوجهات إنسانية ونبصره بأهمية دوره في حماية الوطن ورفع راية الأمة بيد تبني وعين ترقب الأحداث ويد أخرى تحمي
أيها الآباء والأمهات أيها المعلمون والمعلمات إن أبناءنا خلقو لجيل غير جيلنا فزودوهم بكل ما أوتيتم من علم هذبوا أخلاقهم حصنوهم ضد وسائل الإعلام المعادية علموهم ألا ينخدعوا بكل ما يسمعوا وألا يصفقوا لكل ما يقال علموهم كيف يميزون الغث من السمين علموهم من هو عدوهم الحقيقي علموهم أن يحصنوا بيوتهم وعقولهم وأن يلقوا بما ران عليها في مكبات التاريخ علموهم قول الكلمة التي عجز جيلنا عن قولها و حمل الرسالة التي تقاعس جيلنا عن حملها فوالله إني لأرى في حقائب كتبهم رجالا أحرارا وألمح في بريق عيونهم إشراقة أمل ستعيد أمجاد أمتنا الغابرة وستعيد لها مكانها بين الأمم الحية والمبدعة كما كانت بل وأفضل من قبل
التعليقات مغلقة.