بقلم – الدكتور عادل عامر
ان فشل الدولة الليبية سوف يشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها ويزعزع الاستقرار في شمال إفريقيا ويفاقم أزمة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، كان هذا جزءا و دور الداعمين الأجانب في إطالة أمد الصراع وحالة عدم الاستقرار، وهو ما قد يشكل تهديدا على الحدود الجنوبية لأوروبا.
أن خياري الاستعانة بدول أخرى أو دعم رجل قوي في ليبيا، سيؤديان إلى الفشل وتفاقم الأزمة، لان إنهاء الحرب الأهلية سيمهد لهزيمة جماعات السلفية الجهادية في ليبيا. بذلك يعتبر تدخل الولايات المتحدة الان بالتدخل الذكي في الأزمة الليبية واستخدام القوة الناعمة لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد، وغلق الثغرات في الحكم المحلي أن ذلك قد يتطلب نشرا محدودا للقوات العسكرية الأمريكية في ليبيا لتحقيق الاستقرار بالمناطق الرئيسة وتدريب القوات الليبية. بسبب تعقد للأزمة الليبية إلا أن الأوضاع في البلاد لم تبلغ درجة الصراعات في سوريا أو اليمن أو العراق ولا حتى الصومال أن القليل من الموارد قد يكفي لوضع استراتيجية شاملة في ليبيا تنهي تهديدا خطيرا للأمن الأمريكي والأوروبي، وتضمن استقرار دول شمال إفريقيا لأنهاء التدخل الإقليمي والدولي في ليبيا ودعم طرف على حساب آخر واستمرار الحرب الأهلية، سيطيل أمد الصراع ويؤخر الاستقرار
لذلك نري دعم الحل الليبي ونستبعد التدخل الخارجي ونحث على الاقتصار على الوسائل السلمية سبيلا ناجعا للخروج من النفق المظلم. يأتي دعم الولايات المتحدة للرئيس السراج ولحكومة الوفاق الوطني و دعم المسار السياسي الحالي ورحب بتنمية وتطوير علاقات التعاون بين البلدين والدعم في مجال مكافحة الارهاب والتطرف لان الوضع السياسي الراهن والتحديات التي تواجه ليبيا، و حرب تنظيم داعش الإرهابي في سرت الليبية و الذي “كان انجازاً مشتركاً وقصة نجاح باهر في زمن قياسي” “ما خلفته الأزمة السياسية من انقسام حاد في مؤسسات الدولة وما يقوم به البعض من محاولات مستمرة لعرقلة مسار التوافق، والزام الجميع بالمنهج الديمقراطي والدولة المدنية وضرورة توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية”.
ان انهيار الدولة الليبية والمجتمع بعد 2011 سمح للجماعات السلفية الجهادية بالتسلل والاستيلاء على المجتمعات الليبية. ويزداد ملاذ السلفيين الجهاديين الليبيين نموا أكثر فأكثر حيث أن هذه الجماعات تقيم روابط أكثر استمرارية وسط استمرار عدم الاستقرار. إن تأمين السكان الليبيين ضد الحركة السلفية الجهادية يتطلب حل الصراع النشط وإغلاق الثغرات في الحكم والأمن على المستوى المحلي. يجب على الولايات المتحدة تحويل النموذج المشكل لسياستها لمكافحة الإرهاب من أجل منع التهديد المتفاقم من ليبيا ووضع المعركة الأكبر ضد الحركة السلفية الجهادية على طريق النصر.
لذلك اتفقا الطرفين على العمل المشترك أمنياً، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، بهدف استعادة الاستقرار إلى ليبيا. لان محاولات استغلال الفراغ الداخلي في لبيبا ومحاولات تحويل البلدين إلى بوابات ومعابر للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والجريمة العابرة للحدود، تُلقي على ليبيا «كلفة عالية».
ان امريكا رأت ان دعم الاتفاق السياسي كحل وحيد للأزمة الليبية حتى الانتخابات، وعلى استمرار التعاون الاستراتيجي من أجل استقرار ليبيا، وبالأخص في مكافحة الإرهاب، ودعم الاقتصاد وإعادة الإعمار.
لإنهاء حالة الانقسام والاستقطاب السياسي في ليبيا، ومكافحة الإرهاب ونبذ التطرف، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، والتداول السلمى للسلطة وذلك في إطار الجهود المصرية المستمرة لترسيخ المصالحة الوطنية في ليبيا ، على خارطة عمل تكون خطوتها الأولى هي عودة الوفدين لاطلاع قواعدهما الاجتماعية على مجريات المشاورات الحالية والمقترحات، مع الأخذ بعين الاعتبار سبل معالجة القضايا والمطالبات الحقيقية والجدية المطروحة من الجانبين، بما يضمن نجاح الخطوات التالية وفق جدول زمنى وآلية للقاءات القادمة بهدف الوصول إلى مصالحة حقيقية تعزز سبل العيش المشترك بين مكونات الشعب الليبي ، وتنهى حالة الاستقطاب، وتعيد لليبيا وحدتها الاجتماعية . وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها وسلامتها، والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي، وحرمة الدم الليبي وتعزيز المصالحة الوطنية، والعمل على إعادة بناء الدولة الليبية ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها، ورفض وإدانة جميع أشكال التدخل الأجنبي، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب.
مع الالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمى للسلطة ، والتوافق وقبول الآخر ، ورفض كل أشكال التهميش والإقصاء لأى طرف من الأطراف الليبية، وتهيئة المناخ المناسب للتهدئة عبر المنابر ووسائل الإعلام ووقف حملات التأجيج والفتنة وصولاً لمصالحة وطنية حقيقية .
و نبذ ومكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، وتثبيت سلطة الدولة وتسليم المطلوبين للعدالة، وإدانة كل صور وأشكال الإرهاب أينما وجد، ودعم جهود مكافحة الإرهاب بكل المدن الليبية، وبحث سبل إيجاد آلية للتعويض عن الأضرار التي لحقت نتيجة هذه الأعمال .
بذلك يأتي هذا الوعد الامريكي في تخفيف حظر على السلاح التي تفرضه الأمم المتحدة، بحيث تستثنى منه بعض أفرع الجيش. فروع الجيش مثل الحرس الجمهوري وخفر السواحل”. وللحكومة الليبية، أن تستورد أسلحة ومعدات مرتبطة بها بموافقة لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي، تشرف على الحظر الذى تقرر عام 2011. أن ليبيا تواجه العديد من التحديات المتعلقة بالتطرف والارهاب. “لكن هناك تحديا آخر تواجهه ليبيا وهو الافتقار إلى القدرات والوسائل، بالإضافة إلى حظر الاسلحة
يٌذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد ساعدت قوات “البنيان المرصوص” التابعة لحكومة الوفاق في محاربته لتنظيم الدولة في سرت التي كانت معقل تنظيم الدولة. وقد شن الجيش الأمريكي ما يقرب من 500 غارة جوية ضد التنظيم في المدينة الساحلية، الواقعة في منتصف الطريق بين طرابلس وبنغازي. كما استهدفت غارة، في يناير الماضي وسبقت مغادرة الرئيس باراك أوباما لمنصبه تجمعا لداعش في ليبيا، مما أسفر عن مقتل 85 مقاتلا.
أن مصر تولي مسألة حل الأزمة الليبية أهمية خاصة، وهي حريصة على إرساء الأمن والاستقرار في كافة المناطق الليبية. لذلك اتي توافق التوجهات المصرية والأمريكية فيما يتعلق بضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا، وأهمية مواصلة التنسيق بين البلدين في جهود التسوية السياسية في ليبيا.
ما الذي يمكن القيام به؟:
يجب على الولايات المتحدة تنفيذ استراتيجية لحل الأزمة السياسية الليبية و إغلاق فجوات الحكم و الأمن على مستوي دون الدولة. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى إزالة الأوضاع الكامنة وراء عدم الاستقرار الإقليمي ونمو الحركة السلفية الجهادية. ويتطلب الأمر إنجاز خمس مهام رئيسية:
- دعم التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض لإيجاد هيكل مقبول للحكم والأمن؛ • تحديد وتدريب وإرشاد ومساعدة القوات الشريكة الليبية في تدمير التهديدات السلفية الجهادية وتأمين الأراضي والمجتمعات الليبية.
- تمكين المجتمعات المحلية من عزل الجماعات والأفراد السلفيين الجهاديين.
- إلغاء حوافز الجهات الفاعلة لمواصلة النزاع؛ و
- الضغط على الدول الإقليمية لوقف المشاركة العسكرية ودعم تسوية سياسية شاملة. المداخل الأخرى ستفشل. تفويض مشكلة ليبيا إلى الحلفاء والشركاء سيستمر بالفشل بسبب الدور الذي تلعبه المنافسة الجيوسياسية في إدامة الصراع الليبي.
كما أن دعم رجل قوي في ليبيا سيفشل أيضا لأنه سيعزز المظالم التي تعزز الحركة السلفية الجهادية وتفيد خصوم الولايات المتحدة من أجل الحصول على استقرار على المدى القصير. وستثبت هذه الاستراتيجيات القصيرة الأجل أنها مكلفة على المدى الطويل لأنها تتطلب دورة مستمرة من التدخل الأمريكي لمواجهة التهديدات الدائمة.
ويجب ألا يحجب هذا التركيز إرادة الشعب الليبي أو اهتماماته، التي تعتبر حاسمة لنجاح استراتيجية ترتكز على حل الصراعات وإدارتها. كما أن تحديد حجم و مكونات القوة المطلوبة يتجاوز نطاق هذا الجهد التخطيطي.