أردوغان وورقة الإبتزاز
بقلم دكتور – هشام فخر الدين
لاشك أنه أصبح من الواضح بجلاء الارتباك التركى والتخبط من جانب أردوغان، الذى أضحى يواجه العديد من المشاكل والصعوبات فى الداخل والخارج، فعلى المستوى الداخلى يواجه المعارضة على الرغم من اتباعه سياسة دكتاتورية، تتمثل فى القمع والقتل والسجن للشعب التركى ومعارضيه، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التى تنذر بإنهيار الاقتصاد التركى وارتفاع معدلات التضخم لأرقام غير مسبوقة، إذ انخفضت قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، وارتفعت معدلات البطالة، فضلًا عن ارتفاع أسعار المحروقات، والمواد الغذائية الرئيسية.
وعلى الجانب الآخر انخراط تركيا فى معارك عسكرية لدعم الإرهاب محاولة تحقيق حلم الزعامة التركى، ذلك الحلم الذى لا يتعدى كونه حلماً لرجل فقد عقله وقمع شعبه ودعم الارهاب باسم الدين، فتركيا على وشك كارثة فى سوريا، حيث يحصد الدكتاتور التركى ما زرعه، وقد تجاوز مسألة الحرب بالوكالة ليدخل فى مواجهة مباشرة مع الجيش السورى.
فقد ألقت تركيا بثقلها خلف المعارضة فى سوريا بعد عام 2011، ومن بينهم جماعات إرهابية، إلا ما نراه الآن فى شمال غرب سوريا لم يعد حربا بالوكالة، فهى مواجهة مباشرة بين تركيا وسوريا، وتهدد بجر أنقرة بدرجة أعمق فى مواجهة عسكرية مع روسيا، حليفة الأسد الأساسية، وآخر خسائره مقتل 33 جندى تركى يوم الخميس الماضى فى إدلب من قبل الجيش السورى.
ويحاول أردوغان تحويل أزمة اللاجئين السوريين إلى سلاح لجعل الاتحاد الأوروبى يخضع لإرادته، ثم الفوضى والبؤس على حدود تركيا واليونان، وبشكل لا يثير الدهشة تزايد المعارضة الداخلية بسبب المستنقع السورى.
وقد بدأت محاولات أردوغان باستغلال ملف المهاجرين وابتزاز أوروبا لتحقيق مكاسب سياسية ومالية جديدة تثير حفيظة القارة العجوز على الصعيدين السياسي والإعلامي، وفي مواجهة هذا الابتزاز الذى وصفه البعض بأنه فاشل ولا فائدة منه، تعالت الأصوات بضرورة معاملة تركيا بالمثل وإعادة المواطنين الأتراك في أوروبا إلى وطنهم الأصلى، والاتفاق على المقايضة.
فتحركات أردوغان سواء فى دعمه التنظيمات الإرهابية في سوريا، أو عدوانه المتواصل على أراضيها ومحاولاته المستمرة لإضفاء الشرعية على هذه الاعتداءات بالضغط على أوروبا بشتى الوسائل، أصبحت مكشوفة أمام الجميع، فبينما تتواصل خسائره وخسائر الإرهابيين، فإنه يحاول البحث بشكل محموم عن أساليب ملتوية يراوغ بها للخروج من مأزقه، ويحفظ ماء وجه أمام الشعب التركى المقموع والمقهور.