مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أحمد غزاله يكتب وفـاة الطبيب الإنسان ، وميلاد الطـبـيـب الـتــاجـــر

بقلم أحمد غزاله 
أصدقائي القراء ، أتناول معكم في هذا المقال نظرة حول مهنة الطب وأحوال الكثير من الأطباء في ممارستهم لهذه المهنة العظيمة ، وكان من أهم أسباب مكانة هذة المهنة منذ قديم الزمان ،ما كان يتمتع به الأطباء من إنسانية بالغة في ممارسة هذه المهنة ، والتي كانت تصل بالطبيب لدرجة الملائكية حتى وصفهم الناس ( بملائكة الرحمة ) ، ولكن بكل أسف جاءت ممارسات وسلوكيات الكثير من الأطباء ، والمراكز الطبية الخاصة ، لتحكم بالإعدام على إنسانية مهنة الطب ، بعد تحولها إلى عمل تجاري بحت ، يستهدف معه الأطباء في المقام الأول تحقيق أعلى إيراد مادي ، لا تقديم أفضل خدمة طبية ، مستغلين في ذلك آلام المرضى وأوجاعهم وتعلقهم بالشفاء ، فيبالغ الأطباء أحياناً في مطالبهم الماديه ،وتبالغ المراكز الطبية الخاصة في أسعارها وفواتيرها ، والتي وصلت أحياناً مع كثير من تلك المراكز لمرحلة التجارة الصريحة، فأصبح المريض يجد نفسه أمام معاملة تجارية تسعى لتحقيق الربح أولاً ، لا تقديم أفضل خدمة طبية لعلاج المريض ، ليعلن بذلك وفاة الطبيب الإنسان، واستقبال السوق لنوع جديد من التجار ، ولكن بكل أسف التجارة هنا بآلام الناس وأوجاعهم ، بل وتأتِ أحياناً المبالغة في السلوك التجاري حيث أعلنتها بعض المراكز الطبية بكل صراحة أسعارنا نهائية فلكل شيء لدينا تسعيرة ، والدفع مقدماً ، ولا يوجد لدينا فصال لعدم الإحراج ، وهناك مراكز أخرى حقيقة تتمتع قليلاً بسماحة بعض التجار وتقبل الفصال في الأسعار ، ولا يتوقف الأمر عند حد المبالغة في الأسعار ، بل تجد في أنواع الدعاية للكثير من الأطباء والمراكز الطبية ما هو مضحك مبكي ، عندما يعلن الكثير من الأطباء وبعض المراكز الطبية عن عروض في الأسعار، وتجد الطبيب يشطب على السعر القديم ويعلن السعر الجديد بعد العرض ، والأكثر ضحكاً من ذلك عندما رأيت أثناء مروري بأحد المدن الكبيرة ( تحديداً مدينة المنصورة )، أحد مراكز الحقن المجهري وقد وقف الطبيب في لوحة دعائية يحمل الأطفال علي يديه ، ويكتب في دعايته (معنا يتحقق حلم الأمومة )، وبأفضل الأسعار ، ويوجد لدينا نظام للتقسيط ، في محاولة لجذب أكبر قدر ممكن من العملاء ، لدرجة أنني استشعرت أنها لوحة دعائية لمحل لبيع الأطفال ، ولا يتوقف الأمر على ذلك بل نجد أحياناً هناك الكثير من الإتفاقات المبرمة بين بعض الأطباء وبعض الصيدليات لتوجيه المرضى لشراء الأدوية من عندهم ، وكذلك توجيه المرضى لإجراء أشعة وسونار وتحاليل لدى مراكز طبية معينة ، مقنعين المرضى بأنها أفضل المراكز وأنه لا يثق إلا بنتائجهم ، وذلك حسب الإتفاق بينهم ، وقد يكون بمقابل مادي أو مجاملة لهذه المركز الطبية على أن تٌرد إلينا غداً ، والضحية هنا ذلك المريض المسكين فهو الذي يدفع ثمن هذه المجاملات ، فحقيقة ممارسات تحط من قيمة صاحبها .
،و أنا لست ضد تكسب الطبيب من مهنته ، وتحقيقه لعائد مادي يكفيه وأسرته ليعيش حياة كريمة ، فهو أيضاً إنسان ولديه متطلبات حياتية ، ولكن أنا ضد الممارسات المادية المبالغ فيها والتي لا يعني القائم بها سوى العائد المادي فقط . .
وختاماً أهمس في أذن الكثير من الأطباء وأصحاب المراكز الطبية والمستشفيات الاستثمارية ، بهذه الكلمات ( الطب علم وليس تجارة ، والطبيب مهنة نبيلة وإنسانية ، وأساس عمل الطبيب الإنسانية والرحمة ، فمهنتكم تتعلق بحياة الناس ، وتساعد في التخفيف من آلامهم وأوجاعهم ، فحافظوا على ثوب الأطباء الأبيض من كل ممارسة تسيء إليه ، وحافظوا على أخلاقيات مهنة الطب ، والتي تتطلب من الطبيب أن يكون ذو قلب رحيم مع مرضاه )، وإلى اللقاء مع القاريء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله .

التعليقات مغلقة.